صدر عن دار ضفاف للطباعة والنشر وبالتعاون مع المكتبة الاهلية في البصرة كتاب (مختصر تأريخ البصرة) لمؤلفه علي ظريف الأعظمي المتوفي عام 1958م وقام بمراجعته والتقديم له الدكتور باسم عبود الياسري ,يقع الكتاب في مائة صفحة من القطع المتوسط ,حيث يترجم الناشر في مقدمة الكتاب لحياة المؤلف فيقول علي ظريف الاعظمي وهو أبو الحسن علي ظريف بن عبد المجيد أبن الملا أيوب ,ينتمي لقبيلة العبيد العربية القحطانية الحميرية ونسب الى الاعظمية (اعظمية الأمام أبو حنيفة النعمان) كونه نشأ وعاش ومات فيها ,وولد في محلة جديد حسن باشا في بغداد عام 1300هـ الموافق 1882م ,و هو يعتبر من المؤرخين الكثيري الكتابة وغزيري النتاج وله عدة مؤلفات منها :- 1. تأريخ ملوك الحيرة ــ القاهرة 1920م 2. تأريخ الدول الفارسية في العراق ــ 1927م 3. تأريخ الدول اليونانية في العراق ــ 1341هـ 4. الدرر والياقوت في محاسن السكوت ــ 1331هـ 5. دروس التجويد ــ 1331 هـ 6. دروس الصحة ــ 1925 م 7. مختصر تأريخ البصرة ـــ 1927 م 8. مختصر تأريخ بغداد ــ 1926 م ولم يقتصر نشاطه على الـتأليف وانما أسهم في مجال الصحافة الأدبية فأصدر مجلة الأقلام عام 1927م وهي مجلة شهرية أدبية وتأريخية ,وكذلك له القليل من الشعر فهو لايعد شاعراً وانما ناظماً للشعر مقلاً منه ومما تركه من نظمه يقول :- يا راقداً الطرف هلا زرتنا سحراً فالقلب كاد لفرط الحب ينفطر وعدتني فقد امسيت في سقم قبل الممات فأني لست أسطبر ورحل عن الحياة في أواخر عقده الثامن في عام 1377هـ الموافق 1958 م ويقول مؤلف الكتاب في مقدمته , كانت البصرة من المدن الأسلامية الكبرى التي لها شأن عظيم ( 1 ــ 5 ) في تأريخ العرب ولذلك كان هذا الكتاب ,وتسهيلاً للقراء جعل المؤلف الكتاب في فصلين يتضمن الفصل الاول تأريخ البصرة القديمة منذ تأسيسها الى حين خرابها وما حدث فيها من انقلابات سياسية ووقائع حربية أما الفصل الثاني فكان عن تأريخ البصرة الحديثة (في وقت وزمان المؤلف)منذ تعميرها حتى أنقراض الدولة العثمانية ,ويتناول في فصله الاول عدة وقعات أولها وقعة الحفير ووقعة الثني ثم يصل الى فتح الأبلة التي منها تم تأسيس البصرة القديمة حيث نزل القائد عتبة بن غزوان بجيشه في منطقة (رحبة بني هاشم) فبنى نواة البصرة التي تتألف من مسجداً وداراً للأمارة من القصب وكان ذلك سنة 14هـ /636م ومن ثم قام الناس ببناء بيوتهم من القصب وكانت قرب أمارة ميثان الفارسية وعلى أثر ذلك أجتمع أهل ميثان وخرجوا لقتال المسلمين فخرج اليهم عتبة فهزمهم وأخذ مرزبان ميثان أسيراً وبعدها سار عتبة الى يثرب عاصمة المسلمين لملاقاة الخليفة عمر بن الخطاب واثناء عودة عتبة في الطريق الى البصرة وافاه الأجل في سنة 14هـ فلما بلغ الخليفة الثاني موته ولى على البصرة ( المغيرة بن شعبة ) وذلك في نفس السنة ثم عزله في 16هـ وولى (أبا موسى الأشعري) وفي نفس السنة حدث حريق في البصرة فلما خاف الناس من تكرار الحريق أستأذنوا الخليفة ببناء المدينة من اللبن فأذن لهم بذلك فخططو البصرة وجعلوا المدينة خطوطاً حسب القبائل لكل قبيلة خط . ثم يتناول المؤلف البصرة في عهد الخليفة الرابع (الامام علي (ع) ) في سنة 35هـ الموافق 656م وعرض الى وقعة الجمل في حينها ,أسبابها وتداعياتها بأسلوب محايد يحسب للمؤلف , ثم يصل الى عهد الأمويين في فترة حكم (معاوية أبن أبي سفيان ) في عام 41هـ حيث عهد بالبصرة الى ( عتبة أبن أبي سفيان) في أواخر 41هـ ثم عزله عام 43هـ وولى (عبد الله بن عامر بن كريز) والذي كان ضعيفاً في حكمه مما حدى بمعاوية الى عزله عام 44هـ وعين مكانه (الحرث بن عبد الله الأزدي) ولكنه فشل أيضاًفي أدارة البصرة ,فكثر السلب والنهب والقتل فعزله معاوية بعد أربعة شهور من توليه ثم ولى ( زياد أبن أبيه )في عام 45هـ على البصرة ,وهو من دهاة العرب وساستها وخطباؤها وقادتها ,وهو صاحب الخطبة البتراء التي القاها في مسجد البصرة عند توليه عليها ــ سميت بالبتراء كونه لم يفتتحها بالحمد والثناء ــ وسادت فترة حكمه الامن والاستقرار كونه كان شديداً وعنيفاً ,فهابه الناس واستعمل على شرطة البصرة (عبد الله بن الحصين ) واستكثر من الشرطة حتى وصل عددهم أربعة الاف شرطي ,والجند وصل عددهم الى ثمانين الف ,ولما مات المغيرة بن شعبة أمير الكوفة في سنه 50هـ وقيل في سنة 46هـ ,ضم معاوية الكوفة الى زياد أبن ابيه وجمع له المصرين (البصرة والكوفة) وهي لاول مرة تتم فيها ضم ولايتين معاً لوال واحد ,وكان زياد يمضي ستة اشهر في البصرة ومثلها في الكوفة ,وفي أيامه قدم الكوفة (مسلم ابن عقيل) داعياً (للحسين بن علي (عليهما السلام)) فكتب اليه يزيد يامره بالقبض على مسلم وقتله أو نفيه عن الكوفة ,فجرى ما جرى من خيانة الكوفيين وقتل الامام الحسين عليه السلام في محرم 61هـ وسودت هذه الحادثة المؤلمة صحاف تأريخ بني أمية ,وعلى اثر هذه الحادثة ظهر مايسمى (بالخوارج ) ولما مات يزيد في سنة 64هـ تفاقم امر الخوارج وزاد عددهم بمن التحق بهم من أهل البصرة فصار اهل البصرة فرقاً وأحزاب ,ثم يعرض للحروب التي كانت تقع بين الخوارج واهل البصرة ويعرض ( 2 ــ 5 ) للامارات المتوالية على البصرة مثل أمارة الحجاج ( الذي كان يمتاز بالشدة والبطش) حتى انتهاء عهد الامويين وصولاً الى عهد العباسيين ,حيث قامت الدولة العباسية في 13 ربع الاول سنة 132هـ واتخذ السفاح مدينة الكوفة مقراً له فبعث في السنة نفسها عساكره لأخذ البصرة من الامويين ,فكان أول عامل عليها لبني العباس هو (سفيان بن معاوية بن يزيدبن المهلب )ثم عزلوه بعد سنة وولى عليها (سليمان بن علي ) وضم اليه السواد ودجلة والبحرين وعُمان فزهت البصرة في ايامه وعمر ما خرب منها في الفتن الماضيات ,وفي عام 145هـ قدم البصرة من الحجاز (ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الامام علي (عليهم السلام)) بثلاثين الف مقاتل فدخل البصرة وبايعه اهلها , حتى أسطدامه بداهية بني العباس (ابو جعفر المنصور) الذي بطش به وانها حركته في اواخر سنة 145هـ فولى (مسلم بن قتيبة الباهلي )فقتل اتباع ابراهيم وصادر اموالهم ثم خشي كبار القوم فكف عنهم فلما بلغ ذلك ابو جعفر عزله وولى ( محمد بن سليمان بن علي العباسي) فلما قدم البصرة قبض على خمسة وخمسين رجلاً من كبار القوم ووجهاءهم فصلبهم ثم قبض على خمسمائة من البصريين وارسلهم مكبلين بالحديد الى (ابو جعفر المنصور) وصادر أموالهم وخرب بساتينهم وهدم بيوتهم وكان ذلك في سنة 146هـ ,ولم تهدأ البصرة واستمرت فيها الاضطرابات المتوالية ,ثم يعرض لفترة الرشيد والمأمون وصولاً الى (أستيلاء الزنوج على البصرة) ,فلم يكد البصرييون يستريحون من الفتن المتوالية التي المت بهم حتى ظهر في سنة 254هـ رجل ادعى الغيب وزعم أنه (علي بن محمد بن احمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين أبن الامام علي ) وجمع الزنوج الذين كانو يسكنون السباخ فألتف حوله منهم نحو الالفين فتقوى بهم وعاث في بادية البصرة فساداً ثم قصد البصرة فأضطر البصرييون الى قتاله فحدثت بين الفريقين عدة معارك حتى تمكن البصريون من صده بعد أن قتل منهم أكثر من الف رجل.وشكل اهل البصرة فرقتان عسكريتان للدفاع عن مدينتهم هما ( السعدية والهلالية) وعلى اثر ذلك هجم الزنوج على البصرة في سنة 256هـ وجرت حروب عنيفة بينهم والبصريون دامت بحدود أحد عشر يوما ً انتهت بأندحار الزنوج وهذا في رواية أما الرواية الاخرى فتقول العكس وذلك لانهم اي الزنوج نهبوا قرى البصرة واحرقوا دورها ونهبوا ما فيها واعملوا السيف في اهلها ,وقيل قتل في هذه الحادثة أكثر من خمسة الاف رجل من البصريين ,ثم حمل الزنوج على الابلة فقاتلهم اهلها فأنخذلوا واستولوا الزنوج على المدينة ثم انسحبوا منها ,وفي اواخر عام 275هـ قاتل الزنج القائد (منصور بن جعفر الخياط) فاندحر جيشه وقتل واستولوا على البصرة وكان هذا في عهد الخليفة ( المعتمد على الله) ,وتوالت المعارك الخاسرة والجيوش المندحرة على يد الزنج , وكانت تلك الفترة هي بداية(لخراب البصرة ) كما يقال,واتخذ الزنوج لهم مدينة كبيرة اسموها (المختارة ) وتقع في غربي نهر ابي الخصيب ,وبنوا عليها سوراً وخنادق وابراجاً وجعلوا لحمايتها ثلاثة الاف مقاتل وجمعوا فيها عددا من النساء والاطفال الذين نهبوهم في غاراتهم على البصرة والابلة والاهواز ,حتى انتصر عليهم الموفق عام 270هـ واحتل مدينتهم المختارة بعد خمسة عشر عاماًمن القتل والسلب والنهب ,فأعاد الاموال والنساء والاطفال الى اهاليهم , ثم يتناول المؤلف فترة هجمات القرامطة وصولا الى حكم السلاجقة والدولة البويهية , وملخص ما فات كله هو ان البصرة بدأت تنحط شيئً فشئً منذ ضعفت الدولة العباسية بسبب توالي الفتن والحروب وظل الامر ( 3 ــ 5 ) كذلك في عهد البويهيين والسلجوقيين وفي العهد العباسي الاخير حتى اصبحت في القرن السابع للهجرة لاتزيد على ثلاث محلات كبار هن ( محلة هذيل ,ومحلة بني حرام ,ومحلة العجم ) حتى هجرها اهلها فخربت عن اخرها في سنة 701هـ ,وبالرغم من كل ما ذكره المؤلف , يقول انجبت البصرة القديمة عدداً لايحصى من العلماء والادباء والخطباء والمؤلفين ورجال الدين واللغة والنحو والفلسفة وفي فترات مختلفة منذ تأسيسها وفي عهد الامويين الى اخر ايام العباسيين ,ومن مشاهيرها :- ابو الاسود الدؤلي المتوفي سنة 69 هـ, والحسن البصري المتوفي سنة 110هـ, ومحمد بن سيرين المتوفي سنة 110هـ,والفرزدق الشاعر المتوفي سنة 110هـ ,وأبو عثمان الجاحظ المتوفي سنة 225هـ ,والكثير غيرهم ممن ذكرهم المؤلف .وهذا كله في الفصل الاول للكتاب ,اما الفصل الثاني فيتناول ( البصرة الحديثة ) بحسب المؤلف فهذه الفترة تبدأ من عهد الايلخانيين (المغوليين) وفترة حكمهم بغداد في عهد الملك (غازان المغولي ) الذي توفي سنة 703هـ ثم تولى بعده الحكم ابنه (خداينده محمد) وفي ايامه كان على البصرة اميراً هو (ركن الدين الفارسي التوريزي) سنة 725هـ ,ثم يصل الى فترة حكم الجلائريين التتريين وايام (تيمور لنك)حيث أسس الدولة الجلائرية في العراق الشيخ الكبير سنة 738هـ واستمرت الى 798هـ فاستولى (تيمور لنك ) على بغداد بعد ان هزم السلطان (احمد ) لعدم قدرته على صده ,ثم استولى على باقي مدن العراق واستمر حكمه حتى مماته سنة 808هـ فتولى بعده حفيده فاغتنم الفرصة السلطان (احمد الجلائري ) فعاد الى العراق وهزمهم ,ولم يكد يستريح السلطان احمد من تيمور لنك ومن قام بعده حتى حدثت بينه وبين (قره يوسف التركماني )صاحب ديار بكر وأذربيجان حروب في سنة 873هـ وانتهت بقتل السلطان احمد غدراً , فانقرضت الدولة الجلائرية , ثم ينتقل المؤلف الى فترة البصرة في عهد الدولة الصفوية الفارسية وسلطانها الشاه (اسماعيل الصفوي بن حيدر) ,ثم ينتقل الى فترة العهد العثماني الاول حيث دخل الجيش العثماني البصرة فتولى ولايتها (يحيى باشا) واستمر لعام 1080هـ ثم تعاقبوا عدة ولاة عثمانيين على البصرة وكان اقربهم الى اهلها هو الوزير (عبد الرحمن باشا) وخفف عن البصريون الضرائب فأحبوه حباً جماً ولكنه عزله في سنة 1100هـ ثم يصل الى فترة تولي (خليل باشا ) فظلم اهل البصرة فثاروا عليه وطردوه وسلموا المدينة الى امير المنتفك الشيخ (مانع ) سنة 1106هـ وبقي اميرا على البصرة الى سنة 1109هـ ,ثم دخلت البصرة في قبضة الفرس فحكموها حيث استولى عليها (فرج الله خان )حاكم الحويزة,ثم بعد معركة عادت تحت الولاية العثمانية ,ولم تستقر البصرة فتوالت الغارات والمعارك بين الفرس والعثمانيين ورزحت تحت الحكم العثماني سنين طوال من والي الى اخر ,حتى استقرت احوالها وسارت نحو الرقي والعمران بعد اعلان الدستور للدولة العثمانية سنة 1326هـ ومن اشهر ولاتها في تلك الفترة (عارف بك المارديني ) الذي تولى في اول سنة 1327هـ و(سليمان نظيف بك )الكاتب التركي المشهور المتولي في اخر سنة 1327هـ ,وهي افضل فترة مرت على البصرة حسب المؤلف ,ثم يصل المؤلف الى فترة ( سقوط البصرة بيد البريطانيين) حيث قامت الحرب العالمية ( 4 ـــ 5 )
الاولى في سنة 1332هـ وكان في حينها وكيلاً للولاية على البصرة القائد ( صبحي بك )وكانت الحكومة العثمانية سيرت أكثر جنودها نحو قفقاسيا و ارسلت جيشاً ضعيفاً الى البصرة فهجم الاسطول البريطاني على الفاو في منتصف شهر ذي الحجة من سنة 1332هـ فاندحر الجيش العثماني بعد بضعة ايام ثم انسحب من البصرة في اواخر هذا الشهر فدخل الجيش البريطاني اليها في يوم 2 محرم من سنة 1333هـ ,ثم سقطت القرنة في 20محرم بعد معارك عنيفة ,فجمع العثمانيين جيشاً كبيراً لاسترجاع البصرة فحدثت معركة كبيرة دامت ثلاثة ايام في الشعيبة فشل فيها العثمانيون مما ادى الى انتحار القائد (سليمان العسكري بك) ,ثم سقطت العمارة في اوائل شهر رجب وتلتها الناصرية في اليوم التاسع من رمضان ,واستمرت الحروب بين الدولتين حتى سقطت بغداد بيد البريطانيين في 15 جمادي الاولى سنة 1335هـ الموافق 11 اذار سنة 1917م . وبذلك ينتهي الكتاب . مختصر تأريخ البصرة تأليف علي ظريف الاعظمي /طبعة دار ضفاف للنشر والتوزيع ط1 /2013 .
|