لاتزال هنالك حالة من الضبابية و الغموض تلف الانتخابات العراقية القادمة وماقد يتمخض عنها، خصوصا وان هنالك خلط و توزيع و ترتيب غريب من نوعه في الاوراق و في تحديد شکل و مضمون المعادلات السياسية القائمة وفق ذلك.
إصرار نوري المالکي على إعادة ترشيح نفسه لولاية ثالثة، و رفض مختلف الفرقاء السياسيين لذلك بل وحتى نشر أنباء و تقارير و تسريبات عن أن طهران لاتوافق او لاترغب بدعم المالکي لولاية ثالثة، کل ذلك لم يثني من عزم المالکي على خوض الغمار وحتى انه يتصرف وکأن الامر لايعنيه او کأنه قد ضمن النتيجة مسبقا و تبعا لذلك لايهمه مايدور حاليا.
المراهنة على نجاح الانتخابات العراقية القادمة في 30 نيسان القادم يعتمد و بشکل رئيسي على مدى شفافيتها و کذلك حجم و سياق و إتجاه التدخلات الخارجية و الجانبية فيها، خصوصا وان لدول محددة في المنطقة مصالح و أهداف خاصة في العراق وهي معنية بالتغييرات و التطورات التي تحصل هناك ولهذا فهي تريد إستباق الاوضاع بأن تضع ثمة سيناريو معين بحيث يلبي ماتبتغيه من المشهد العراقي و بالتالي يضمن مصلحها و يحقق أهدافها.
ملف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي وعلى وجه الخصوص التدخلات الايرانية، وملف الفساد و ملف حرب الانبار، تکاد أن تکون من الملفات الساخنة جدا و التي تنتظر حسما و معالجة لها، لکن التمعن في هذه الملفات الثلاثة و ذلك الخيط الرفيع ولکن المنيع الذي يربط فيما بينها، يجعل من الصعب التفاؤل بإمکانية وضع استراتيجية او خارطة طريق من قبل أطراف عراقية للتصدي لها و التصرف وفق مصلحة العراق و شعبه، لکن ذلك لايعني في نفس الوقت إستحالة حسم او معالجة ذلك، لأن الاوضاع برمتها في العراق و المنطقة تخضع لمؤشرات و معايير و ظروف قد يکون حدوث تغيير او تبدل على واحدة منها او على بعضها، سببا في حدوث تغيير جوهري في المعادلة السياسية العراقية القائمة و بالتالي فإن الصورة ستختلف.
مسألة إعفاء بندر بن سلطان من منصبه کرئيس للمخابرات السعودية، يمکن ربطه بالاوضاع في العراق مثلما ان له علاقة بالاوضاع في مصر، لکن الذي يعني السعوديين أکثر هو الاوضاع في العراق لتأثيرها المباشر و الواضح عليهم، ويبدو أن السعوديون يستعدون لخوض غمار مواجهة خاصة على الساحة العراقية مع الايرانيين و يتهيأون لذلك مسبقا، کما أن الايرانيون و عبر إرسالهم لشخصيتين مثيرتين للجدل هما قاسم سليماني قائد قوة القدس و مصطفى بور محمدي وزير العدل الحالي في کابينة حسن روحاني، يؤکدون بقوة و منذ البداية أن الشأن
العراقي يهمهم کثيرا و هم يريدون أن يبقى نفوذهم هناك من دون أدنى تأثير، ولهذا فإن الساحة العراقية بإنتظار أکثر من مفاجأة.
|