لماذا يستهدف خوارج العصر... قناة المنار...! |
في ترجمة مستمرة ومتواصلة للحقد والجهل الذي يتمتع به عناصر الجماعات المسلحة الإرهابية، ولأن عدسة الكاميرا، وصوت الحق والحقيقة أرعبا خفافيش الظلام وخوارج العصر، فقد استهدف تكفيريو الوهابية الطاقم الإعلامي لقناة المنار اللبنانية، وقتلوا عن عمد وإصرار ثلاثة من الطاقم الإعلامي هم المراسل حمزة حاج حسن والمصور محمد منتش والتقني حليم علاو بعد تعرضهم لنيران الجماعات المسلحة في معلولا، المدينة الغافية في رحم التاريخ وأيقونة العالم المسيحي التي تحتفظ وحدها من بين مدن الدنيا بلغة السيد المسيح الأصلية (الآرامية). وإذا كان قتل طاقم قناة المنار الإعلامي الممنهج يتناول الإعلام المقاوم، فهذا يعني أن هذا الإعلام قد استطاع باستخدامه أسلحة الحقيقة بموضوعية ومهنية، ومصداقية، أن يسدد لحملات التزوير والتزييف طعنات نجلاء جعلت المشاهد والمستمع والقارىء داخل الوطن العربي وخارجه يدرك الحجم الهائل من خنق الحقائق الذي يمارسه حماة الإرهابيين ومعلموهم من حراس الزيت العربي، وحماة الكيان الصهيوني وقتلة الأطفال طوال تاريخ الصراع الوجودي مع العدو التاريخي للأمة. إنها شهادة تميز ـ يمنحونها ـ على رؤوس الأشهاد للإعلام الوطني المقاوم، من حيث لا يريدون، فقد دفعوا قطاعات واسعة وشبه حيادية أو مترددة من الرأي العام للتساؤل: ترى لو لم يقض الإعلام المقاوم الذي يتناوبون على العدوان عليه، مضاجعهم، ويفضح مخططاتهم، ويظهرهم عراة أمام شمس الحقيقة حول الصراع في الساحة السورية، فهل كانوا يواجهونه بهذه الحرب المسعورة والعدوان الصارخ؟! وللأسف المأسوف عليه، فجرائم التكفيريين البشعة ضد الإعلاميين المقاومين، يصنفها الإعلام الدموي ضمن إنجازات ''الثوار'' المزعومة، في حين يغمض هذا الإعلام الفاجر عينيه ويصم أذنيه عن صور وأخبار استشهاد الإعلاميين المقاومين وكأنه أخذ عهداً بالقضاء على الحقيقة ورواتها في سورية حتى يتسنى له ترويج أكاذيبه وفبركاته على أنها الحقيقة الوحيدة المتبقية. ولكن في مطلق الأحوال لم يكن استهداف الإعلام المقاوم بأبنائه ومؤسساته وكوادره بالأمر المستغرب أو غير المتوقع بعد أن شكّل هذا الإعلام والعاملون فيه على مدار الأزمة التي تعيشها سورية ظهيراً قوياً للجيش العربي السوري البطل الذي يفكك شبكات الإرهاب ويدك أوكارها ومعاقلها على امتداد الأرض السورية. فما هو الهدف ولماذا الخوف من قناة المنار اللبنانية، وهي لا تحمل مدفعاً ولا ذخيرة وكل ما تملكه هو الكلمة، والكلمة الصادقة الدافئة المحافظة على وحدة الأوطان ودفء علاقاته الإنسانية، خافوا منها أن تفكك فبركاتهم وتزرع الوعي في نفوس شعوبهم كافة كي لا يتضح أمامهم بُعد وغاية المؤامرة على الدول العربية.
فإعلام قناة المنار المقاوم كشف مستورهم، وأسقط أقنعتهم، وعرّى حقدهم وتآمرهم وارتهانهم لطباخي الحروب في البيت الأبيض، ولأنه صوت الحقيقة التي يخافونها، ومنبر الشرفاء والأحرار الذين لا ينصاعون لضلالهم، ولا يأبهون لمغرياتهم، ولا يخشون تهديدهم وفجرهم ووعيدهم، ولأنّه خط الدفاع الأول عن العروبة وسيف الحق المسلّط على رؤوسهم الفارغة من كلِّ شيء إلا من الشرّ والإثم والعدوان، ولأنهم جبناء وأفاكون ومهزومون وتجار حروب وأعداءٌ للحق، راعهم تطور هذا الإعلام المقاوم، وأخافهم، فقد برهنت قناة المنار وطاقمها الشهيد، وبالدليل القاطع زيفهم وزيف إعلامهم، ووضّحت بما لا يقبل الشك تورّطهم في إراقة الدم السوري وتآمرهم على العراق والبحرين واليمن...
ولأنهم أيضاً أعداء التاريخ وأعداء الحضارة وأعداء الإنسانية، لم يرق لهم نهج هذا الإعلام المبني على صدق المعلومة وأمانة الكلمة ووضوح الرؤية وشفافية الطرح ونبل الهدف، فصوّبوا سهام غدرهم على طاقمها الإعلامي وقتلوهم خلال تغطيتهم استعادة الجيش العربي السوري لبلدة معلولا، قتلوهم، لتخلو الساحة لأزلامهم في فضائيات الفتنة والتحريض كي ينفثوا سمومهم وأحقادهم ويضللوا الرأي العام عربياً ودولياً بفبركاتهم وأحاييلهم التي فنّد إعلام قناة المنار المقاوم بالصوت والصورة والكلمة المسؤولة بُعدها عن الحقيقة وغاياتها القذرة الرامية إلى إذكاء نار الفتنة خدمة لإسرائيل ومصالحها الاستعمارية في هذه المنطقة.
فقناة المنار اللبنانية على سبيل المثل لا الحصر، تمكنت وبكل جرأة واقتدار من فضح المؤامرة وتعرية المضللين الذين أساؤوا للشعوب العربية والإسلامية، وهي اليوم تدفع ثمن وقوفها إلى جانب قضايا الشعوب ووحدتها الوطنية. المفارقة الكبرى أن عربان اليوم ورغم امتلاكهم لمئات القنوات الفضائية التي تتاجر بالإسلام والعروبة وقضايا العرب وعلى رأسها قضية فلسطين، وحرصهم على تفريخ القنوات التي تسوق للفتنة والكراهية والقتل وتبث مشاعر الفرقة والإحباط في الجسم العربي، وتخرب بنيان المجتمع وتفسد أخلاقياته، رغم كل ذلك ضاقوا ببضع قنوات عربية تروج للعروبة والمقاومة وتقدم نموذجاً حضاريا للإسلام، ورأوا فيها عدواً حقيقياً وخطراً على وجودهم ووظيفتهم، فحاولوا بشتى السبل والأساليب وقفها، وأوكلوا لمرتزقتهم وعملائهم مهمة الاعتداء عليها وتصفية بعض العاملين فيها. فإلى أي درك وصل هؤلاء المستعربون، وإلى أي مستوى من الانحطاط يمكن أن يصلوا؟ ربما هو سؤال من الصعب الإجابة عليه طالما هم مستمرون في غيهم وانحدارهم. إن المعركة اليوم في أوجها بين الفكر الحر المتفتح المتسم بالوهج المقاوم، و بين الجهل، بين الحق والباطل، بين الصمود والاستسلام، بين الشرف والخيانة، وإن أشد أنواع القتل دموية، وإرهاباً هو قتل الكلمة، ففي كل الأزمنة الاستعمارية، كانت الكلمة مستهدفة، وكان أصحاب الكلمة مستهدفين.
نحن اليوم في زمن ثورات الثيران، نعيش استهدافاً ممنهجاً من قبل خوارج العصر، لقتل الكلمة المقاومة، لأن هذه الكلمة الإعلامية باتت أشد وقعاً على الغرب وأزلامهم ومسانديهم من رصاص البنادق، لأنها تفضحهم، و تكشف ارتباطهم بمشروع أمريكي صهيوني، تحت غطاء من المذهبية البغيضة، التي تنتمي إلى فلسفة صهيونية خطيرة تهدف إلى تفكيك الفكر الإسلامي، والفكر العروبي.
ومن أشد جبهات هذه الحرب اشتعالاً اليوم، هي جبهة الإعلام، و جنودها الإعلاميون الشرفاء من أكثر المقاتلين تأثيراً في مجرى الأحداث وانتصاراً للحقيقة والحق، ويقف معهم وإلى جانبهم المثقفون والكتاب والمفكرون الوطنيون.
اِن المرحلة المقبلة ستشهد تحديات أكبر أمام الإعلام وضغوطاً متزايدة على الإعلاميين والكتاب، مع ذلك، فصوت إعلام المقاومة، أو الإعلام المنحاز للمقاومة سيبقى قوياً ومؤثراً والأقرب إلى الناس والشعوب حتى مع ترجيح تصاعد الضغوط من قبل السلطات العربية والتضييق الدولي على أحرار وشرفاء الإعلاميين العرب. إن إحدى المسائل الهامة في إدارة الإعلام الوطني المقاوم، تكمن في الإجابة عمن هو العدو المشترك لوسائل الإعلام في سورية والمنطقة والعالم، وإذا كان كجواب أولي بأن العدو المشترك هو الكيان الصهيوني والغرب الأمريكي والأوروبي الداعم له والأنظمة الإقليمية المتآمرة معه والمجموعات الإرهابية التي تنفذ مخططاته، فماذا يمكن أن نسمي وسائل الإعلام التابعة والمملوكة له سوى بأنها وسائل إعلام عدوة، ولننظر لتأثيرها على الأرض السورية، فماذا نطلق على دعمها للمجازر وأعمال القتل والذبح والتخريب غير توصيف أنها إعلام قتل. هذه هي الحقيقة التي يحاول الغرب والصهيونية تعكير صفوها، ولنلاحظ أن عامل الصدق الذي تبناه الإعلام المقاوم نجح عام 2006 في هزيمة الكيان الصهيوني خلال عدوان تموز وما تبعه، وهو أيضاً العامل الذي جعل كفة الإعلام السوري والإعلام المقاوم هي الراجحة على الإعلام المعادي خلال العدوان على سورية مع ملاحظة فارق الإمكانات الكبير والهائل بين الجانبين، لدرجة يمكن القول: إن الإعلام السوري والمقاوم كان جندياً في الميدان، ولقد ساهم بفاعلية في النصر الذي تحقق. إن إعلام النظام العالمي الدائر في الفلك الأمريكي والصهيوني لا يريد للحقيقة أن تصل إلى أسماع الناس وأن يروها على الشاشات، إنه يريد للكيان الصهيوني أن يتوسع في احتلال الأرض وفي قتل الإنسان الفلسطيني والسوري والعربي وتشريده وفي سلب ثروات الدول وفي تدمير إرثها الديني والحضاري، يريد خلق النزاعات والأزمات وغرس بذور الفتنة والخلاف، إنه يسير وفق طريقة الغاية تبرر الوسيلة، حتى لو كانت نتيجتها القتل والذبح، وهذا ما فعله في تناوله للأزمة السورية، ولم يكن همه الحقيقة، بل عمل على إخفائها، واتجه نحو التشجيع على المجازر والتخريب وإسقاط المجتمع. المطلوب اليوم في إعلام المقاومة أن نتواصل أكثر، فكلنا تحت العين وفي مرأى الهدف، وعلى الإعلامي الوطني والمقاوم أن يخرج من الإطار الإداري نحو فرق إعلامية تتبادل الأخبار والتحليلات وبحث القضايا المشتركة، وقد تدعم العلاقة المباشرة بين المؤسسات الإعلامية هذا التوجه، لكن الأساس يبقى في نشاط الإعلاميين أنفسهم وفي سعيهم نحو العمل المشترك، ويمكن لوسائل الاتصال أن تدعم ذلك، وعلى الإعلام المقاوم أن يكون داعماً للعلاقات السياسية والشعبية المميزة بين الدول المقاومة، وعليه أن يقود توجهاتها نحو مزيد منها في الشأن الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، ومن هذا المنطلق، يعمل الإعلام المقاوم على تعزيز صمود الشعب السوري بوجه العدوان، ويدعمه بشتى السبل للانتصار عليه. هذا يعني أننا بعد تحديدنا لماهية أننا نواجه عدواً مشتركاً، ومن خلال النتائج الإيجابية التي يعكسها الأداء الوطني السوري والمقاوم على الأرض، فإن ماهية مستقبل المنطقة سؤال هام يبحث رجال السياسة والفكر والتخطيط الاستراتيجي في الولايات المتحدة الأمريكية عن جواب له، والواقع أنه يعتريهم الخوف والقلق من التفكير بالإجابة الصحيحة لهذا السؤال والمتمثلة بأن انتصار سورية ومحور المقاومة في صد العدوان الإرهابي عن سورية، سيكون العامل الأساس في رسم مستقبل المنطقة.
|