قتل المرتد.. الاسلام منه براء! – الجزء الاول |
لم يتضمن اي كتاب ديني نصوصا تكرس الحرية العقائدية كما هو الحال مع القرآن الكريم وخاصة في الشق المكي منه حيث نزل في مكة حوالي ثلاثة ارباع القرآن الكريم والتي ادعى كهان الاسلام بانها نسخت بآيات القتال المدنية وقد بينا من قبل زيف تلك الادعاءات في مقالنا السابق المنشور على موقع العراق تايمز بعنوان النسخ في القرآن فرية الكهان تحت هذا الرابط aliraqtimes.com/ar/page/21/04/2014/29016 وهذه الايات صلحت لان تتضمنها وثيقة حقوق الانسان العالمية وخاصة الاعلان القرآني الأشهر {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256 وقد كرس الله في هذه الآية الحرية العقائدية وعللها بحجة بالغة وهي ان الغي قد تبين من الرشد كما يتبين الخيط الابيض الاسود من الفجر وبالتالي فمن يختار طريق الاسلام او طريق الكفر فهو من يتحمل عواقب اختياره سلبا كانت ام ايجابا ولكل من يقول بالنسخ افلا تستطيع ان تجيبنا لما نسخ الله تعالى هذه الآية هل اختلط الغي بالرشد من جديد ؟ أم جد في علم الله تعالى ما استجد ؟ وسبحان الله تعالى عما يصفون وتعالى سبحانه عما يدعون علوا كبيرا . عندما تقلب القرآن الكريم ستجد ان هناك اكثر من آية وفي اكثر من سورة توطد الحرية الفكرية فالقران الكريم يقول في موضع آخر {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}الكهف29 وعندما تقرأ هذه الآية تشعر ان هذا النبي الكريم الذي جرت على لسانه تلك الكلمات كان يعيد رسم مسار الانسانية وهو يعيش في مجتمع يعلن الكراهية والعداء له ذلك المجتمع المكي الذي بالغ في أصناف العذاب التي أذاقها للنبي وأصحابه ورغم هذا يخرج اليهم هذا النبي المستضعف وفي فمه كلمات هزت الأرض من تحت ارجلهم وكسرت دكتاتوريتهم ومحاربتهم للحرية الفكرية والعقادية ليقول (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هذا الاعلان الكبير لم يكن على ما يبدو يقض مضاجع دكتاتورية قريش فحسب انما يقض مضاجع الكثير من الدكتاتوريات المترسخة في عقول الناس والتي استخدمت دين الحرية الإسلام العظيم وسيلة اخرى لاستعباد الشعوب وقتل المعارضين بحجة الهرطقة والكفر بما هو معلوم من الدين بالضرورة وليت شعري الا يوضحون ما حجية تلك العبارة وما هو المعلوم اصلا من الدين بالضرورة وما هو غير المعلوم ؟! هذا الاعلان لم يجد له وعاظ السلاطين من دواء الا فرية النسخ حتى يحاولوا اطفاء نور الله بافواهههم ولكن الله يأبى الا ان يتم نوره ولو كره من كره . ان الله تعالى يشبه النبي الكريم وبعثته ببعثة موسى الى فرعون الذي أجبر الناس على عبادته دون الله الواحد القهار وعذب سحرته لانهم آمنوا برب موسى وهارون قبل ان يأذن لهم فقال الله تعالى عن حبيبه النبي (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً{15} فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً{16} فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً{17} السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً{18} إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً{19}) واختتم آية التشبيه باعلان مماثل اخر لما ورد في سورة الكهف هو ان قال من شاء اتخذ الى ربه سبيلا اي ترك الامر والاختيار للانسان ان يختار السبيل فقال {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }البلد10 وبما إن الله هداه النجدين فقد اعطاه الله حرية الاختيار فقال {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }الإنسان3 .
الأديان السماوية والإضطهاد الفكري : إن القرآن الكريم سرد في آياته قصص الأولين للاعتبار فقال {وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }هود120 وفي تلك القصص تبيان لأمرين مهمين أولهما إضطهاد مترفي تلك القرى للرسل وثانيهما الإعلان ان السيف لا يمكن ان يكون اداة لإجبار الناس على الإعتقاد بأي دين فيقول الله تعالى مثلا عن ابراهيم عليه السلام وتهديد عمه له {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً }مريم46 وقال ايضا عن الرسل الذين ارسلهم الله تعالى لاحد القرى قول دهاقنتها للرسل {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }يس18 وقول كثير من اهل القرى لرسلهم {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ }إبراهيم13 وقول قوم شعيب له {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ }الأعراف88 . فبماذا رد الرسل وماذا قالوا ؟ يقول الله تعالى في كتابه الكريم أن شعيبا قال بعد تهديد اهله له (قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ) فهل السيف يستطيع ان يثني الناس عن اعتقادها ؟ ان جميع الرسل بلا استثناء واجهوا القتل والتعذيب والإيذاء لانهم ردوا الناس عن دين ابائهم الاولين وصححوا مفاهيمهم المعوجة فما كان جواب قومهم الا الامعان في الغي وإيذاءهم بحجة الخروج عن ملل الاولين وقد حفل القرآن الكريم بذكر أصناف ممن عذبوا في سبيل الرسالات السماوية ومنهم اصحاب الكهف واصحاب الأخدود وغيرهم . فهل يا ترى بعد ان مكن الله تعالى لأتباع تلك الاديان واورثهم ملك من سبقهم يبيح لهم إستعمال القوة والسيف لإجبار الناس على الإعتقاد بالدين الحق وهو يقول معاتبا خلقه من المؤمنين بالقول {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف3 ؟
ان الإسلام المحمدي هو رسالة سماوية عظيمة خاتمة بينت في ثناياها مقدار الرحمة والانسانية التي يحملها هذا النبي الكريم فقال الله تعالى عنه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107 وهذا الأسلوب في الخطاب يفيد الحصر اي ان بعثة النبي كانت رحمة لكل الناس بدون إستثناء لذلك ترى ان هذه الرحمة تتجلى في امور عديدة اهمها حرية الاعتقاد فيقول الله تعالى في سورة البقرة {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256 فمع اقراره بالحرية الدينية الا انه قد بين ان من يتمسك بعرى الله الوثيقة سيناله من النعيم ما ينال ولكن من دون اجبار. لكن الله تعالى عندما منح الناس حق حرية العبادة أجبر نبيه وامره ان يخص الله تعالى وحده بالعبادة فقال في مواضع عدة من القرآن اني نهيت ان اعبد الا الله تعالى فقال 1 - { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ } الانعام56 2 - { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } يونس 104 3 - { وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ } الرعد36 4 - { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } النمل91 5 - { وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يس22 6 - { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ } الزمر11 7 - { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } الزمر14 8 - { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } غافر66 9 - { لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } الكافرون2 ولكن عندما تعلق الأمر بالناس قال لهم اعبدوا ما شتم {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }الزمر15 هذه هي رسالة الإسلام الحقيقية تمنح الناس الحرية في الإعتقاد وتلزم رسولها بالإعتقاد بالله الواحد القهار فأي سمو تملكه تلك الرسالة العظيمة !
يتبع ان شاء الله |