انتهت مجزرة الانتخابات بحلوها و مرها لكن دون الانتهاء من نتائجها و ما ستفتحه من نيران جهنم على العراق و آهله، بعد ان استمكنت السلطة من عقول البعض و غمرتهم بالمنافع الشخصية بلا مقابل، سندخل عالم اللامعقول في الأيام المقبلة لأن التزوير صار حديث الشارع و التفرد بالسلطة يقترب من الواقعية أكثر فأكثر، اذا ما فائدة اجراء الانتخابات اصلا!!
سندخل آتون التخوين و التخويف و الترهيب ما قد يؤجل تشكيل الحكومة الى سنة أو أكثر فليس هناك من ضرورة لاستعجال الحلول تسويف و التأجيل و الادارة بالوكالة، بحيث أصبح العراق نموذجا لا يحتذى به في أية دولة نامية أو مهجورة أو فقيرة، فمقابل الارقام التي تجتهد مفوضية الانتخابات للمحافظة على نزاهتها، هناك إحصاء لم يلتفت اليه أحد رغم أنه الأكثر الحاحا حتى من العملية السياسية ذاتها، انه ملف القتلى و المفقودين و المحرومين على قارعة طريق الحكومة و النواب!!
شعب يزحف على البطون من أجل البقاء و سياسيون يطيرون في الهواء للقفز على الحلول المنطقية و العمل الجاد، ليبقى الفشل ظاهر في المكان و الزمان، الانتخابات ليست الحل المطلوب اذا لم تتغير الوجوه و المشاريع و المزاجيات المعكرة، فمع مرور الزمن و اتساع دوائر الفشل تتحول الانتخابات الى " ضحك على ذقون" الفقراء و المغرر بهم، الذين سرقت آمالهم تحت أسم الطائفة و الحزب و القومية، و اليوم يسطون على أصواتهم بعطايا نقدية هي أصلا أموالهم لأنها تنهب من الخزينة الحكومية!!
لم يسبق العراقيون شعبا في الصبرعلى المصائب و الملمات و انتظار الحلول بقدرة قادر، لذلك تعودت آلسنتهم تريدي عبار" ألله كريم"، فقدوا الثقة بسياسييهم و فوضوا أمرهم الى الله، لكن هل هو الخيار الصائب!!، بالتأكيد الايمان بقوة العزيز القدير من الواجبات السماوية، شرط الا يكون وسيلة لسلب ارادتهم و تحويلهم الى شاهد غير مسموع الا في وقت الانتخابات، لأنه في مثل هذه الحالة يفقدون القدرة على التأثير فتسحق آمالهم الغام السياسة اللعينة.
العراقيون بين نارين، الصبر و المطاولة و وعود سياسية لا تؤتمن على الاطلاق، بدليل أن " اصحاب" الكيانات السياسية رفعوا شعار التغيير و حكومة الكفاءات و رفض الطائفية و بناء دولة المؤسسات المدنية، و رشحوا لذلك وجوها جديدة و نثروا الزهور على طريق " التحول الديمقراطي" فاذا بهم يتحدثون عن انتصارات انتخابية حتى قبل اعلان النتائج، ما يظهر أن " الحرس القديم" متمسك باللعبة من الوسط ولن يتركها لجيل أخر، رغم أن البعض منهم لا يقوى على المسير بدون حبوب ضغط و شيخوخة و عسر هضم!!
وضعت الانتخابات البرلمانية أوزارها في العراق وبدلا من السعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعج بالكفاءات و المختصين ، عاد الحديث الى نقطة الصفر بتخندقات مذهبية و تقاسم مغانم بكل الصور، ما يعني أن المراهنة على ابقاء العراق ضعيفا استراتيجية مرسومة يتناوب رجالات سلطة على تنفيذها بآلية عجيبة لا وجود لمصلحة العراق فيها، ومع ذلك يحملون الوطن في حدقات العيون لفظيا أمام شاشات التفزة و وسائل الاعلام ، اذا غيرت انتخابات نيسان المشاريع تكون قد وضعت خطوة على طريق حماية العراق و أهله، و العكس يعني لا ضرورة لتكرارها طالما تردد عواصم اقليمية و دولية اسم الفائز قبل اغلاق صناديق الاقتراع، حيث يؤكد بعضهم حصوله على عدد فلاني من المقاعد و اذا بها حقيقة عندما ينتهي العد و الفرز!!
رئيس تحرير " الفرات اليوم"