نظرية "الضوء والنفق"

 

بكل  ثبات واصرار عمل مرشحو الانتخابات من كل الكتل والقوائم على تثبيت صورهم وبوستراتهم بشوارب ولحى حليقة حينا او بلحى وشوارب نصف مصبوغة حينا اخر  دون ان "تهتز" في كل الشوارع والازقة والساحات والدرابين في طول الوطن وعرضه. قناعتهم الراسخة ان ثبات الشوارب ينبع من ثبات الوعود التي  يسمونها  برامج انتخابية. لكن السماء كانت لها وجهة نظر اخرى. ففي اقل من اسبوعين ارعدت وازبدت وارسلت الرياح والامطار والعواصف في تحول مناخي غير مسبوق لتسقط على الارض ملايين الدولارات. هذا التحول المناخي اتى على هذه الصور والبوسترات ومعها البرامج والوعود دفعة واحدة. غضب بدا في محله بالنسبة للناخب وفي غير وقته بالنسبة للمرشح. استوت في ذلك برامج محاربة الارهاب مع مكافحة الفساد. الاخوة المرشحون  من اصحاب الشوارب واللحى غليظها وخفيفها, محفوفها وحفيفها, سوادها وبياضها تفننوا في عرض "هناديمهم" وكأنهم عرسان في حفلة زفاف جماعي. وفعلت مثلهم الاخوات المرشحات.
كثر المهندسون فيهم وقل الاطباء. هجم رجال الاعمال والاعلام معا في تلاقح غير مسبوق وفي قوائم لاتشبه بعضها بعضا. رجل اعمال خطير في قائمة تساند الفقراء. وفنان او رجل اعلام في قائمة لحزب ديني. تضاعفت اعداد اهل العمائم مع القاب المشيخة والهندسة والدكترة وبعضها مختلطة حيث اردف بعضهم مع الاستاذ لقب البروفيسور ومع المهدس لقب الشيخ , ومع العشيرة او المليشيا كنية ابو فلان ناصر الدين وحبيب الفقراء. اللافت ان مودة "الحجاج" تراجعت على صعيد الصور والبوسترات لتحل محلها القابا اكثر تخصصية ربما لادراك الغالبية ان الميل الى برلمان وحكومة التكنوقراط يستلزم اقصاء مفردة "الحجي" التي كانت اكثر انسجاما مع حكومتي الوحدة والشراكة الوطنية.               
المرشحون طرحوا نظريات وافكار وشعارات وهتافات وكلمات براقة يمكن لاي شخص كتابتها بـ "خمس دقائق" والتوجه الى اقرب عمود كهرباء وتثبيتها عليه حتى بدا وكأن المرشح قام بما يتوجب عليه القيام به بعد ان حول الكرة من رمية جانبية الى ملعب الشعب. الناخب لا المرشح هو المطالب بتحويل اقواله الى افعال بانتخاب الوعود والشعارات واللافتات بكل ما تحمله من دعوات تغيير. ما على الشعب سوى ان ينفذ اما اذا اراد ان يناقش فابواب الفضائيات مفتوحة ليقول فيها ما سبق ان ردده طوال السنوات الماضية. فهذه هي الديمقراطية.  "كسر بجمع" فان ما يهم المرشحين ويجمعهم على اختلاف مللهم ونحلهم هو الفوز. هو الهدف والغاية ولا شئ سواه. اما تحقيق الوعود فهذا مرهون بالظروف والالتزام بالاتفاقيات واهمها اتفاقية اربيل بنسختها الثانية .. مزيدة ومنقحة. هل هناك ضوء في نهاية النفق؟ اعتقد ان مشكلتنا لم تعد تنحصر بوجود ضوء من عدمه في نهاية النفق بل .. يجب ان يكون السؤال المطروح هو .. هل هناك نفق اصلا؟