الكاتبة عناق مواسي.. كنت اندهش من صانعي اللغة كيف يستطيعون عبر عشرات الحروف أن ينحتوا أبجدية ويصنعوا لغة وحضارة ..! حاورها : شاكر فريد حسن |
عناق صدقي أبو مخ مواسي كاتبة فلسطينية شابة من بلدة باقة الغربية في المثلث ، ومبدعة مفتونة بجماليات اللغة وفنون البلاغة . ولجت عالم الكتابة والإبداع وسارت بخطى واثقة ، واستطاعت أن تفرض حضورها ووجودها في المشهد الأدبي والثقافي المحلي من خلال قصصها المنشورة في الصحف والمجلات والدوريات الثقافية والملاحق الأدبية وكتابها الأول "ساعة رملية وثلاث أمنيات " ، الذي اشتمل على نصوص أدبية متنوعة عالجت موضوعات اجتماعية ، وجسدت المشاعر والأحاسيس الأنثوية الحميمة الدافئة من وجهة نظر أنثوية . وهي ناشطة نسائية وجماهيرية فعالة ، متزوجة من الصحفي حسن مواسي ، لديها ولدان بشار ونوار . درست في مسقط رأسها باقة الغربية ، وحاصلة على اللقب الأول في اللغة الانجليزية بامتياز ، وتكمل دراستها للقب الثاني بموضوع الإعلام . عملت مربية ومعدة تقارير في الإعلام المكتوب .وشاركت في العديد من اللقاءات الثقافية والأدبية في البلاد والخارج ، كان آخرها في المغرب . ولإلقاء المزيد على تجربتها ومسيرتها الأدبية كان هذا الحوار معها :
الكتابة الإبداعية سيرورة حياة، تتشابك فيهما الخطوط مكونةُ نسيجاُ اسمه الواقع المعاش بخيال اللحظة والتقافها، إيماناً وقناعةُ راسخة ان الخيال ينمو في بحيرة الواقع والواقع يزهر من الخيال. ليس بالخيال وحده تحيا الكاتبة ، علي أن امرر ذاكرتي على طواحين التجارب كي تأتيني اللغة طيعة لعجنها من قوالب الحنطة.
القراءة والكتاب رفاقي ، ، ومن ثم انسجاماً وملاذا ومحاورة وحواراً إلى أن أصبحت مزاراً ومداراً، في القراءة كنت أجد ما يملأ فكري ولم يقتصر الأمر على الأدب ! قراءة القرآن الكريم والاشتراك في مسابقات حفظ الأجزاء عمق التزامي للغة وسحرها وجمالها وقدسيتها . كلما اقرأ القرآن أكثر تمتلئ قواريري باللغة لقوله تعالى "نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن " . كنت اندهش من صانعي اللغة كيف يستطيعون عبر عشرات الحروف ان ينحتوا ابجدية ويصنعوا لغةُ وحضارة..! استمرار هذا الدافع جعلني اعشق اللغة وأتعايش معها حتى وجدت نفسي استمراراً للكتابة. احساسي المثقل والمتخم بما يدور حولي الزمني أن أحرر مما كان يجول في صدري، شعرت بالورق صديقا مخلصًا يشاطرني احاسيسي بدون قيود. أتذكر دفتر المذكرات الأخضر الذي أهداني إياه أبي وانا بجيل 8 سنوات . منذ تلك اللحظة بدأت التوثيق .
قرأت المنهاج المدرسي ولم اكتفِ ، كنت طماعة جدا فتوغلت في تاريخ الأدب العربي وموسوعات التاريخ المرصوفة لغوياً، حفظت الصفحات غيبا والصور اللغوية والكثير من ابيات الشعر ! بالطبع قرأت لكبار الأدباء العرب والجاهليين والمعاصرين ، ولا زلت مستمرة بقراءتي حتى اليوم . لا انجرف وراء الأسماء ورنينيها فقط إنما يستهويني النص واللغة.
في البدء كانت البؤرة الذاتية التي يتدفق من خلالها الأنا ، وأصبحت صديقة للأنا وأخواتها ، نقش في الذات عميق وشفاف ، وهناك شخوص وأمكنة كنت أنا الكاتبة أتحرك فيها زمكانياً لتؤثث النصوص. التحرك واضح بين الأماكن التي تربينا عليها إحساساً ، والأماكن التي هجرت والذاكرة المقتلعة والمهجرة وحكايات الماضي الممزوجة بالوطن المستشعر والمتوارث كماً ولفظاً. ثم انتقالاً الى الانسان باختلاف الأماكن وتوسيع رقعة المكان ليكون الانسان سيد الكلام.
بالطبع، وان كان كسنبلة تنمو في الحقل تميلها الرياح.. لا يزال الوقت مبكرا للحكم على انتاج ادب مميز له مثل هذه الخصوصيات. ربما اكثر الكتابة في السياق الاجتماعي واضح أكثر، وبتحفظ أيضاً..
النقد حركة مجاورة وبناءة للحركة الادبية ينشط كل منهما بتعاضد الآخر، بل إن النقد مرآة لعكس الضوء، يجب أن يتساوق على نظريات داعمة ومن وعي حضاري لثقافة النص وكاتبه، لا يزال هناك تقصير في الحركة النقدية التي لا يجب ان تقتصر على بحث اكاديمي محدود العدد وفقط ! على النقاد دائما السعي وراء تنشيط الاداء النقدي لان ذلك مصفاة مهمة وداعمة. التفت الى نصوصي نقاد مختلفون محلياً وعربياً، وتناولوا النصوص من اطراف عدة، لا أنكر إن ذلك يشحذ الهمة في الكتابة بل ويضاعف نبضات الحروف فيعلى ضغط الدفق للكتابة بشكل استمراري على تخطيط الابداع.
رغم أني لا أحب لبس قبعة الحاكم والجلاد، لكني استمتع كقارئة للقصص المحلية، هناك القصص التي استطاعت أن توثق سيرورة هذا المجتمع وعلاقته بالوجود.
مشهد نشيط وان كان الطمع في الاستزادة.
تضخ دماً في قلب الحياة ، ترفع الضغط وتنزله تارة اخرى.
إذا ما عكسنا المقولة، إن الوضع الراهن وان كان يجب اعادة تعريفه ، يشعل فتيل الثقافة كي تنير. الثقافة والإبداع بحاجة أيضا إلى بيئة داعمة ومتصالحة ليتألق .
بذكاء وإنسانية .
ساعة رملية هو الاصدار الاول ، والمشروع القادم سيكون رواية .
النص يقيدني انا لا اقيده! ما انا إلا واسطة بين الفكرة المحلقة في السماء وبين اصابعي التي تنقط حبراً .
بالطبع إلى روايات ولكن برؤىً مختلفة.
بالعكس، بوادر الخير موجودة وهناك الكثير من المثقفين الذين يأخذون زمام المبادرات، ويساهمون في تطوير المجتمع الى الأفضل، لا ننسى ان المجتمع العربي لا ينعم باستقلالية تامة ، ونحن نتبع الى مأسسة معينة.
تحدٍ كبير ! عالم تستطيع ان تقرا منه ما تشاء وقتما تشاء كيفما تشاء، سريع الالتهام وسيء الهضم، إن لم يكن القارئ منتقياً سحبه الموج الى دوامة من الفوضى التي نعيشها.
مرهف وحساس وجميل وذات طابع إنساني، يحمل في رحمه اجنة إبداعية، المرأة هي الاصل وهي الاساس.
مثلما أوصيت بالقراءة، أوصي بالقراءة، كتاباً وورقاً، أن تجامع الأصابع الأوراق ليتكون حنين اخر الى اللغة فيتفيأ تحت ظلالها القارئ. اعترف اننا بعصر تحديات ورقي صعب للغاية لكن يجب ألا نتهاون في الامر مهما بلغ اشده.
|