الانتخابات العراقية.. نموذج للتداول السلمي للسلطة

انجز العراقيون عرسهم الانتخابي بوعي ومسؤولية كبيرة ولم تسجل اية حوادث عنف او مصادمات حدثت اثناء توجههم لصناديق الاقتراع كما لم نلحظ ذلك بالنسبة للمرشحين الذين خاضوا الانتخابات وفق الآلية الديمقراطية المخطط لها سلميا . هدأت الأنفس بعد ان اعياها ضجيج الحملات الانتخابية المجنونة التي تفردت بها العملية الانتخابية العراقية بنموذج لم نشهدة في اغلب دول العالم بالنظر لحداثة التجربة الانتخابية ، اضافة لتوفر الكم الهائل من الثروات التي هبطت بصورة غير مشروعة على اغلب البرلمانيين والسياسيين . كما ان البرلمان العراقي لم يجهد نفسة لاقرار قانون تنظيم الاحزاب الذي يعتبر الشرط الاول والمهم لتنظيم أسس آية عملية سياسية ناضجة يراد لها النجاح والصلاح والديمومة . 
الآن يتطلع الشعب لنتائج هذة الانتخابات بعد ان تحمل بوعي كامل ضغوط واساليب الاعلام المعادي للعراق وتجربتة الديمقراطية والتي اراد بها تعطيل اجراء الانتخابات في موعدها المقرر واحداث فوضى عارمة في الشارع العراقي تنفيذا لمخطط مرسوم لة من قبل دول عربية واقليمية ودولية . الآن علية ان يتحمل الصفحة الثانية لهذة الحملة الظالمة وباساليب جديدة ماكرة بعيدة عن الشرف والاخلاق والمهنية وخلال هذة الفترة بالذات وبعد اعلان النتائج . وقد ظهرت بوادر جلية منذ ان اعلن في الساعة السادسة موعد اغلاق صناديق الاقتراع ، حيث بدأت الفضائيات المشبوهة والاخرى التابعة لبعض الاحزاب والكتل السياسية بالعزف على نغمة الخوف من تزوير النتائج وتعديل كفة الميزان لهذة الجهة او تلك واعطاء نتائج مفترضة وموهومة تحاول ان تشكك بحيادية المفوضية . 
اذن الترقب والانتظار المشوب بالحذر والتوجس يشمل الجميع سواء من هو قاب قوسين او ادنى من الانتصار الكبير او من الذين يمنون النفس بنتائج مرضية وحسب ثقلة ووزنة في الساحة العراقية ... وستعلن النتائج بعد العد والفرز لتبين مكانة كل كيان سياسي ودرجة مقبوليتة ومدى تقبل الشعب لطروحاتة ومنهاجة واهدافه . ومن خلال نتائج الانتخابات وما تفصح عنة من اعداد الفائزين لمقاعد مجلس النواب تبنى المطالب والاصطفافات والمواقف ، بالرغم من ان جميع الكتل والكيانات مهما كان حجمها ترى انها الاجدر والافضل وتمتلك الاحقية في فرض نفسها . وبينت بعض الاشارات والتوقعات ان كتل وتحالفات قوى مدنية ليبرالية ويسارية فرضت بصمتها في هذة الانتخابات واظهرت ا ن أفق المستقبل مفتوح امامها برغم امكانياتها المحدودة ماليا واعلاميا. 
المرحلة المقبلة بعد اعلان نتائج الانتخابات تختلف وبشكل جذري عن الفترة التي سبقت عملية الاقتراع وما تضمنتة من شد وضغوط وحرب اعلامية وما رافقتها من تسقيط ورفع شعارات اقرب الى شن الحرب والجهادعلى الطرف الاخر الى مرحلة وصلت الى رفع شعارات ( يجب ارجاع بغداد الى سابق عهدها ) و شعار ( طرد الغرباء عن بغداد ) ومن هم في داخل السلطة والعملية السياسية . اذن المرحلة الجديدة تعتبر مرحلة اعادة ومراجعة الحسابات بعد ان يعرف الجميع وزنة وحجمة وثقلة ، او ما يمكن تسميتها فترة اعادة التقييم لمواقفها وسياساتها من حيث الالتزامات والتوافقات وتحديد سير الاتجاة الواجب نهجة نحو اقامة علاقات جديدة في ظل ظروف جديدة املتها على الجميع نتائج الانتخابات . لتفتح صفحة جديدة من الجميع لبناء عراق ديمقراطي موحد بعيدا عن التطرف والتعصب لينعم الجميع بنعمة السلام والتنمية والرفاهية والمساواة والوقوف بوجه الارهاب والتطرف الديني والطائفي .