ما معنى الإنتخابات و الى اين ؟

تتفق الاوساط القانونية و السياسية و الإجتماعية الدولية و غيرها، على ان الإنتخابات تعني تجديد السلطة الحاكمة ـ الحكومة ـ بعد دورة انتخابية، لصالح المنفعة العامة لأوسع القطاعات الشعبية في البلاد و خاصة الأوساط الكادحة، بعد ان جُرّبت تلك الحكومة خلال سنوات حكمها التي يحدد الدستور مدّة دورتها. و على اساس التبادل السلمي للسلطة من خلال تنافس القوى و الأحزاب السياسية الناشطة في اطار دستور البلاد الذي جرى التصويت عليه .
و في وضع البلاد الذي لم يعد خافياً لا على الجماهير الشعبية و لا على الاحزاب السياسية، بسبب معاناة الجميع من الارهاب و الصراع الدموي الطائفي و من التهديد به و معاناتها من عدم الاستقرار، و بسبب تزايد معدلات البطالة و البطالة المقنّعة، و تزايد معدلات الفقر و وصولها الى اكثر من 6 ملايين نسمة يعيشون دون خط الفقر . . . رغم تزايد معدلات الدخل لأوساط ذات دور اجتماعي و ثقافي .
اضافة الى الدور السئ لحكومات دول الجوار، الدور الذي لم يخرج عن اطار مصالحها و منافعها الضيّقة و الانانية، و لا عن اطار محاولة استغلال البلاد كسوق لتصريف منتجاتها، او محاولة تكبيلها و جعلها دولة تابعة لها، وفق ابرز وكالات الانباء العالمية . . و الاخطر من ذلك، محاولاتها التخلص من ارهابيي معارضاتها الداخلية، بدفعهم الى العراق و تسهيل وصولهم اليه، مستفيدين و مطوّرين تجاربهم السابقة بتخلّصهم منهم في اعوام الاحتلال السوفيتي لأفغانستان ، بواجهات العفو السياسي و الجنائي عنهم و بدعم النضال المنافق لحماية الدين ؟؟
الامر الذي جعل مصير البلاد متعلّق بمواقف قوى خارجية و صراعاتها، الذي لم يقدّر مخاطره حتى رجال بارزون في العمل السياسي اليوم، حيث تفاجأ عديد منهم على حد قولهم بلقاء مبعوث الخارجية الاميركي بريت ماكورك و الجنرال الايراني قاسم سليماني الساعي لولاية ثالثة للمالكي، و الدور النشيط للسفير الاميركي في بغداد للقاء بالقوى الكبيرة خاصة . . لتقرير مصير البلاد و تضبيط سير الامور فيها بما لايخرج عن تحقيق مصالحهم، او توافق تلك المصالح في ثاني بلد في العالم في انتاجه النفطي، الذي يملأ متسوّلوه الشوارع و ينتظرون من القادر القدير و من "المنتظر"، الإنصاف و العدل، و هم لا يدركون الى الآن انهم هم الذين يستطيعون بصناديق الاقتراع ـ ان توفرت انتخابات نزيهة و وعي ـ . . تقرير مصير الحكومة القائمة ( حكومة الحرامية ) و الإتيان بحكومة نزيهة تعمل لصالح الشعب بالوان طيفه القومي و الديني و الطائفي، حيث تواصل الحكومة القائمة اهمال اشباعهم و امانهم و توعيتهم عملياً و فكرياً . .
فيما ينشغل المتنفذون بالسرقات و اللغف المنقطع النظير و ترتيب صراعات و انشغالات ابناء البلاد بنهش بعضهم البعض و بالبكاء على دولة صاروا يعيشون في اطلالها، وغيرها من الاساليب التي يسعى اليها عدد غير قليل من متنفذين في الحكم لضمان كراسيهم . . في اجواء التهديدات المتنوعة لرئيس الحكومة، التي قد لا تعي مفرداتها الجماهير الفقيرة الواسعة، و لاتعي مخاطرها من رجل فرد صعد بغفلة الظروف و الاحتلال و اشعال الصراع الطائفي، و عمل بكل دأب بمساعدة العائلة و الاقارب على تجميع السلطات بيده لوحده، ضارباً الدستور و البرلمان و وعوده هو ـ حتى لحزبه و قائمته ـ عرض الحائط، و موظفاً الحالة العامة للطبقة السياسية الحاكمة لإدامة كرسيه . . الطبقة السياسية التي امتلئت بلاعبين على حبال الطائفية و على تخزين اكبر مايمكنهم من الاموال في فرصة حكمهم الذهبية، لهم و لعوائلهم و ذويهم . .
و يتساءل كثيرون عن ما معنى الانتخابات و محاولات الاتفاق او فرضه او بإغراءاته، التي تجري على قدم و ساق لإدامة كرسي القائد العام، قبل الانتخابات لتوصيل فلان و قائمته و قطع الطريق على فلان و قائمته، او اخراج فلان و فلان من قائمته . . لصالح القائد العام اللاعب حتى على برنامجه الانتخابي هو، كما شهدت دورات حكمه حتى الآن . . حتى صارت شعارات (الديمقراطية)، ( التغيير ) مهازل تنشدها كل الاطراف الحاكمة، سواء الظالمة منها او المضغوط على طرفها.
بل و مزّق افراد من تلك الاطراف، باجراءاتهم و سلوكهم و هرّءوا شعارات " المنتظر " و " المظلومية التاريخية " بعد ان استخدموها كغطاء لممارسة حكمهم الظالم الذي صارت تأنّ منه اوسع الاوساط الشيعية باعتبارها الغالبية العربية في البلاد ـ فيما لم تكن مواقف الاطراف السنيّة الحاكمة او المتنفذة باشكال وسائلها بأحسن منها و تسبب بتمزّق "التحالف الشيعي" بضغوط المصالح الانانية التي تعجّ بها القوى المتنفذة التي جعلت من سرقات الصغار نكات للظرافة و التهكّم المؤلم . .
لقد وظّفت الاوساط الحاكمة النقص الواضح و خلو البلد من علمائه و اخصائييه، بسبب الصراع الدموي الطائفي و الاضطهاد الديني و السياسي، لجعل السلب و النهب هو الحل . . الأمر الذي اضاع حتى العقلانية بين اوساط كبيرة كما تتناقل وكالات انباء محايدة، و اوقع صفة ( حكومة الحرامية) على الاطراف المتنفذة الحاكمة و تسبب باستنتاجات و قناعات في الشارع لاتؤدي الاّ الى الضياع اكثر . . كاستنتاج اذا كان الحرامي " شحاذ وقح " فلا تتطلب الاّ القوة لازاحته من الطريق . . و السؤال هنا اية قوة ممكنة في ظروف البلاد غير قوّة القانون و القضاء المحايد النزيه ؟؟ الذي تحاربه حكومة القائد العام القائمة بكل قوّتها .
من جانب آخر تظهر افكار تدعو الى : ان فشلت كل الطرق لماذا لا يعلن الكفاح المسلح و لكن لايُعرف من مَنْ و ضدّ منْ و من سيربح منه . . و هي وليدة ما يمارسه الطائفيون المتطرفون من كل الاتجاهات و المذاهب . . الذي صار يهدد به مسؤولون حكوميون بملئ افواههم و يصفوه بتهديداتهم بامكانيتهم على اشعال الحرب الاهلية ـ ان لمْ و لمْ ـ . . الحرب التي تحوم اشباحها على البلاد !!! على حد قولهم .
و مما تقدّم تزداد المطالبة بانتخاب قوائم التحالف المدني الديمقراطي التي تضمّ وجوهاً عرفت بنزاهتها و بنضالها ضد الدكتاتورية و من اجل الديمقراطية الحقة و الحكم المدني الدستوري البرلماني، و السعي الى ان تلعب دوراً اكبر في حياة البلاد !