استحواذ مبكر

صاغ الديمقراطيون الغربيون نظام سانت ليغو ليعبر عن إرادة الناخبين في بلدان تتسم بالتعددية، بقصد فسح المجال امام المكونات الأقل عدداً في أن يكون لها ممثلون في السلطة التشريعية وبقية المؤسسات.
ويظل نظام سانت ليغو محاولة لتطمين القوى الإجتماعية والسياسية على قدرتها في أن “ترفع” من يمثلها مصالحها عند تشريع القوانين، دون استحواذ طرف وفرض تصوراته واستفراده. بالتالي فان نظام سانت ليغو يجعل العقد الاجتماعي الذي دعا له جان جاك روسو بين “ممثل” الناخبين والناخبين قائم على درجة اكبر من القدرة على استيعاب المكونات والقوى السياسية الاقل عدداً.
ويشهد إقليم كردستان والمناطق المحاذية له، ضمنها المناطق المتنازع عليها، في صلاح الدين وديالى والموصل، خوض القوى السياسية الرئيسة الانتخابات بطريقتين، الأولى هي تعدد المرشحين ضمن قائمة موحدة للاحزاب الكردستانية، كما هو الحال في خانقين وطوزخرماتو. والشكل الثاني هو خوض قائمة الحزب الكبير الانتخابات بعدد كامل من المرشحين.
أما في وسط العراق وجنوبه، والمناطق المحاذية للإقليم، فان اغلب القوى السياسية الرئيسة تخوض الانتخابات بقوائم متعددة، بعضها يتراسه عضو في حزب رئيس او موالٍ له، مع الحرص على جمع عدد من الحلفاء.
ومن الواضح ان تعدد القوائم للقوى الرئيسة وحلفائها خارج الإقليم، القصد منه الالتفاف على المحصلة المرجوة من نظام سانت ليغو المعدل في ضمان حضور افضل للأقل قوة، ضمن تصور في ان هذا الحضور يضمن تمثيلاً اكثر عدالة لـ”الأقليات” الاجتماعية والسياسية، بالتالي يطمأن هذه القوى إلى شراكتها في التشريع، بجانب ما يعنيه من تحفيز لضمان وجودها في مؤسسات الدولة.
إن ما تمارسه الأحزاب والقوى السياسية الرئيسة في الأقليم يؤكد الإيمان بمشاركة الجميع في بناء الدولة انطلاقاً من تشريع قوانينها، في حين ان ما يجري خارج الإقليم يعني توجهاً مدروساً لمصادرة فرص الأصعف في المشاركة، ضمن تصور على ان نيل الأغلبية النيابية يعني سهولة إدارة شؤون الدولة. واغلب الظن إن مثل هذا التصور المبني على “سهولة” الإدارة يتناسى قضية اساسية مهمة وهي شراكة الجميع في القرار في الظرف الصعب. وهو ما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية.
ومع ان مثل هذه الحكومات يتم العمل وفقها في الظروف الصعبة في اغلب الديمقراطيات العريقة، على الأقل من خلال اشراك المعارضة، او بقية القوى السياسية خارج الحكومة فيما يجري وبلورة القرار الأفضل لمصلحة الوطن، فان خطة الألتفاف على القوى الأضعف لا يبشر بالخير. خصوصاً وان القوى المدنية الديمقراطية تعاني من إشاعة التعصب ورشوة الناخبين بـ”مكارم” اللحظة الأخيرة قبل الإنتخابات، ضمنها توزيع الأراضي السكنية والعديد من الوعود.
بالمحصلة فان لعبة مبكرة على نتائج الإنتخابات تتم بحجة حرية الترشيح، التي اسجل هنا للأحزاب الكردية الرئيسة انها ارفع من الخوض فيها لوعيها بالحاجة الوطنية الكردستانية للجميع.