رسالة للأخ نوشيروان مصطفى.. في ظرف غير مغلق

بعد التحية
بلا شك سيدي الكريم ان التجاذبات السياسية في كوردستان لا تستطيع ان تلغي دور الاحزاب الكبيرة ومكانتها النضالية كالتي يتمتع بها الاتحاد الوطني الكوردستاني ، وانتم اعلم بتفاصيل نشائه ، وكيفية دخوله لمعترك المقاومة الباسلة ضد الطغيان دون مروره بمبدأ النجاح والفشل ، ومطاولته الدائمة التي لم تتأثر ابدا بالضغوطات الاقليمية والدولية حتى في احلك الظروف كالتي وفرتها المصالح السياسية والاقتصادية للغرب عموما لنظام صدام حسين قرابة اربعة عقود حتى اصبح في نظر العديد من المحللين السياسيين في العالم اجمع انه حامى حما الاول لتك المصالح بعد اسرائيل في المنطقة ، وكنتم حينها من المتحمسين ليسبق الاتحاد الوطني الكوردستاني الاخرين في اعلان الثورة مجددا ، والمفردات البسيطة في حياتكم النضالية توحي بانكم من سلالة ذلك الرعيل الثوري المتحمس الذين منحوا وجدانهم للثورة التحررية دون شروط ، وبشهادة من عاشركم مقاتلا وثائرا يقف المرء على روحيتكم القومية الاصيلة التي لم يصيبها الصدأ حتى دون ان يلتقيكم عن قرب ، فشهادة ذلك الرعيل الثوري الهادر يكفي ان نشخص بموجبها البريق اللامع في صفحاتكم النضالية ، ونقف على مصداقيتها دون شكوك....

واليوم حين نحاول ان نقارن تلك الصفحات بما انتم عليه الآن من تصميم واصرار على طمس تلك الحقائق الدالة في مسار ثوريتكم في صفوف الاتحاد الوطني الكوردستاني ، والطعن بثوابته التاريخية التي كنتم حتى الامس القريب تستظلون بظلالها ، نجد اليوم انفسنا مرغمين ان نفتش يمينا ويسارا لنقف على الاسباب التي نعرف بعضا منها ولا نعرف القسم الآخر المخفي ، الذي خلق لنا نوشيروانا غير نوشيروان الذي عرفناه من سرد رفاقه لرباطة جأشه وصبره على الشدائد ، والذين عاشروه في حومة الميدان التحرر الكوردي ، ووجدوا فيه كل مقومات النضال الشريف الذي جرده من التفكير بأمور لا تصب في مصلحة مبادئه الثورية النبيلة ، و استرخص من اجلها عقودا طويلة بحرا من الدماء والدموع ، وفضل ان يحتضن مع رفيق دربه الطويل مام جلال الجبال والسهول والوديان دون ان يفكر ذات يوم ان يغرد بعيدا عنه خارج السرب وحيدا ، بمعنى ان نوشيروان مصطفى أصبح اليوم في متاهات البحث عن شيء لا نعرف مغزاه ومعناه ، وان كل ما يطرحه ، حتى وان صفق له البعض فرحا امام الكاميرات ، فان ما وراء جدار قلوبهم حزناً وبكاءً لان الواقع الملموس بعد الاتفاقية المبرمة مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني يتناقض تماماً مع الاهداف السياسية التي جاءت من أجلها حركة التغيير ابان فترة تشكيلها ، والتي نظمت من اجلها عصياناً مدنياً في ساحة سراي امتد الى أكثر من ثلاثة أشهر ، وتضررت من جراءها الاسواق ومصالح الناس مما دفعت بحكومة الاقليم الى فض ساحة الاعتصام بالقوة ، وحصلت ما حصلت دون ان يتمكن الاعتصام واصحابه ان يجنوا ولو شيئا بسيطا من عصيانهم هذا ، وتفرق المجتمعون على ما اتفقوا ، وغادروا الساحة بخفي حنين ....

معذرة أخي نوشيروان ... ان لغتكم السياسية هذه الايام تثير فينا الضحك حتى تحولت الجزء الاكبر منها الى نكتة سياسية تتداولها الالسن بمزيد من علامات التعجب والاستفهام ، خصوصا تلك التي يتعلق بكركوك ورمز ادارتها الدكتور نجم الدين كريم ، وانتم تحاولون زرع الشكوك حول مصداقيته ، والاهم امانته على المال العام وحر صه على الارتقاء بالمستوى الخدمي والعمراني للمدينة ، والذي زادنا بكفاءته ايمانا بان انطلاقة الاتحاد الوطني الكوردستاني في كركوك ستقلب الموازين باتجاه سياسي افضل وأقوى مما هو عليه ، بمعنى آخر ان الرهانات التي تتناوبون عليها ستسقط حتما امام ارادة الكركوكيين بالاستناد الى ثقتهم الكبيرة به كشخصية سياسية وأداريه يحظى بالمقبولية التامة من كل مكونات كركوك واطيافها المتعددة ، وان الوتر الذي تعزفون علية سبق للعازفين عزفوه قبلكم طويلا ولم يجدوا له جمهورا ولا مستمعين فاضطروا ان يتركوا الحانهم الشاذة دون تكليف ..

لذلك نعتقد ويعتقد معنا كل من يقرأ وجوه اطياف كركوك ان المعركة للاتحاد الوطني الكوردستاني في كركوك هي محسومة النتائج لصالحهم ، لأن الذين ركبوا مركبة ((تغييركم)) قد ترجلوا منها بعد ان ادركوا حجم اللعبة السياسية التي تلعبونها بمعزل عن ارادتهم ، وتوهموا بشعاراتكم التي ملاءتم الدنيا بها ضجيجا ، وحرمتم التقارب والتواصل مع الديمقراطي الكوردستاني وصنفتموها بالتبعية والخيانة ، فيما تحللونها على أنفسكم جملة وتفصيلا بصفقات ابرمت ربما تحت ضوء الفانوس في غرف مغلقة ، ولهذا فلا أخفيكم سرا ان اربعة سنوات القادمة من عمر مشاركتكم في الحكومة سيكون انتحارا سياسيا لحركة (تغييركم) التي لم يجني منها المغررين بها سوى شعارات قابلة فقط للتناغم بها عند الحاجة ....

وان سنواتكم الثورية والسياسية قد لفتها الغموض وربما النسيان حتى من أقرب المقربين لكم من رفاق الخنادق التي كنتم حينها تحاربون فيها الطغاة بيد وتكتبون باليد الاخرى ايمانا منكم بان بالنضالات لا تتوج في النهاية الا بالسلاح الاخر وهو القلم ، ولست ادري ان كان هذا سوء قدركم السياسي الذي غير من مساركم ، أم كانت هنالك نية مبيته أدخرتموها لزمن غير معلوم ، لتفاجئون بها الشارع تحت عدة مسميات ومنها التغيير..؟؟ ولكن اي تغيير هذا ..؟؟ هل ان ازاحة المناضل مام جلال كقائد منح زهرة شبابه للثورة عن الساحة السياسية تعتبرونه تغييرا ..؟؟ شعاراتكم وبرامجكم السياسية منذ بداية تشكيلكم للحركة والى الآن لا تدور الا فلك الاستهانة بدور الاتحاد الوطني الكوردستاني وسنوات كفاحه البطولي ، هل يمكن ان تعتبرونها تغييرا ..؟؟ وهل انتم مؤمنون بان هذه الاساليب ستحد من دور هذا الحزب الذي منحكم اسما ومكانة بل وصفة قيادية جاءت منها شهرتكم النضالية ..؟؟، ولكن تنكرتم لها بمجرد ظهور خلاف حول الالية التي يتعامل بها الحزب مع الديمقراطي الكوردستاني وشخص رئيسه الأخ مسعود البارزاني ، على اساس كونه شريكا منصفا له قيادة وقواعد لا يمكن الاستهانة بها ، وصنعتم بسببها ضجيجا اعلاميا ، وكأنكم مرجعية سياسية لكل الاحزاب الكوردية لا بد من استشارتكم والعودة اليكم في الكيفية التي يتعاملون بها بعضهم مع البعض ، وهذه كانت مصيبتكم السياسية التي وضعتم فيها انفسكم في موقف لا تحسدون عليه ...
أخي نوشيروان ... ما كان بودي ان أحرجكم في بعض من جوانب رسالتي ، لو لم اكن على معرفة متواضعة بالجوانب الايجابية في سفر رحلتكم السياسية والنضالية ، وكان ذلك حافزا قويا ان لا اتردد في الكتابة اليكم ، لان في اعماقي الشيء الكثير الذي لم اتطرق اليه ، فالتغيير الذي تنشدونه ننشده نحن الكورد جميعا ولم نمل عن المطالبة به ، الا ان الظروف الحرجة التي تمر بها امتنا الكوردية تحتاج منا التريث ، بسبب تلك الانياب المكشرة التي تدنو شرقا وغربا من سقوف أكواخنا الوردية ، ونحن غافلون من العديد عن سيناريوهاتها المعدة في دوائر حاقدة على نهوضنا القومي والوطني الذي أغاض العديد من أصحاب تلك النوايا ، وبسببها لا يتأملون لنا خيرا ، عذرا لإطالتي ... ودمتم