على واجهات الاعلام والتصريحات، عابرة الكواليس، لا أحد يحبذ تأجيل الانتخابات عن موعدها، الثلاثين من الشهر الجاري. معارضو المالكي (رئيس مجلس النواب) يسوّقون التبرير التالي: ان رئيس الوزراء نفسه يفضل تأجيل الانتخابات، لأن ذلك يضمن له تحوّل حكومته الى حكومة تصريف اعمال، ويعني ذلك تحرره من قيود ورقابة ومرجعية البرلمان حيث وصلت العلاقة بينهما الى نقطة المواجهة في اكثر من ملف، واصبح البرلمان-والقول للمعارضة- شوكة في خاصرة المالكي. اما كابينة رئيس الوزراء فانها تطالعنا بالقول ان المعارضين يشعرون بالحرج وتراجع وتشتت قاعدتهم التصويتية، لذلك يدفعون الامور الى تأجيل الانتخابات بانتظار حلول الوقت الانسب لإجرائها، درءا لهزيمة مؤكدة، وهروبا الى الامام-يقول المعارضون- قدما حتى اشعال الفتنة الطائفية. معسكر المالكي ينفي سعيه الى تأجيل الانتخابات ودفعه الامور الى تعويم السلطة التنفيذية بواسطة حكومة تصريف الاعمال، قائلا، ان الوقت مناسب جدا لكي يحصد إئتلاف دولة القانون نتائج يطمح لها قد لا تتوفر في اي وقت آخر، اما معسكر رئيس مجلس النواب فانه يؤكد ان حظوظه في تحقيق اختراق في المعادلة السياسية والطائفية جيدة، الآن، ولا يريد ان يفرط بها. هذه هي الاطر التي تتحرك فيها السجالات بين الجانبين. في العلن، الجميع، الحكومة ومعارضوها، يعلنون التمسك بتوقيتات مفوضية الانتخابات، وان الاخرين يسعون الى عرقلتها، والتآمر عليها، والتهرب منها، وانها بعيدة عن شبهة الحفر من تحت الموعد الدستوري، لكن الذين يتابعون خفايا الاشياء، ونشاطات الكواليس يعرفون ان المعنيين بهذا السجال لا يستبعدون خيار التأجيل، وان هناك خطط وقائية لاحتواء هذا الخيار، بل والدفع سرا لتأجيل الانتخابات وتحميل المسؤولية على الطرف الآخر. وفي السر ايضا، يجري الفرقاء حسابات الربح والخسارة من تأجيل الانتخابات، حتى لا يتفاجأوا بالمحذور، ومنذ ايام تشابكت خطوط الاتصال والاعتراض، والتقط مراسلون اشارات غامضة عن اتفاق غير مكتوب بين معنيين ومراجع دولية يقرر مصير الانتخابات، واضاف البعض القول، ومصير الحكومة، والعامل الجديد هو مسعى رئيس الوزراء للحصول على صلاحيات استثنائية قد تسهل له تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ، فنشر، هذا العامل، الذعر بين المتنافسين، وتحسس البعض رقابهم.
“ الشجرة العاقر لا يقذفها أحد بحجر “. ليوبولد سنغور
|