"هيتي هيتي مثل ما رحتي جيتي"!!

هذا المثل ينطبق على ما يجري في واقعنا , حيث الحديث الساخن جدا عن الإنتخابات , ويحسب الذين ينشغلون بها بأنهم سيحققون تغييرا كبيرا , ظنا منهم بأنهم أصحاب إرادة حرة.

المجتمعات التي تمتلك إرادتها لا يحصل فيها ما يحصل عندنا , فما يتحقق في واقعنا يؤكد بوضوح أن الإرادة في محنة.

فما قيمة الإنتخابات في مجتمعات مزعزعزة الإرادة؟!

مجتمعات تعيش تحت ساطور المصالح الدولية والإقليمية , وكل ما يتفق معها ويحققها هو الذي يسود , وما يجري في واقعها يلبي طموحاتها , وبدرجات فائقة , وهذا يعني أن الإنتخابات لن تأتيَ بتغيير كبير.

فالأوضاع القائمة مرهونة بتلك المصالح , ولا علاقة لها بمصالح الوطن والناس , فهذه في آخر القائمة , والذي يتصور أن الإرادة ستقرر فهو على وهم , ولا يُعرف مَن الذي حقا يقرر , لإنها إملاءات ومشاريع لابد من تنفيذها بحذافيرها.

وإن صح هذا التحليل فأن الحالة ستكون أسوأ مما عليه الآن , لأن المصالح تقتضي مزيدا من التداعيات والصراعات اللازمة لإشغال الناس ببعضهم ونسيانهم لوطنهم ونفطهم وحياتهم , وتحويلهم إلى حطب للويلات.

البعض يحسب أن الإنتخابات ستأتي بما هو صالح ونافع , ويحمّلها ما لا تطيقه من الأحلام , فلا تتبدل الأمور بين ليلة وضحاها , وكل يغني على ليلاه , في بلدٍ تحول إلى ميدان صراع محتدم , ما بين الذين يريدون إبعاد الحرب عن أراضيهم.

إن المشكلة ليست في أصحاب المصالح , وإنما في الذين لا يعرفون مصالحهم , فيتفرقون ويتصارعون , ويتحولون إلى تابعين لهذا وذاك من فرق الطامعين.

ولا يمكن الخروج من مأزق التداعيات إلا بقيادة وطنية واعية , ذات قدرة على تحقيق السلوك الوطني الجامع , المؤسس لمسيرة جماعية عادلة متفاعلة متفائلة ومتوثبة نحو غدٍ أفضل.

فهل نمتلك قدرات معرفة مصالحنا ومهارات تحقيقها , أم سنبقى ندور في فلك أصحاب المصالح أجمعين , ونخدع أنفسنا بإنتخابات لا تقدم ولا تؤخر , لأنها لن تؤمن من خوف ولن تطعم من جوع.
والناس على دين الكراسي , وكيفما تكون يكونون , وإن تغيرت يتغيرون , فصدقوا أو لا تصدقون , لكنها حقائق فاعلة وأنتم تعلمون!!