للإسراع باعلان نتائج الإنتخابات !

انتهت عملية الإنتخابات التشريعية المقررة وفق الدستور، و تجمع اغلب المصادر و مراجع المتابعة و المراقبة الإخبارية على انها جرت بنجاح و لعبت القوات المسلحة و الأمن دوراً هاماً في انجاح اجراءها، رغم انتهاكات و نواقص و فضائح اعلن و يُعلن عنها في الصحافة، و يُنتظر اتخاذ الإجراءات الضرورية بحق المتسببين فيها.
الاّ ان مايلفت انظار اوساط واسعة هو تسابق الكتل و خاصة المتنفذة التي لم تنفرد احداها بالفوز المطلق . . . تسابقها على اعلان فوزها فور انتهاء عملية الإنتخابات و لا كأنه هناك مفوضية عليا للإنتخابات تقود اجهزة تقوم بالفرز و تعداد النتائج، و تحتاج وقتاً الى اكمال واجباتها. و يفسّر ذلك اغلب المعنيون بكونه اسلوباً تتبعه القوائم لحماية نفسها من التزوير و تتهيأ للاعتراض منذ الآن، بناءً على تجارب و مشاكل انتخابية سابقة اشرف عليها المالكي، و لم ينفع في حلّها اتباع الطرق الدستورية و لا قرارات المحكمة الدستورية العليا، كما تتناقلته وكالات الأنباء الرسمية و شبه الرسمية.
و يفسّره آخرون بكونه جزء من اللعبة السياسية الجارية بإتباع تشكيل المحاور و الكتل البرلمانية، لتكوين اغلبية برلمانية يحق لها تشكيل الحكومة القادمة . . في خرق دستوري تٌبّت في الإنتخابات السابقة حيث جرى القفز على الأغلبية الانتخابية التي فازت على اكثرية الأصوات بإعلان نتائج الإنتخابات، اي جرى القفز على التقليد المتّبع في الدول البرلمانية العريقة، الذي شكّل اساس تقاليد الإنتخابات التشريعية الجارية في دول العالم المتحضّر، وفق آراء متخصصين . .
الاّ انه جرى تثبيته في دستورنا الحالي، الذي صار ينص على ان الاغلبية البرلمانية و ليس الانتخابية هي التي يحق لها الفوز و بالتالي تشكيل الحكومة، ولذلك فإن الاسراع باعلان فوز قائمة ما يستهدف ابراز الفوز و الإدعاء بالقدرة على تكوين موقع افضل لها، فتتسابق لها القوائم الأخرى للتحالف معها، في زمان يسود فيه ليس السياسيين و انما تجّار السوق الذين تكوّنوا مؤخراً و اقسام منهم شبه اميّة ان كان في العلوم او في السياسة . .
من ناحية اخرى تتزايد الدعوات الى ضرورة اسراع المفوضيّة العليا للإنتخابات بإعلان نتائج الإنتخابات خوفاً من تزوير النتائج. من اجل اجراء التغيير الحقيقي بعد سنوات عجاف عاشها الشعب العراقي بقومياته و طوائفه و كل الوان طيفه . . ازداد فيها الفقير فقراً و الغني غنىً، و هيمن الفساد و تدهورت فيها اوضاع البلاد و قواعد دولتها و حتى حدودها.
و يحذّر كثيرون من الأخبار المتواترة و المتزايدة كثافة من ان دوائر ايرانية متنفذه ـ بسكوت دوائر معنية اميركية كبرى ـ هي التي ستشكّل الحكومة القادمة وفق سياساتها و مصالحها في المنطقة و في العراق تحديداً و تشير الى نشاط مسؤولين ايرانيين في ذلك بالأسماء . . اضافة الى ضغوطها الرامية الى استمرار رئيس الوزراء المنتهية ولايته الثانية، في البقاء دورة ثالثة غير دستورية في منصبه، موظفين لذلك اسلوبه في الحكم، الذي لايبالي بالاصول الدستورية بقدر مبالاته بكرسيه و تكوين و صون الطريق المفضي اليه، بعد ان خرج المالكي حتى على الإجماع الشيعي الذي نفض ابرز مراجعه و وجوهه و قادته ايديهم منه و من كتلته بسبب تزايد معاناة البلاد خلال ولايتيه الماضيتين . . من انعدام الامن، الفقر و البطالة، تدهور الثقافة و العمليات التعليمية، افتقاد الحرية . . اضافة الى الفيضانات المتتالية التي خرّبت و تُخرّب.
و تصف اوساط متسعة بأن اسلوبه في الحكم لايخرج عن اساليب الدكتاتوريين السابقين الذين توالوا على حكم البلاد و سقطوا سقوطاً مريعاً بعد تكبيدهم البلاد خسائر فلكية، فاسلوب المالكي لايقف امامه لا برلمان يناقشه و لا مجلس وزراء و لا كتلة برلمانية و لا مرجعية دينية، و هو مستعد للتحالف و تقريب اي فرد او كتلة بغض النظر عن طائفتها او قوميتها او مكوّنها، بشرط تأييدها للقائد العام بلا شرط، في اسلوب معروف اتُّبع قبلاً، وهو اسلوب بناء دكتاتورية و دوس فظّ باعقاب جزم الحاكمين الثقيلة على الدستور و احكامه، شئنا ام ابينا.
في وقت و كأنما لا انتخابات تجري و تُعتمد، و لانتائج انتخابات تغيّر بالأصوات السلمية الواقع الفاسد التي من اجلها اسقطت الدكتاتورية . . لتأمين حقوق الشعب و حقوق مستضعفيه و اوسع فئاته، الشعب الذي يعبّر الآن ايضاً عن رغبته الملحّة في التغيير، حتى صار القائد العام نفسه يطالب بالتغيير تماشياً . . في مهزلة مؤلمة وسط سكوت قوى كبرى اقليمية و دولية . .
و تطالب اوساط واسعة باستجابة القوى الكبرى تلك لمطالب العراقيين بكل اطيافهم . . خاصة و ان اكبر وكالات الأنباء العالمية و الدولية و الإقليمية و المنظمات الحقوقية الكبرى و الدولية تطالب بوضع حد لمأساة العراق الغني بثرواته و مكوّنات شعبه و الفقير انسانه، و عن عدم صلاحية رئيس الوزراء للبقاء على كرسيه.
منطلقة هي و غيرها من التعبير عن ان القائد العام خسر دعم المؤسسة الدينية الشيعية في النجف الاشرف الذي سوّق هو لترويج شخصه كـ (ممثلٍ و مدافعٍ امين) عن حقوقها و تبيّن كذبه و زيفه . . و بسبب فشل حكومته في إيقاف العنف و لكونه هو شخصياً صار مصدر الازمات السياسية في البلاد و المنطقة، و ان بقاءه على كرسيه سيزيد من التوتر الطائفي، و من تزايد إحتمالات الحرب الأهلية . . و يزيد من تدهور علاقة الحكومة المركزية بالمكونات الكوردية و السنية، و من استمراره في قمع معارضيه.
و يأتي عدم صلاحيته من اداء حكومته القاصر، و دورها باجهزتها في تزايد شيوع الفساد الإداري العام . . الذي وصل الى إطلاق سراح حتى إرهابيين محكومين مقابل رشاوى و أموال. في وقت لاتتمسّك ايران فيه بشخص المالكي، بل تتمسّك بقوة بحكم الشيعة في العراق، اضافة الى دعوتها الى اختيار آخرين من قائمة طويلة لبدائل له، موجودين في قائمته و قوائم خصومه.
و تركّز المنظمات الحقوقية و القانونية و الإنسانية الدولية، على منع تولي المالكي رئاسة الحكومة مجدداً مستندة الى دستور البلاد و الى التقارير المتواصلة لمنظمات حقوق الإنسان حول إنتهاك حكومة المالكي للحقوق الأساسية للمواطن بسبب إرتفاع نسبة : التعذيب في السجون، الإعتقالات العشوائية و الإعتقالات الطائفية ) . . اضافة الى عجز المالكي عن تسويق نفسه كبطل شيعيّ رغم دخوله في الأنبار، بل ان نجمه يزداد افولاً بسبب عدم وجود إنجازات حقيقية لحكومته ..
فيما تؤكّد اوسع الأصوات الى تشكيل جبهة رفض عريضة لبقاء المالكي و اختيار بديل عنه، تتكون من الشيعة و السنّة و الكورد و من تحالف القوى المدنية و الديمقراطية و كل القوى الخيّرة . . تحالف عابر للأديان و الطوائف و القوميات على اساس الإنتماء للهوية الوطنية.