صدام في ذاكرة العراقيين!!

هناك رؤوساء مروا مرورا عابرا في ذاكرة شعوبهم ليس لعدم أهميتهم بل لأن فترة حكمهم أتسمت بالهدوء على المستويين الخارجي والداخلي ولم تقع في فترة رئاستم أية حروب وأحداث سياسية كبيرة مؤامرات أنقلابات أو كوارث عالمية من أمراض وأوبئة وزلازل وما الى ذلك، أو أنهم أصلا ميالين الى الهدوء في سياستهم ولا يتدخلون في شؤون دول الغير ونجحوا في أقامة أحسن العلاقات الطيبة مع الدول المجاورة لهم تحديدا ومع باقي دول العالم على وجه العموم وذلك بأنتهاجهم سياسة السلام وأتخاذ المواقف المتوازنة طيلة فترة رئاستهم، فمثل هؤلاء الرؤوساء أراحوا وأستراحوا!. فذاكرة الشعوب دائما ما تختزن ذكريات وصورللرؤساء الذين لعبوا أدوارا بطولية في حياة شعوبهم في أوقات الحروب والكوارث و حسب مجريات الأحداث العالمية، فذاكرة الشعوب لا يمكن أن تنسى رؤوساء مثل ( الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين- الرئيس الأمريكي روزفلت- الزعيم الألماني أدولف هتلر- ورئيس وزراء بريطانيا الأشهر تشرشل) لكونهم لعبوا ادورا مميزة فترة الحرب العالمية الثانية وتركوا بصمات واضحة في تاريخ بلدانهم سلبا أم أيجابا ، خيرا ام شرا. وأيضا يمكن القول نفسه على (الزعيم الهندي المهاتما غاندي والزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا والزعيم العربي القومي جمال عبد الناصر والجزائري هوار بومدين والزعيم العراقي عبد الكريم قاسم ورئيس وزراء العراق الأبرز أبان العهد الملكي نوري باشا السعيد الشخصية المثيرة للجدل) ، فهؤلاء تركوا بصمة كبيرة ومميزة في ذاكرة شعوبهم بسبب ما رافقت فترة رئاستهم من أحداث داخلية أو خارجية وبسبب مواقفهم الوطنية من تلك الأحداث. بعد هذه المقدمة نقول مر يوم (9/4/2014 الفائت ذكرى أسقاط تمثال الرئيس العراقي السابق صدام حسين) مرورا عاديا في حياة غالبية العراقيين ألا من وسائل الأعلام التي أعادة عرض لقطات عن الكيفية التي أسقط بها التمثال في ساحة الفردوس بعد سحبه بدبابة أمريكية والذي صادف في مثل هذا اليوم من عام 2001، حيث لم يعد هذا اليوم مهما لدى العراقيين! ليس لمرور فترة طويلة عليه بل لكثرة الحوادث التي مرت ولا زالت تمر على العراقيين وما سينتظرهم من مستقبل هو أقرب الى المجهول منه الى المعلوم فظروف حياة العراقيين المتعبة أصلا منذ ثلاث عقود مضت وما مر بهم خلال الأحد عشر عاما من بعد سقوط نظام صدام والبعث من هموم أنستهم الكثير من تفاصيل حياتهم اليومية (حتى باتوا لا يتذكرون ما هي وجبة فطورهم وغدائهم!!) وهم يعيشون حالة من الخوف المزمن! لا سيما وهم يتوقعون بأن الأيام القادمة حبلى بالكثير من الأحداث ليس على مستوى العراق حسب ولكن على مستوى المنطقة. وبقدر ما فقد الحدث أهميته وبريقه الآن! ألا أن صداه كان كبيرا في حينه فكان أشبه بزلزال كبير ضرب المنطقة وظهرت بعد سنوات أرتداد ذلك الزلزال على بقية دول المنطقة ! لأن سقوط صدام حينها حمل رسالة واضحة الى بقية الزعماء العرب بأن هذا المشهد سيتكرر مع كل واحد منكم وكل حسب مانراه من طريقة له!! فنحن من صنعناكم وأجلسناكم على هذه الكراسي ونحن اولياء نعمتكم ونحن من نزيلكم عنها وقت ما نشاء وكان ذلك فعلا في أحداث ما يسمى (الربيع العربي)!!!.وعلى الرغم من حالة النسيان واللامبالاة التي صار عليها العراقيين بسبب ما آلت أليه أوضاعهم من سوء وخراب ودمار وخوف، ألا أن ذاكرتهم تلقي باللائمة على فترة حكم البعث وصدام حيث يعتبرون ما يمر به العراق من تدهور وخراب على كافة الأصعدة هي من تداعيات حكمه الأسود الذي أصطبغ بلون الدم حيث الأعدامات والحروب والأغتيالات والتصفيات والمؤامرات ثم أن العراقيين يحتفظون بذاكرتهم قوله اللئيم والذي يدل على ما يحمله من نفس شريرة وأنانية ( بأن الذي يستلم العراق بعدنه يستلمه تراب!!)، ولذا ينسب الكثير من العراقيين وليس الحكومة حسب الكثير من أعمال القتل والتخريب والدمار الى البعثيين وخاصة في الأحداث الجارية في الأنبار والفلوجة! حيث يقود الكثير من ضباط النظام السابق المعارك هناك!!، كما نشرت أحدى الصحف خبرا مفاده بأن عددا من الشباب والطلاب في محافظة تكريت أقتحموا الجامعة وهم يهتفون بالروح بالدم نفديك يا صدام يوم 9/4!!. وعلى الرغم من أن لكل فترة سياسية مرت بالعراق منذ قيام دولة العراق عام 1921 ظروفها وتداخلاتها وملابساتها وما أنعكس ذلك من سلبيات وأيجابيات على العراق، ألا أن العراقيين يجمعون على أن فترة حكم البعث الأولى من (شباط 1963- تشرين 1963 ثم فترة الحكم الثانية من 1968 – ولحين سقوط النظام عام 2003 ، وتحديدا فترة رئاسة صدام للعراق عام 1979) من أسوء الفترات التي مرت بالعراق حتى أطلق على جمهورية العراق اسم (جمهورية الخوف) وصدر كتاب يحمل الأسم نفسه(جمهورية الخوف / تأليف سمير الخليل/ ترجمة أحمد رائف/ الطبعة الثالثة/ 1991 )!!. حيث أتسم حكم البعث وصدام تحديدا بالعنف والدم والحروب والموت والمقابر الجماعية والتسلط والأعدامات والأغتيالات والتصفيات و المؤمرات (مؤامرة قاعة الخلد عام 1979 حيث ذبح فيها اكثر من 25 من كبار قادة الحزب ليخلو له الجو!). نقول حقا كما قال الأمام علي (ع) (من طلب العز بباطل أورثه الله ذلا بحق) أن صدام طلب العز بباطل فاورثه الله ذلا بحق، فسلط عليه الأمريكان الذين هم أكثر منه نذالة وخسة عندما أخرجوه من جحره كفأر يرتجف خوفا! بشعره الأشعث وملابسه البالية فكان شكله اقرب الى الشيطان منه الى الأنسان!! تلك الصورة التي شاهدها العالم كله ولا يمكن نسيانها أبدا!، وكما تختزن ذاكرة العراقيين هذه الصورة كذلك تختزن صورته داخل زنزانته قبل أعدامه وهو يغسل ملابسه الداخلية!! بعد ال(66 قصروالخدم والحشم وحياة الأباطرة). أضافة الى صورته وهو يصعد الى حبل المشنقة وكيفية أعدامه. أخيرا نقول: لم يترك صدام والبعث أثرا طيبا في نفوس العراقيين وذاكرتهم فقد كان صدام وحزبه عنوان للدكتاتورية المقيتة وحكم القرية والعشيرة وعنوان لتدمير بنية الأنسان جاء في الحديث القدسي (الأنسان بنيان الله ملعون من دمره) فقد ترك الكثير من صور الماسي والخراب والدمار، وعلى الرغم من صورة الحكم المهلهل من بعد صدام والبعث ألا أن غالبية العراقيين بما فيهم الكثير من البعثيين من صرحوا بذلك لا يذكرون لصدام وبعثه أي خير ويعتبرون صدام والبعث هو السبب الرئيس وراء كل ما يجري في العراق بسبب من سياسته الرعناء التي جلبت كل الشرور على العراق وشعبه وفتحت عليه أبواب الجحيم التي لا تغلق حتى على المستوى البعيد!!، حتى يذهب البعض الى أبعد من ذلك بأن صدام بسياسته الغبية وعنجهيته الفارغة هو من أضاع العراق والأمة العربية!!. صدام لم يترك وراءه ورده! كما يقول المثل الفرنسي( أذا تركت مكانك فأترك فيه وردة)، القصد هنا هو الذكرى الطيبة والعمل الصالح لوطنه وشعبه. والسؤال هنا: هل سيتعض سياسيوا المرحله الحالية وحكامها من سياسة صدام؟؟ وبأعتبار الملك زائل لا محالة! فهل سيتركون ورائهم وردة كما المثل الفرنسي! تذكرنا بعطرهم الطيب وعملهم الصالح؟؟!. هذا ما نتمناه!.