شائعات انتخابية

مع قرب 30 نيسان، يشتدّ وطيس الصراع الانتخابي، وتتزايد عمليات الوعيد والتهديد، من حكومة شراكة إلى أغلبية، ومن ضرب الإرهاب إلى إسقاط المالكي إلى بناء دولة عادلة. اليوم كل المرشحين تحولوا إلى ملائكة، لاتنقصهم إلّا الأجنحة البيضاء. وحتى أولئك الذي ربضوا على قلب المشهد السياسي منذ 9/ 4/ 2003 ولم يقدموا إلّا أسوأ الأمثلة على إدارة الدولة، ما زالوا يأملون في تجديد الثقة بهم بناء على معطيات خيالية. المشهد الانتخابي غارق في الطوباوية، وسخونة الدعاية الانتخابية تزداد شيئاً فشيئاً، وقد تصل إلى حد الانفجار، وفي كل يوم نسمع شائعة انتخابية جديدة، فقط في مواسم الانتخابات يتحول الجميع الى منجمين وفتاحي فال.
يدور الحديث عن اتفاق بين كل الكتل ـ باستثناء دولة القانون ـ، والغرض إزاحة المالكي بأيّ صورة وأيّ ثمن، حديث آخر عن انفراط هذا التحالف الواسع العريض أمام أقرب اختبار قوة، وسينسحب بعض أركانه تكتيكياً أمام وعود وتنازلات من رئيس الحكومة. ويدور حديث أيضاً عن عدم ثقة القوائم المختلفة ببعضها، بل أن صفة الخيانة وعدم احترام الكلمة موجود قبل يوم الانتخابات. المالكي الذي يطرح نفسه رجلاً قوياً يقود قائمة قوية لم يسلم من الشائعات، حيث تردد أن بعض صقور دولة القانون يقودون حملة لإحلال بديل من بينهم في حال عدم رضا الآخرين به، وذلك في مناورة مكشوفة حتى لايفلت المنصب الغالي من بين أيديهم.
قبل أربع سنوات، استمر الصراع بين علاوي والمالكي 8 أشهر، حتى انتصر الأخير ـ بعد تنازلات جسيمة من بينها تشكيل حكومة بـ43 وزيراً وثلاثة نواب ومجلس سياسات لم يرَ النور ـ، وفي الأشهر الثمانية، وبسبب تقارب النتائج نوعياً، نفرت كل الكتل من المالكي، وأصرّت على التغيير، ثم انصاعت بعد ضغط الوقت والناس، وأضمرت في نفسها خططاً بديلة. المهم أن المالكي تسلم ولايته الثانية بعد صراع طويل، كلّفه الكثير من الجهد والوقت. لا أزعم اليوم أن السيناريو السابق سيتكرر، ربما لأن الفرقاء في أرجاء الوطن وصلوا مرحلة كسر العظم، فالقبول بالمالكي رئيساً للوزراء هزيمة لدى البعض، وترشيح شخص جديد للمنصب هزيمة كبر لدى اليعض الآخر. لكن كل شيء وارد حتى إذا تغيرت الظروف.