طاعون التفكك

إن كل إنسان حصيف النظر ودقيق المتابعة ويمتلك ذهنية واعية وراصدة , يجد بقناعة أن العلاقات بين المواطنين والمرشحين للبرلمان في خط النزول , وهذا يعني أن وحدة البلد ووحدة المجتمع قد تسرب لها طاعون التفكك والتمزق .. إن المواطن المثقف والكبيرة في عقله يجد بيقين وواقعية أن الترابط والانسجام والإيثار والتضحية والحب والتالف بينه وبين القوائم والائتلافات ليس متينا وقويا وصلدا وصادقا ومتماسكا , ولم يكن مبنيا على أسس قوية ودعائم صلدة من النقاء والوفاء والاحترام . ولا اعتقد يختلف معي احد عندما أقول : أن العلاقة بين المرشحين لأي انتخابات في الدول الأوربية مبنية على التوادد والتآخي والتصافي وكأنهم عائلة واحدة يتبارون من اجل إشاعة الخدمات الإنسانية والعدالة والمثل الوجدانية السامية , وان العضو الفائز في الانتخابات الأوربية إذا ارتكب خطا أو اقترف سوء أو سف إلى منحدر لا أخلاقي فانه يشعر بأنه أصبح محتقرا منبوذا يخجل من نفسه ويتوارى عن الأنظار حياء واستحياء ويتعرض إلى هجمة شرسة وقاسية من أهله وذويه ومجتمعه والأمثلة بالعشرات على ذلك , وعلى هذا الأساس نجد المسؤول الأوربي المنتخب حذرا يقظا محترسا من كل سقطة أو هفوة يتعرض لها لأنه موقن أن عقابا اجتماعيا قاسيا يلاحقه , ولهذا نرى العلاقة بين المواطن والمسؤول في المجتمعات الأوربية تتوهج بها لألئ العدالة الاجتماعية كالصدق والعفوية والبراءة والإيثار المتبادل . إن الذي يثير العجب في العراق إن العلاقة بين المرشح الفائز في أية انتخابات والمواطن الذي ينتخبه تبدأ بالتآكل وتتفتت بمجرد جلوس العضو الفائز على الكرسي ووصوله لمراده , وياليت الأمور تقف عند هذا الحد بل نجد العضو الفائز يعمل كل ما بوسعه من اجل أن يعشعش بالامتيازات وإكمال دراسته العليا ويندفع لجمع الأموال وهمه السفر والأسفار والملك والتملك وإسعاد أولاده وأهله وأقاربه ومريديه وأنصاره ويشعر بفرحة ونشوة عندما يسرع لانجاز كل ما يطلبه حزبه منه , ونراه بعيدا كل البعد عن الخدمة التي يجب أن تقدم للمواطن المتمسك بعروة الوطن والشرف . أسال الجميع بشرفكم هل وجدتم أو شاهدتم أو سمعتم أن عضوا واحدا من أعضاء البرلمان قدم خدمة المواطن على خدمة حزبه وعائلته وأقاربه ..؟ وهذا هو السقوط في مهاوي التردي والابتذال . أيها المرشحون الجدد اجعلوا مصلحة المواطن المقهور في الخط الأول من تفكيركم , ولو فزتم في الانتخابات كونوا كالأم الرؤم تضخ الحنان والتحنان والعطف والتعاطف على أبنائها فتمرض لمرض أي منهم وتسهر على راحة وسعادة أولادها . إن البرلماني النظيف والشريف والمواطن كالعائلة التي اجتمعت على لغة الخدمة والإنسانية والمحبة والمودة والاحترام المتبادل والمتصاعد إلى ذرى الذوبان في بوتقة الألفة المستديمة , ولا تجعلوا الألفة تتصدع في العراق وتقترب من التلاشي ولا تجعلوا الواقع العراقي واقعا خاليا من صدق الالتزامات والتعهدات ونقاء العلاقات بين الفائزين والمواطنين ...........