أكذوبة ... المسافة الواحدة بين الكتل !

إني خيرتك فاختاري ... رائعة من روائع نزار قباني ... ( إختلفنا معه أم وافقناه في توجهاته ) ... يضع فيها قاعدة للمُحبين ... يطلب فيها منهم وضوح وصدق إطلاق المشاعر ... كما يطلب منهم إعلان القول الفصل ...ويرفض المراوغة والتهرب ...أواللعب على الألفاظ فيقول : ( لا توجد منطقة وسطى ... ما بين الجنة والنار ) ... فيُعلن أن لا وجود لأصحاب أعراف في عالم المحبين .
واليوم وبينما نعيش معمعة الإنتخابات البرلمانية ... التي ينتظر فيها العراقيون التغيير بفارغ الصبر لإصلاح واقع أقل ما يقال عنه أنه إستئصالي وفاسد ! ... تخرج علينا بعض الكتل والرموز الإنتخابية المراوغة وغير الصادقة لتقول : إنها على مسافة واحدة من جميع الكتل !!! ... وهم يعتقدون أنهم بهذه العبارة الدبلوماسية سيهرولون بالخروج من ضيق الجواب الحق ... إلى سعة المراوغة والكذب السياسي ! ...حتى تظهر نتائج الإنتخاب ليُغلب كل منهم مصالحه ويعقد صفقاته ! .
وإذا ما كان عُذر السياسيين العراقيين أن أدواتهم الناجعة اليوم في الساحة السياسية تعتمد على اللف والدوران ... وعلى لَي أعناق الحقائق ( بل وكسرها ) ... ومن أننا يجب أن نتحملهم وقد تلوثوا بالعمل السياسي ودهاليزه الموحلة ... وإذا ما قلنا مجازا أننا نلتمس لهم العُذر ... ( وأعود وأقول مجازا ... نلتمس لهم العُذر ) ... فبأي وجه وعلى أي ملّة نلتمس العذرلمن تصدر كمرجعية دينية وقيادة واعية إذا ماصدر منها ذات القول !!! .
 وإذا ماكان نزار قباني ... مرجع المُحبين والولهانين ... قد رفض أن نكون على مسافة واحدة بين نار الحب وجنتة  !!! ... فهل نقبل نحن اليوم ممن إرتضوا أن يحملون أمانة المرجعية الدينية أن يقفوا على مسافة واحدة بين نار المُفسدين ( وما أكثرهم ) وجنة المُصلحين ( وإن قلّوا ) !!! .
لقد كنا ننتظر من تلك المرجعية أعلى كلمة حق ... تصُم الآذان ... وتُخرس الغيلان ... وتطرد القوارض والجرذان ! ... وهي تعلم علم اليقين إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ... وهل من جور كالذي عاشه العراقيون في سنواته الثمان العجاف ... في ظل حكومة لم تعرف سوى الإستئصال والدكتاتورية والفساد !!! .
ثم ... لماذا كنا نتباكى على زمان غابر ... نلوم فيه مراجعا دينية في زمن الإمام الحسين ( عليه السلام ) ... ونعاتبهم لأنهم صمتوا ... ولم يُسمع لهم صوت ... وقد عاث يزيد في الأرض فسادا وأهلك حرث ونسل الصالحين !!! .
أختم وأقول ... ما أشبه اليوم بالأمس ... فالتاريخ يعيد نفسه ... وتبقى حاجتنا إلى رجال من المؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ... يرسلون رسالة صادقة( بالفعل لا بالقول ) ... من إنهم لا يخافون في الله لومة لائم ( مهما بلغ ذلك اللائم من ظلم وجبروت )... ومن أنهم على مسافة واحدة بين كل العراقيين ( لا بين كتلهم السياسية الصالح منها والطالح ) ... ولسان حالهم يصدحويقول : (والله ... ثم والله ... ثم والله ... لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) ! .