دعوة إلى إعلان (( دولة الدستور )) !!!

العراقيون بدون دستور ؛ وهم يدخلون الدورة النيابية الثالثة !!!
ديباجة الدستور العراقي
بسم الله الرحمن الرحيم {ولقد كرمنا بني ادم}

نَحْنُ أبناء وادِي الرافدينِ، مَوْطِن الرُسُلِ وَالأنبياءِ، وَمَثْوىَ الأئِمَةِ الأطْهَارِ، وَمَهد الحضارةِ، وَصُنَّاع الكتابةِ، وَرواد الزراعة، وَوُضَّاع التَرقيمِ. عَلَى أرْضِنَا سُنَّ أولُ قانُونٍ وَضَعَهُ الإنْسَان، وفي وَطَنِنا خُطَّ أعْرَقُ عَهْدٍ عَادِلٍ لِسياسةِ الأوْطان، وَفَوقَ تُرابنا صَلَّى الصَحَابةُ والاولياءُ، ونَظَّرَ الفَلاسِفَةُ وَالعُلَمَاءُ، وَأبدَعَ الأُدَباءُ والشُعراءُ.

عِرفاناً منَّا بحقِ اللهِ علينا، وتلبيةً لنداءِ وَطَنِنا وَمُواطِنينا، وَاسْتِجَابَةً لدعوةِ قِياداتِنَا الدِينيةِ وَقِوانَا الوَطَنِيةِ وَإصْرَارِ مَراجِعنا العظام وزُعمائنا وَسِياسِيينَا، وَوَسطَ مُؤازَرةٍ عَالميةٍ منْ أَصْدِقائِنا وَمُحبينَا، زَحَفْنا لأولِ مَرةٍ في تاريخِنَا لِصَنادِيقِ الاقتراعِ بالملايين، رجالاً وَنساءً وَشيباً وَشباناً في الثَلاثين منْ شَهرِ كَانُون الثَانِي منْ سَنَةِ أَلْفَين وَخمَْس مِيلادِيَة، مُستذكرينَ مَواجِعَ القَمْعِ الطائفي من قِبَلِ الطُغْمةِ المستبدةِ، ومُسْتلهمين فَجَائعَ شُهداءِ العراقِ شيعةً وسنةً، عرباً وَكورداً وَتُركُماناً، وَمن مُكَوِنَاتِ الشَعبِ جَمِيعِها، وَمُستوحِينَ ظُلامةَ اسْتِبَاحَةِ المُدُنِ المُقَدَسةِ وَالجنُوبِ في الانتِفَاضَةِ الشَعْبانيةِ، وَمُكَتوينَ بِلظى شَجَنِ المَقاَبرِ الجَمَاعيةِ وَالأَهْوارِ وَالدِجيلِ وَغيرها، وَمُسْتَنْطِقينَ عَذاباتِ القَمْعِ القَومي في مَجَازرِ حَلَبْجةَ وَبارزانَ وَالأنْفَال وَالكُوردِ الفَيلِيينَ، وَمُسْتَرجِعينَ مَآسِي التُركُمَانِ في بَشِير، وَمُعَانَاةِ أَهَالي المنْطَقَةِ الغَربيةِ كبقيةِ مَنَاطِقِ العِراقِ منْ تَصْفيةِ قيِاداتها وَرُمُوزها وَشُيوخِها وَتَشريدِ كفاءاتها وَتَجفيفِ مَنابِعها الفِكْرِيَةِ وَالثَقافيةِ، فََسَعينَا يَدَاً بيَدٍ، وَكَتِفاً بِكَتفٍ، لِنَصْنَعَ عِراقَنَا الجَديدَ، عِراقَ المُسْتَقبلِ، منْ دونِ نعرةٍ طَائِفِيةٍ، وَلا نَـزْعَةٍ عُنْصُريةٍ، وَلا عُقْدَةٍ مَنَاطِقِيةٍ، وَلا تَمْييز، وَلا إقْصَاء.

لمْ يُثْنِنِا التكفيرُ والإرهابُ من أن نَمْضِيَ قُدُماً لبناءِ دَوْلةِ القانونِ، وَلَم تُوقِفْنَا الطَائِفِيَةُ وَالعُنْصُريةُ منْ أَنْ نَسيرَ مَعَاً لِتَعْزِيزِ الوحْدَةِ الوَطَنيةِ، وَانْتِهَاجِ سُبُلِ التَداولِ السِلْمي لِلسُلْطَةِ، وَتَبْني أسْلُوب التَوزيعِ العَادِلِ لِلِثَروْةِ، ومَنْحِ تَكَافُؤ الفُرَصِ للجَمْيع.

نَحنُ شَعْب العراقِ الناهضِ تَوَّاً من كبْوَتهِ، والمتَطلعِّ بثقةٍ الى مستقبلهِ من خِلالِ نِظاَمٍ جُمهورِيٍ إتحاديٍ ديمقْراطيٍ تَعْددُّيٍ، عَقَدَنا العزمَ برجالنا ونِسائنا، وشُيوخنا وشبابنا، على احْتِرامِ قَوَاعدِ القَانُون، وَتحقيقِ العَدْلِ وَالمساواة، وَنبْذِ سِياسَةِ العُدوان، والاهْتِمَام بِالمَرْأةِ وحُقُوقِهَا، والشَيْخِ وهُمُومهِ، والطِفْلِ وشُؤُونه، وإشَاعَةِ ثَقَافةِ التَنَوعِ، ونَزْعِ فَتِيلِ الإرهاب.

نحنُ شَعْب العراقِ الذي آلى على نَفْسهِ بكلِ مُكَونِاتهِ وأطْياَفهِ أنْ يُقَررَ بحريتهِ واختيارهِ الاتحادَ بنفسهِ، وأن يَتَّعِظَ لِغَدِهِ بأمسهِ، وأن يَسُنَّ من مِنْظُومَةِ القيمِ والمُثُلِ العليا لِرسَالاتِ السَماءِ ومِنْ مسْتَجداتِ عِلْمِ وحَضَارةِ الإنْسَانِ هذا الدُسْتورَ الدائمَ. إنَّ الالتزامَ بهذا الدُسْتورِ يَحفَظُ للعراقِ اتحادَهُ الحُرَ شَعْبَاً وأرْضَاً وسَيادةً.

والحالة هذه ؛ فمنذ عام 2005 م وحتى يومنا هذا ، والدستور يعد مركوناً على رفِّ الانتظار المؤجّل .. حبراً على ورق .

لقد عانت الشعوب والأمم من ويلات الحروب الكونية والدولية والإقليمية والعرقية والقومية والطائفية والسياسية سنوات عديدة مثلنا ـ نحن العراقيين ـ إلا أنها استقرت على دستور دائم للبلاد .. احتكم الشعب إليه ، وانضوت تحت إرادته الجماهير، إلا نحن ؛ فرغم مرور دورتين انتخابيتين .. أكثر من عقد من الزمن على التغيير السياسي في العراق .. أكثر من ثمان سنوات على التشريع الديمقراطي ، ولكن ؛ لازال عراقنا وشعبنا يحتكم إلى قوانين دستور عراقي يعود إلى حكومة شمولية انقرضت كالديناصور مع انقراض جمهورية الخوف الخاكية ، إذ من المؤمّـل أن يتمتع الشعب العراقي بدستور يليق بمرحلته الوطنية الحرّة .

تمخَّض عن المرحلة النيابية الماضية مشروع حكومة (دولة القانون) إلا أنها كانت اسماً ليس على مسمّى ، فرغم مرور أربع سنوات على توليها الحكم .. بل ثمان سنوات ، إلا أنها لم تعالج موضوعة شعارها الذي حملته (( دولة القانون )) ، وأيّ دولة قانون تغييرية لدولة بعثية حكمت العراق 35 عاماً ، دون أن تغيّر أو تلغي العمل بقوانين الدولة الساقطة ، بل العكس ؛ فقد أوشكت أن تكون قوانين مقدسة عراقياً .. يخشى التقرب للنيل منها أو المساس بها أي مشرّع قانوني أو عضو من أعضاء البرلمان العراقي بدورتيه النيابيتين !!؟..

فقوانين صدام حسين مازالت سارية ونافذة ، وكأن الدولة البعثية الصدّامية لازالت تحكم العراق ، حتى بعد سقوطها ، منذ 9/4/2003 إلى يومنا هذا !

هنالك جبنٌ تشريعي في عراق ما بعد التغيير ، ولا تعرف الجماهير؛ ما هي أسباب هذا التخوّف من إعلان ثورة إنقلابية تغييرية على الكيان القضائي القانوني التشريعي في العراق وفقاً لدستور عام 2005.. بما يقتضيه العراق الجديد من تعديلات !!!؟

هل هنالك خلل في دستور2005 ، إذن لنعالج مَواطن الخلل !

هل دستور العراق السابق لائق ؛ إذن لنرجع إليه ، ونعلنه دستوراً دائماً للبلاد !

هل هنالك ضعف تشريعي لدى القائمين على التشريع في العراق ؛ إذن لنستعنْ بالخبرة الدولية العالمية ، كي يكتبوا لنا دستوراً جديداً !

ومن هنا ؛ والعراق يقبل على دورة تشريعية ثالثة ، فلابد أن يعلن البرلمان العراقي عن تشكيل حكومة دستورية ، وأن يعلن عنها ، باسم ( دولة الدستور) ، تتبناها الكتلة النيابية الأكبر ، وتتعاطف معها الكتل النيابية الأصغر ، بتجرّد كامل عن الأنانية الحزبية والطائفية والقومية .. خدمة للجمهورية العراقية ومصلحة الشعب .