قلنا في الحلقة السابقة إ ن المعري ظلم المرأة لعُقده وليس لفكره ، والآن تعال معي لنكشف المستور عن المعري المبهور بالنساء والخدور ، لنرجع بك خطوة لتطلّ على مافات ، ونتقدم خطوات لمناصرة البنات !! نعم صبّ أبو العلاء نقمته على المرأة بشكل عنيف مرير قاسٍ ، وذكرنا القليل في الحلقة السابقة من جمٍّ كثير ، وفذلكة أقوال ما قال في لزومياته : بدء السعادة إن لم تخلق امرأة هذا ما جعلني أبتسم في سرّي مندهشاً ، ثم أعضّ على شفتي مشفقاً ، وكأني أهمس في أذنه قائلاً: سَمِعْتُ نَعِيّها صَمّا صَمَامِ *** وإنْ قالَ العَوَاذِلُ لا هَمَامِ وأمَتْني إلى الأجْداثِ أُمٌّ *** يَعِزّ عَلَيّ أنْ سارَتْ أمامي وأُكْبِرُ أنْ يُرَثّيها لِساني *** بلَفْظٍ ســـالِكٍ طُرُقَ الطّعامِ وأردفته بقولي متسائلا : يا سيدي نساء الآخرين من الشياطين ، وأمهات المعريين من الملائكة للحواريين ؟!، أنت هنا تسمو بها للسماء ، وهناك تنزلها للحضيض الأوهدِ " ما كان أغناها عن الحالين " !!! ، اقرأ معنا وحكم أنت يا قارئي الكريم !! العيش ماضٍ فأكرم والديك به **** والأم أولى بإكرام وإحسانِ وحسبها الحمل والإرضاع تدفعهأ**مران بالفضل نالا كل إحسانِ شيخنا الجليل أبا العلاء : وبشار بن برد ( ت 168هـ ) سبقك إلى هذه الدنيا بثلاثة قرون ، شنع ، وتهتك ، وتغزل ، وتشبب ، وتزوج ، وكان يقول : يا قَوم أَذني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ *** وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُم **الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانا قال لي : دعنا عن بشار ، وهل تريد أن تعرّفني به ، سامحك الله : لقى ابن القارح في النار إبليس اللعين ، ودار ر بينهما حوار عنيف ثم سأل عن هذا البشار بن برد، فإذا هو أمامه يسام سوء العذاب، ومع ذلك سأله ابن القارح عن أخباره ، وحاججه في شعره. أبو العلاء يكشف المستور عن جمالية الخدور !! : ثم يا أبا العلاء ، ألم تكشف المستور في خبايا نفسك في تائيتيك المطولتين في لزومياتك التي لا لزوم لها ، ألم تقل بعد نثر ما شعرت به ؟ !! : فطلعتهن كالظبيات في اللحظ واللفتات ، ويغدين ويرحن كالغصون متأودات ، في وشي ثياب مورسات ، وبالجواهر الفريد مقلدات ، وفي سنا الحلى متوقدات ، معاصمهن بالأسوار معلمات ، وسوقهن بالحجول لاطوافر مفيدات ، خدودهن بالشباب موردات ، وأكفهن بالخضاب موسمات ، وبناتهن معنمات ،مرهفات القدود مهندات ، في ضيق من الأزر مغمدات ، لحاظهن كالسيوف مجردات ، ثغورهن عذاب بخمرة الريق مفدمات ، خواتهما من الصهب مختمات ، صواحب منطق متزيدات ، مطربات بالمقال مهودات ، يشنفن المسامع قائلات ، ويكلمن القلوب مكلمات ، يترقبهن الفتيان في الصعدات ، وأنفاسهم من الشوق متصعدات .... (أبو العلاء ..م . س. ص 108 . أ . عبد الرحمن صدقي)، وللأسف لم يستشهد الأستاذ صدقي بأي بيت لأثبات حجة الحديث ، و التمتع بلذة القصيد ، وإليك هذه الأبيات كما وردت في اللزوميات ( ديوان أبي العلاء - ج1 ، ص 120 ) فما لكَ والهنودَ منعَّماتٍ***** كــأنّ قدُودَهُنّ مهنَّدات يفنّدنَ الحليمَ، بغيرِ لُبٍّ ****وهنّ، وإن غَلَبنَ، مفنَّدات يُخلّدنَ الإماءَ نُضادَ صوغٍ**فهلْ تلك الشخوصُ مُخلَّدات؟ تقلّدتِ المآثمَ، باختيارٍ ***** أوانسُ بالفــــــريدِ مقلَّدات إذا عوتبنَ في جَنَفٍ وظُلمٍ*** * أبتْ إلاّ السّكوتَ مُبلِّدات يغادِرْنَ الجليدَ قرينَ ضعفٍ *** صوابرُ للنّوى، مُتجلِّدات لقدْ عابتْ، أحاديثَ البرايا ** شُكولٌ، في الزّمان، مولَّدات أتَعبَدُ، من إثامٍ تتّقيِـــهِ ***ظوالمُ، بالأذى، مُتعـــــــــبِّدات؟ تُريقُ بذاكَ، في قتلٍ، دماءً **رُؤوسٌ، في الحجيج، مُلبَّدات تعالى اللَّهُ، لم تصْفُ السّجايا، *** فأفعالُ المَعاشِرِ مُؤيَدات إذا ما قيلَ حَقٌّ في أناسٍ *** فأوجُهُهُمْ لــــــــــــهُ متربِّدات مخازيهمْ أوابدُ في الليالي *** فلا تَهِجِ الأســــــى، متأبِّدات وأطهرُ من ضواربَ، في نعيمٍ *** نَعامٌ، بالفـــــلا، مُتهبِّدات تُقّيدُ لفظَها عــــــن كلّ بِرٍّ **** مَواشٍ، بالحُل* يّ، مقيَّدات عَجِلْنَ إلى مَساءَةِ مُسْتجيرٍ *****لَوَاهٍ، في الخطَى، مُتأيِّدات وتنقُصً، خيرُها، أشَراً وفتكاً *** صَواحِبُ منــــطقٍ متزيِّدات تأوِّدُ منك عقلاً في سكونٍ *** غصونُ خــــــواطرٍ، متأوِّدات فلا يجلسْ على الصُّعَدَاتِ لاهٍ *** فأنفاسُ الفت* ى متَصَعّدات تَمُرُّ به حوالِكُ، فوق بِيضٍ ***وخُضرٍ، فــــي العقيقِ، مُسبَّدات ومن تُخلقْهُ أيامٌ طـــوالٌ ******* فإنّ شجُـــــــــونَه مُتَجَدّدات وتَسْنَحُ بالضحى ظَبياتُ مَرْدٍ **** بكلّ عظيــــــمةٍ مُتمــــرّدات وقد أُغْمِدنَ في أُزُرٍ، ولكن *** سيــــــــوفُ لحاظِهنّ مُجرَّدات وورّدتِ اللّباسَ، بلونِ صِبْغٍ **** خُدودٌ، بالشّبــــابِ، مُورَّدات ومَنْ فقدَ الشبيبةَ، فالغواني *** له، عنــــــد الوُرودِ، مُصَرِّدات هواجِرُ في التّيَقّظ أو عواصٍ **** وفي طيفِ الكــرى مُتعهّدات إذا سَهّدْنَهُ بطويلِ هَجـــــــــــرٍ *****فمـــــــا أجفانُهنّ مُسَهَّدات تخالفَتِ الغَرائزُ والمعاني ***** فكيـــــفَ تَـــــوَافَقُ المُتجسِّدات؟ فما بينَ المقابرِ نادبـــــاتٌ؛ ***** ومابين الشُّـــــــرُوب مُغرِّدات قدَحنَ زِنادَ شوْقٍ من زُنـــودٍ**** بنــــــارِ حُليّـــــــها متـــــوقِّدات ها ... أبا العلاء : هذا كلام مجرب ، لو منطق حكيم ، أينك من؟ !! : كَذَبَ الظنُّ، لا إمامَ سوى الـ ****ـعقلِ، مشيراً في صبْحه والمساءِ ( مشيراً في صبحه والمساءِ ) ، ( واثنان أهل الأرض ...) .. هل يمكن مشورة العقل دائماً ؟! والعقل الإنساني أساساً هو ناقص ، والإنسان ساهٍ لاهٍ !!، وتقسيم أهل الأرض صنفين لا ثالث لهما ، هذا كلام جرايد ، لكل إنسان عقله ، ما يخصنا ، أبو العلاء الشاعر غير أبي العلاء العاقل ، والقصيدة التائية التي مرّت علينا ، هي خوالج صادقة ، وأحاسيس ناطقة لشاعر كبير ، رضينا أم أبينا !! إذن هنالك عقد في وجدان الشاعر ونفسيته منتعه من الزواج والاتصال بعالم المرأة الحبيبة ، لا المرأة الأم أو الأخت أو الجدة !! إمّا بسبب حيائه وخجله من أن يفرض نفسه على شريكة الحياة لدواعي ما يسمى التعقل و التفلسف أو التردد والتخوف ، أو في طفولته المبكرة أبان بدايات تشكل العقد النفسية ، استهزأت به طفلة كان يكن لها الإعجاب والود ، وربما تعرض لأذى ما ، أو أراد التخلص من عبء الحياة وتكاليفها دون أن يضيف زوجاً وأبناء ، فيزيد الطين بلّة ( هذا جناه أبي علي ... تعبٌ كلها الحياة ) ، وخصوصاً قد عانى الفاقة والعوز خلال فترات من مراحل الحياة ، ولكن بالتأكيد ليس بسبب جمالية المرأة ، وذوقها وأناقتها وأنوثتها ، ومرّ ما مرّ من أمر التائيتين اللالزوميتين اللزوميتين !! لنترك أمر أبي العلاء العلاء ، وهو يداقع عن نفسه بما حلّ عليه من بلاء ، قيكفيه فخراً قوله : ألا في سبيل المجد ما أنا فاعلُ *** عفاف وإقدام وحزم ونائلُ أعندي، وقد مارست كل خفية** يصدَّق واش، أو يخيًب سائلُ؟ أقل صدودي أنني لك مبغضٌ **وأيسر هجري أنني عنك راحلُ تعد ذنوبي، عند قوم كثيرةً، **ولا ذنب لي إلا العلى والفضائل كأني، إذا طُلت الزمان وأهلَهُ*** رجعت، وعندي للأنام طوائلُ وإني، وإن كنت الأخيرَ زمانُهُ *** لآت بما لم تستطعه الأوائلُ ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا*تجاهلت حتى ظن أني جاهلُ وكيف تنام الطير في وكناتها*** وقد نصبت للفرقدين الحبائلُ؟ وقال السهى للشمس:أنت خفيةٌ*وقال الدجى:يا صبح لونك حائلُ فيا موت زر، إن الحياة ذميمةٌ ** ويا نفس جدي، إن دهرك هازلُ كأن الثريا، والصباح يروعها **** أخو سقطة، أو ظالع متحاملُ توقى البدور النقصَ وهي أهلةٌ ***ويدركها النقصان وهي كواملُ ولمّا كان أبو العلاء قد انبهر من الغانيات الظبيات الفاتنات المتوقدات المرهفات المهندات المختمات المطربات ...وخذ ما شئت من النعوت والصفات ، فلماذا إذن لا يتغزل بهنّ الشعراء من عرب وعجم ، وذكرنا في الحلقة السابقة ، ولعلك تتذكر منها ، إنّ العرب تفننوا في مجال تقديسهم لامرأتهم سواء على مستوى عشق الزوجة أو الحبيبة ، أوحبّ الأم أوالأخت أوالابنة ، وجعلوا للعشق مقامات كالشغف واللوعة والصبابة والشوق والتبل والوصب والهيام والتتيم و الوله ، وسار على مسارهم أصحاب العشق الإلهي الصافي من اللذة ، كما يزعمون ! ولله في خلقه شؤون ، ولا يستطيع الشاعر الحساس ، والعرق الدساس .أن يكبت خوالجه وعوالجه ومشاعره ليصبها مواويل أشجان ،، وتفريغ شحنات ، لتقليل المعاناة ، أو للوصول إلى الغايات .. للغانيات الحليلات ! ووسيلة الوصول ، السحر الحلال بغزل ونسيب وتشبيب ... ، وكذب مَن قال: إنّ الوقار بالمشيب !! ههههه يقول دعبل الخزاعي : لا تَعجَبي يا سَلمُ مِنْ رَجُلٍ *** ضحكَ المشيبُ برأسهِ فبكى قدْ كانَ يضحكُ في شيبتهِ **** وَأَتَى المشيبُ فقلَّما ضَحِكَا يا سلمَ ما بالشَّيبِ منقصة ُ ***** لا سُوقَة ً يُبْقي وَلاَ مَلِكا الحمد لله على كلّ حال ، والدنيا سجال ، ، وإلى الحلقة السادسة من الانتصار ... يا ستار ...!!
|