بعد وعاظ السلاطين: قضاة السلاطين...!



القضاء بشكل عام؛ مرتبط بقضية غاية في الأهمية، ألا وهي العدالة، ومن دونها يكون القاضي مذبوحا من القفا، ومن غير سكين، كما يقال، فالعدالة تتطلب الشجاعة الكافية في تطبيق القانون، وبكل فقراته ومواده دون تدليس ولا تبطين ولا ترك ولا مداهنة، والإنسانية يحتاجها القاضي أيضا، لمحاولة اكمال عدالته.
كلنا خطاؤون، والقاضي بشر مثلنا، ولنا أن نعذره مثلما نعذر أنفسنا الأمارة بالسوء أيضا، وقد نبرر له إن كان خطأه دون قصد، أو حتى جهل في بعض القوانين أحيانا، لكن إن تعدى ذلك يكون هناك ريبة وشك ومحذور، علينا تداركه والوقوف على أسبابه المقنعة، لنا ولمن يخالفنا.
في أحد المرات كان معنا قاضيا، قال:" سأكون قاضي الكوفة في الأيام القادمة"، فقال أحد الأصدقاء متهكما: "ستكون قاضيا للكوفة، بدلا من الإمام علي علية السلام، أنه لحمل ثقيل فالويل لك يا أخي العزيز"، وفعلا له ما أراد وكان الحمل ثقيلا.
هناك تأثيرات على القاضي، وفي كل الأزمنة الماضية، والعصور الغابرة، فمنها المالية، كأن تكون رشوة من أحد الأطراف المتخاصمة، أو تهديدا من قبل سلطان ذو نفوذ، أو ترغيبا بهوى دنيا أو منصب معين، وكلها تكون قاتلة للقاضي والقضاء معا.
هناك شكوك وشبهات تدور حول القضاء هذه الأيام، ملئت الإعلام صراخا واستغاثة من قبل المظلومين، فالمفوضية استبعدت نواب بسبب "تصريحات" تطبيقا لفقرة حسن السيرة والسلوك، بينما أخرون يصرحون ويصرخون، بل وبعضهم محكومون، كأن لديهم حصانة ضد فقرة السلوك.
مهما يكن، فإن تسجيل مثل هذه الشبهات؛ في هذا الوقت الحرج، يعد انتكاسة خطيرة، في مشروع الدولة العراقية الحديثة، التي تؤمن باستقلال السلطات الثلاث، لا باستغلال بعضها البعض ورحم الله على الوردي الذي لا يعلم بأن هناك أيضا، قضاةً للسلاطين؛ بالإضافة إلى وعاظهم الفاشلين...!