التغيير بين الأدوات الخائبة والأدوات الفاعلة

 

تراكم الاخطاء تدعونا كثيراً للوقوف ومراجعة ما ترتكبه القوى السياسية المتصدية للعملية والأدوات التي تستخدمها.

اذا كانت الإنتخابات للتغير كما تدعو المرجعية، وصار هدفا بحد ذاته، فلن يتحقق بالأدوات السياسية المتصدية نفسها، وقد جربنا ووجدنا الخراب والكارثة تطحن الوطن.

إذ إن التوافق كأداة سياسية تنكبتها معظم القوى، هو نفسه من طعنت به وجعلته شماعة لتبرير الفشل الذريع، وعمل على إنهيار البلد والفرقة والشتات، يترامون الإتهامات وهم مسؤولون، ويتركون واجباتهم لمنافعهم، طموحهم لم يتوقف على ما حصلوا عليه، بل تحولت الدولة الى تقاسم مغانم وسلطوية والإلتفاف على حقوق الشركاء والشعب.

نتحدث ونريد أن يترجم الى فعل، والرأي العام يطالب، والمرجعية الدينية أشارت إن الإنتخابات للتغيير، ومادامه صار هدف بحد ذاته، فأين يكمن ومن أين نستدل عليه؟ ونحن نعيش تجربة والخراب والكارثة التي تحل بالوطن؛ فالعلاقة مع المكونات في أسوء الأحوال، مع الكرد والشيعة والسنة، والعنتريات السياسية قطعت العلاقات محليا وأقليميا وعالمياً، في نفس الوقت يتصدى مجموعة من الحزب الحاكم، كإن العراق بلا ديموقراطية، مقابل تنازلات ونفط مجاني وهبات لا يعرف مغزاها، من قوت شعب يتأخر ويقتل كل يوم، وحديث عن انقلاب في العملية السياسية بشكل ما.

كثيراّ ما نتحدث عن تراجع الدولة، ومقارنة أيّ بلد قريب او بعيد نلاحظ الفرق الشاسع، أيران مثلا تساوي العراق ما يزيد 5 مرات وذات بيئة قاسية بثلوج وجبال وصخور، موازنتها 70 مليار إستطاعت ان تبني خلال 4 سنوات الأخيرة، 4 ملايين وحدة سكنية بمعدل مليون سنوياً، ولا يوجد مواطن بلا سكن وهي في حالة حصار ، وسوريا تخوض حرباً عالمية موازنتها 5 مليارات ولا تزال تدفع الرواتب والمعونات حتى للعراقيين.

التحالف الوطني طلية الأربعة سنوات الأخيرة، يتحمل الجزء الأكبر من الفشل المهول، والإنحدار الأمني والإقتصادي والخدمي والسياسي، ودولة القانون هي من يمسك زمام الأمر، لم تعد كتلة من 89 نائب بعد إجتذاب قوى من التحالف الوطني والعراقية البيضاء ، وصار عددها يتجاوز 120 نائب، تتهم البرلمان وهي الأكبر.

الذاهب للإنتخابات كالذاهب الى السوق، يبحث عن خضروات ويضع لها شروط، ويعرف في البداية مصدرها، وخصائص فوائدها، وحينما يغشه البقال لا تنفع للطهي، وتذهب منفعتها وذوقها، ولا ينفع العسل المخلوط في مطابخ السياسة وحلاوة شعاراتها، وعلى المتبضع أن يفحص خضراوته من أخر يصلح ما أفسده سابقة، حتى لا يصاب بداء لا ينفع فيه داوء.

في التحالف الوطني قوتنان تسعى للتغير، ولابد من حشد الجماهير التي ذاقت الأمرين خلال الفترة المنصرمة، كي يتاح للمخلصين تدارك الأمور، وأعني التيارين الشقيقين التيار الصدري وشهيد المحراب، وتاريخهما الجهادي الضارب في عمق العراق، ولن يتحقق الاّ بتشابك الأيدي لخلق التوازن.

التحضير أكثر مساويء من نوع الغذاء، وإن لم ينبع من إرادة للصحة والحياة، يسبب الإنتفاخ ولا تنفعه كثرة التوابل ولا علاج في وقت متأخر.