مجلسٌ للنوابٌ أم مجلسٌ للخراب ؟ |
تختار الشعوب مجالس نوابها ليمثلوها وينوبوا عنها في تشريع القوانين, التي تحتاجها فتأمِّنَ لها حياةً رغيدة هانئة تسودها العدالة وتكافؤ الفرص. وليذلل الصعاب أمام مسيرتها التنموية, ويكون صمام أمانٍ لسيادة الأوطان ودرء الأخطار عنها.أما مجلس نوابنا فلم يكن إلا مجلساً للخراب.فمن يستعرض سيرة المجالس السابقة والحالية و المشهد الأنتخابي الحالي و يرى الكم الهائل من المرشحين والمرشحات. بدون برامج ولا دراسات للنهوض بحال الأمة . صورٌ ولافتاتٌ تروجُ قبلياً طائفياً مناطقياً وعائلياً. فلم نرَ مناظرات أو مساجلاتٍ بين المرشحين. تدور حول برامج أو خططٍ أو آراء. إنما هذا الشيخ فلان بن فلان, وذاك السيد وتلك العلوية, والسيدأبو علي, وأم منتظر وأم جاسم, وأخو فلان وإبن خالة علان.بأزياء مختلفة, تسودها المفاخرة بالقبلية والأنتماء لا الكفاءة والعلم والمعرفة. هذا يوزع لحوماً وملابس ومرشحةً تَعِد بزيارة لسامراء او النجف. وآخر يَعِدُ بالعمرة .أما وعود التوظيف والتعيين فحدث ولا حرج.وستبنى دوراً للجميع وستكون الكهرباء فائضة والمياه عذبة و و و و و و و وكما قال المثل أواعدك بالوعد وأسكيك يا كمون. ولم نطل بلح الشام ولا عنب اليمن.مواعيد يستحي منها عرقوب.والبسطاء يصدقون فلا حيلة لهم ولا أمل لهم متشبثين بربما.وربما لا تتحقق إلا بإنَّما وبِلا حيث قال الله تعالى: لا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم. ورغم توجيهات المرجعية الرشيدة بعدم إنتخاب الفاسين والفاشلين. لكن هؤلاء بكل صلافة وغرور تحدوا المرجعية والمجتمع. وتصدروا قوائم المرشحين بكل وقاحة متسلحين بثروات منهوبة من مستضعفين وأرامل وأيتام. وبشلل من المنافقين المنتفعين أكلة المال السحت الحرام.وكما قيل إن لم تستحي فإفعل ماشئت. ولو بحثنا عن سبب كثافة المرشحين هذه وكثرة عددهم وقلة كفاءاتهم, لوجدناه سوء تصرف مجالس النواب السابقة. التي خصصت الرواتب التقاعدية الضخمة الخرافية والأمتيازات الخيالية للنواب ومكنتهم من التدخل في شؤون المناقصات والمقاولات والعمولات التي يتقاضونها, حيث لم تعرف أيديهم العفة. فدعمواهذا المقاول أو تلك الشركة أو جهات تخصهم ومنحوهم المقاولات, دون وجه حق,رغم علمهم بأنهم سراق وليسوا مقاولين شرفاء . فَنُهِبَتْ أموال طائلة. وأهدرت مبالغ من ميزانية الدولة تكفي لإعمار أكثر من بلد. فما الذي يمنعهم عن للترشيح. وقد سال لعابهم للغنائم التي سَهُل الحصول عليها؟ فعساها ضربة الحظ ترفعهم لهذا المقام وتسمح لأيديهم بالعبث بأموال الشعب وأخذ حصص من الوظائف للمقربين من الأهل والعشيرة والمريدين و المطبلين والمزمرين.وكل شيءٍ مُباح. دخل من هبَّ ودب ساحة الأنتخابات, طمعاً بالجاه والمال السائب.فكان المشهد أشبه بأسواق الخردة والمازاد. يصول ويجول فيه الدلالون والدلالات والمهرجون من صبية السياسة وعناتر هذا الزمن الأهوج, حيث إندحرت القيم, وعَلَتْ الأقدام على الرؤوس ,وإنزوى الأخيار أمام الأشرار.وتراجع النور أمام الظلام..فكل شيء مباح وجائز وضاع الحابل بالنابل. وتداخلت الأمورببعضها. حيث إمتزج الأسود بالأبيض.وسهل على المخادعين الأصطياد بالماء العكر. تمر الأيام والشهور ومجلسنا النيابي غارق في نزاعات رؤساء الكتل على المغانم والمكاسب. وأما هموم الشعب وما يمر به من مأساة فلا محل لها عندهم من الإعراب. ولا تدور بخلدهم ولا تشغل حيزاً من تفكيرهم. وهم موقنون متيقنون إن سبب تردي أوضاع البلاد هو ضعف مجلسهم, وعدم كفاءة النواب .فأهملوا تشريع قوانين مهمة من أهمها تعديل قانون الإنتخابات وتعديل الدستور.و قوانين مهمة كمجلس الأتحاد, وعلاقة المركز بالأقاليم, وقانون النفط والغاز, وقانون الأحزاب, وقانون إعادة هيكلة الدولة, وتوزيع الثروات بما يضمن حق الأجيال القادمة, وقانون المحكمة الأتحادية العليا, وتعديل قانون الأدعاء العام, وجملة من القوانين الهامة التي تهم مصير الأمة.إنشغلوا بإختلاق الأزمات والتسقيط السياسي والمغانم. وأهملوا الخدمات والأمن فشاع الفساد والأرهاب. كان من المفترض أن يعدل المجلس الحالي شروط المرشح بشهادة تخرج أعلى مما هي عليه في القانون الساري المفعول. وتأييد ترشيحه من 3آلاف على الأقل ممن لهم الحق بالأنتخاب ومن حملة الشهادة المتوسطة.ووضع غرامة على من يخسر الأنتخابات بمبلغ 20 مليون دينار عراقي ليترك المرتزقة الساحة للمؤهلين.ولكن مجلسنا الحالي لم يكن مجلساً للنواب بل مجلساً للخراب. لم تبق إلا أيام قلائل على موعد الأنتخابات. ولا أظن أن تغييراً جوهرياً سيحدث .وربما ستلد هذه النخابات مجلساً للخراب لا مجلساً للنواب.فما العمل يا ذوي الألباب؟؟
|