البعثيون والأنتخابات |
قد يبدو للبعض العنوان مثيرا للجدل,لما أستهل فيه من مفردة صار أسمها وذكرها شيئا يلفت النظر أو مستفزا.فالسلطة الحالية جاءت الى سدة الحكم بعد أن أزيحت سلطة البعثيين بقدرة قادر,أو كما يقول اهل الفن بطريقة (دراماتيكية).وبذلك انهار (حزب البعث) بعد أن انهزم قيادييه واعضاؤه وبعض انصاره وجزء من مؤيديه.بل وحتى حزن عليه البعض من اصدقاءه من أبناء الشعب.أذن (سقط البعثيون)و(سقط) معهم حكمهم ونظامهم..ولكن..عندما (سقط البعث) كفكر وأيديولوجية وعقيدة سياسية هل سقط معه كل اعضاؤه وانصاره ومؤيديه من الشعب؟ وهل عزلوا عن الحياة العراقية وقذف بهم خارج اسوار الوطن؟ وهل منع عليهم الهواء والماء والطعام وعروا عن ملابسهم لأنهم (كانوا بعثيون).... لقد كان الشعب العراقي كله قد رضي بحزب البعث على مضض.وساير نظامه وفكره وسياسته (أتقاء) من شره وقمعه وعنجهية قادته ودعاته ومريديه.ومنهم من اضطر غير باغ للأنخراط في العمل فيه ليس أيمانا ولاأعتقادا انما لما وجد فيه من منافع مادية تسد عنه حاجاته في حياة صعبة وقاسية نظرا لضغط الحياة الظالمة انذاك..لكن السلطة الجديدة في باديء الأمر لم تنتبه الى طبيعة ومشكلة العراقي الذي (بعث) رغما عنه.فحشر وكأنه (بعثيا عقائديا) يؤمن بالبعث مثل أيمانه بشيء مقدس.فلاقى مالاقى ذلك (البعثي المكرود) من ويلات الأبعاد والأجتثاث والمطاردات والتهديد والتخويف..حيث لم يصدق به احد عندما كان يقول انا أجبرت على الأنتماء وحتى لم افهم ماهو حزب البعث..فيأتيه الرد( انت بعثي كافر)...وهكذا صارت مفردة (البعث) مفردة سيئة الصيت,حقيرة,بشعة,وراح المظلوم مع الظالم..وهكذا اختلطت الأوراق وأشتعلت النار وصنعت السلطة الجديدة اعداء لها دون مبرر,عندما طاردت كل بعثي وليس كا بعثي مجرم.فبدل من أن تكسب اعداءها بطريقتها الخاصة راحت تشييد جبهة عريضة من العدوان.. وعندما بدأت الممارسات الديمقراطية تجري في العراق في حياة الحرية والأنعتاق بعد سقوط البعث.كنت أرى اعدادا كبيرة من البعثيين الذين نجوا من سوط الحكم الجديد وحبل مشنقته (العادلة) بقدرة قادر.كنت اراهم وهم يحضرون في جميع الممارسات الأنتخابية حضورا متميزا..وعندما تعاقبت الممارسات الانتخابية صار البعثيون يعملون كموظفين في الدوائر الانتخابية,ونجحت على أيديهم امور كثيرة..فضلا عن حماس الكثير منهم في الحث على انجاح أي ممارسة من شأنها تنهض بالعملية السياسية الجديدة..بينما هم يواجهون الاتهامات والنفاق من قبل البعض تحت ذريعة (ذولة شلون يشتغلون وهم بعثيين).... عندما سألت احدهم عن هذا الموضوع قال لي: ((عمي والله حتى نسيت اسم البعث...عليش مجلبين بينا جان بعثي وجان بعثي..حتى لو احنا نسينا فهم اللي يذكرونا ويضغطون علينا..وبالتالي راح يصنعون منا اعداء..لأن لازم ندافع عن نفسنا)). أرى أن من يريد أن يعيد يبناء الوطن عليه أن يحمل بيده جود الماء ليطفيء ماتبقى من السنة النيران خير من أن يخفي عود ثقاب ليشعلها من جديد.
|