يعتمد قيام المجتمع الفاضل على العدل والمساواة, التي تعتبر من اساس الملك, ومن خلالها يكون اداء الواجبات المترتبة على الفرد في المجتمع, وشرعيته للمطالبة بجميع الحقوق, وحين تتحقق المعادلة نتجنب الكثير من الاشكاليات التي من شأنها ان تربك وتفكك النسيج الاجتماعي وتأخر تقدم ذلك المجتمع في بناء الحضارة بالحقبة الزمنية التي يعيشها تكون مفخرة الاجيال في المستقبل. ان عدم المساواة من اشد الابتلاءات على افراد المجتمع, بل ان من اكثر الاسباب التي تؤدي الى فقد ثقة المواطن بحكومته هي مطاطية القانون, فان الله يأمركم " إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا"( النساء58), بالأمس كان المواطن العراقي يعاني كثيراً من مطاطية القانون التي تسلط بها النظام البائد على رقاب الشعب, حتى ان المواطن الفقير كان يخاف من ظله, في حين كان اصحاب النفوذ والجاه يعيثون بالأرض فساداً في ظل نظامهم الدكتاتوري. نشعر بالفرح والطمأنينة حين ترد مفردة دولة القانون, وتحلق بنا تلك الكلمة في عالم الانسانية ونحن نتصفح الثنايا العطرة لأصحاب العمل الصالح في المجتمع الفاضل, لكن البعض من اصحاب النفوس المريضة التي عاشت وعاصرت نشوة المطاطية واثمانها البخسة التي كانت تملئ كروشهم وتبني لحم عيالهم بالمال السحت, تأبى ان تتحقق العدالة الانسانية, لان حواضنهم النتنة تقتات على عصارة آهات الفقراء والمحرومين والمظلومين من ابناء المجتمع . في خضم الاوقات العصيبة للسقوط النظام اختفت وجوه كثيرة, كانت تتبوأ مسؤوليات ادارية وقيادية تعمل وفق مطاطية القانون, البعض منها نال جزاءه العادل بقصاص الشعب, والبعض الاخر توارى من القوم حين اسود وجهه لسوء اعماله, وما ان كانت فسحة الامل حتى عاد ليمارس نفس الدور, لكن بالتدريج والحذر الشديد حتى يشعر بالأمان والتمكن, ليحاول اعادتنا الى المربع الاول. القانون فوق الجميع عبارة تستحق الاحترام خطت بأيادي ماهرة حق ان قال الامام علي (ع) عنها "ان الخط الواضح يزيد الحق وضوحاً" لكن ان تجد التطبيق مطاطي معجون بمزاجية اصحاب السلطة التنفيذية, فذاك يسيء الى تطبيق القانون في كل المستويات المعمول بها, ومن شأنه ان يساهم في ولادة الحكومة المطاطية التي نخشاها والتي عملنا وقدمنا الكثير من اجل الاطاحة بمثيلتها والخلاص من شرورها. ان تطبيق القانون يجعل النفوس راضية بكل حكم عادل يصدر من الشخص المسؤول, لكن ان يطبق القانون لغرض الاذلال وسحق كرامة الافراد فذاك انتهاك صارخ لحقوق الشعب, وان يوجه ذلك الاذلال دون وجه حق لرجال الصحافة والاعلام في زمن الديمقراطية, فتلك علامة فارقة في حكومة دولة القانون, وان كان شعاركم لا تخشى الشرطة ان لم تكن مذنباً, فان شعارنا لا تستميل الاعلام ان كنت تطبق القانون بشكل صحيح, ولنا وقفة اخرى.
|