الحل الوحيد للخلاص من الفساد

 

كثيرة هي الاصوات الحاقدة وكثيرة هي الانفس المريضة والاكثر منها الاصوات المشككة  والمتخاذلة, والمتباكية التي أبت الا العودة بنا لنقطة الصفر, ولكن في المقابل علينا الالتفات الى  حقائق تمثل ثيمة الزحف نحو المستقبل الذي نريد,ودعكم من الغربان التي تنعق فوق الخراب بحرارة ومرارة , فهناك حزمة من الاولويات يجب على الشعب العراقي من الوقوف عندها والتسائل عن اسباب تجاهلها او غض الطرف عنها  في كل قضية يحتدم النقاش فيها ,وفي كل محاولة آثمة لنخر جوهر التغيير ,ربما باسلوب مقبول لدى البعض لاسيما ومبررات طرحها متوفرة وبكثرة في ارض الواقع , فساد, ارهاب , طائفية , صراعات على المناصب وغيرها من المحبطات التي يسوقها من يحاول ترسيخ المشروع التخريبي الممنهج والمُعد بعناية لنسف كل شي ,من هذه الاولويات , الديمقراطية ,الانتخابات, الحرية, امكانية تداول السلطة, وغيرها من الممارسات الرائعة التي جاءت بعد سقوط البعث, ومايترتب عليها من بناءات كنظام الحكم ,ومصير وامن البلاد ومستقبله ,فمن من العراقيين المخلصين لم يكن يحلم بان يعيش تحت ظل الديمقراطية ؟ ويمارس حياته وطقوسه بحرية كاملة ,ومن منهم لم يكن يحلم بحياة هادئة ؟ بلا حروب ومغامرات وشعارات كاذبة لم تقدم منذ عقود اي حلول واقعية لحالة البؤس والحرمان  في العراق!!.

فالهدف الجوهري للفوضى ياسادتي , ليس المال والمناصب وليس اقامة دولة " اسلامية " مفخخة  كما يدعي المنافقون, وليس رد حقوق المهمشين,ـ ونصف الحكومة لهم ,ومحافظاتهم يحكمونها بأنفسهم ـ وليس محاربة الاجنبي والهيمنة الخارجية ونحن لم نخلص الا بقوة خارجية للاسف بسبب فرقتنا وطائفية وتعجرف بعضنا وغباء البعض الاخر!! بل الهدف الاهم والرئيسي لكل المطبلين والمجاهدين بعد 2003 والافاعي المتلونه ,هو تحطيم مستقبل العراق وحياة شعبه المظلوم, كي يبقى يعاني شظف العيش والحرمان والجوع والفاقة ولايتمتع بابسط مقومات الحياة الادمية, ويظل المنتفعون وتجار الدم والحروب ينعقون في الاعلام بالشعارات الاستهلاكية ذاتها التي سمعناها منذ الولادة ولحد هذا اليوم , فالذي سقط هو نظام تعسفي وقمعي , وليس جمهورية افلاطون!! ولا مدينة الفارابي , ولا اليوتوبيا ,التي يحلم بها الفقراء , فهل يستحق هذا التاريخ الاسود والمترع بدماء ابنائنا!!؟ كل هذه الفوضى العارمة وكل هذا الموت الجماعي والمفخخات والجرائم المنظمة!!!.

هناك امل رغم كل المنغصات والمحبطات والاسئلة التفحيطية,الدائرة سوى في سوق الصفافير "الاعلام" ام في سوق الهرج السياسي ,وهناك كوة صغيرة في خيمة الظلام التي نشرها الخاسرون فوق رؤوسنا يطل منها  الضوء رغم انوفهم مهما كان بسيطاً ,ويكفينا عزاءاً ان النجاح ممكن والتغيير ممكن جدا, ليس اليوم وليس غداً ,وهناك بارقة امل تلوح لنا ,لكن متى؟ عندما تستوعب العقول والارواح قيمتها واهميتها,وعندما يصل العراقيون الى قناعة مفادها ان لاحلول الا بالحوار ,ولا تغيير الاعبر صناديق الاقتراع وبها فقط يتحسسون ارواحهم حرة ونقية وصادقة ويغسلون قلوبهم العليلة من ادران الماضي رويداً رويداً ,وكل هذا لايحدث الا بنشر ثقافة الاختلاف وقبول الاخر والرضوخ لمفهوم التعايش السلمي ,فكما لدينا الحق بالكلام والنقد وكما لدينا حرية الرفض والاعتراض سلمياً , يمتلك الاخر نفس الحق وذات الحرية دون شرط او قيد, وهذه المسؤولية تقع على عاتق النخب والشباب الواعي والرسالي .

 ولكن كيف سنصل الى ذلك ؟ اقول بان التعديل بايديكم حتى لو كان بطيئا ومزعجاً,فان ياتي النجاح المطلوب متأخراً خير من لاياتي ابداً,وبدل من اعادة تدوير النفايات السياسية في البرلمان والحكومة عليكم السعي وبحرص ومتابعة للدفع بتشريع  بعض القوانين الحيوية وعدم تشتيت الجهود وخلط الاوراق لانها من ادوات مشروع اعدائكم التدميري فبعض الجهات اصبحت ماهرة في هذه اللعبة القذرة,والابتعاد عن التعاطف مع اي جهة سياسية لاتتبنى طموحاتكم بالوصل للهدف المنشود,فبدل المطالبة بكل شي وفقدان كل شي , طالبوا في هذه المرحلة مثلا من النواب المرشحين تشريع قانون الاحزاب,ليسقط المتأمرين والمرتزقة والاحزاب التي بُنيت خصيصا لتدمير العراق, وطالبوا بتشريع قانون النفط والغاز حتى تُقطع ايادي اللصوص, وفي الانتخابات اللاحقة اسقطوا من يتاجر بدمائكم ومن يشكك بالحرب المقدسة ضد الارهاب الذي يفتك باهلنا, وطالبوا بقانون لتحديد امتيازات البرلمانيين والمسؤولين وبأثر رجعي, واللاحقة بقانون ينظم طبيعة التعامل مع الاقاليم ,وهكذا في كل دورة ان استطعنا فرض بعض القوانين, سنثقف البرلمان تدريجياً من الفاسدين والمفسدين, ونعدل من الانحراف الحاصل ماأستطعنا الى ذلك سبيلا, ولكن ضمن خطة محكمة ومدروسة وذكية, والا سنبقى ندور في افلاك الساسة المخاعين والكذابين والاعلام المأجور بكل انواعه.