عائلة الحرب " أقاصيص " خرجت علينا كخبز طازج لنشرة أخبار ساخنة سخونة الحرب ل " صلاح زنكنة " أجل إنها أثقل من كابوس الموت وأسرع من عزرائيل في حصد الضحايا ص18 في زيارة إلى وطني الأم الذي غادرنا ولم نغادره مهما أبتعدنا عنه ، ومهما جافانا ببعض تصرفات من أهله الطيبين ، الذي أنهشته ُ الغربان والجرابيع ، والتي لا تكل ولاتمل ،وهي كالطيور الجارحة المعبأة بالدم، والقتل، والفقر ،وكواتم الصوت التي لا تنتهي ، دفنت الحياة هناك وغادرتها بعد أن دفنت جثتين طاهرتين كانتا تصرخان بحبهما للوطن رغم عذاباته ،و هما يشكلان محور حياتي القاسية التي مررت بها من أنظمة قاسية محبة للمال والسلطة، وهما أمي وأبي ، هذان اللذان لم يستنشقان من هواء العراق سوى رماد الفقر والأمية على مدى سنوات حياتهما المعذبة والمجحفة ، المهم أجد ذاتي المعذبة في كلمات سطرها المبدع القاص " صلاح زنكنة " محبكة بطريقة غريبة وكأنها سوالف جداتنا العريقات حينما يروين لنا بعض " سوالف الماضي والحاضر بطريقة غريبة ، حتى أننا ننام بين أحضانهن التي تربينا عليها ، وبالتالي يعتقد القاص " زنكنة " وهو في طبخته الإبداعية ومن خلال مجموعته " عائلة الحرب " الصادرة من دار " ميزوبوتاميا " والتي تقع في 72 صفحة من القطع المتوسط ، يدخلنا بصور وكأنها " صور من المعركة " وأنه يمنتجها مونتاجاً فيزيائياً ، ويدخلنا بتلك الآهات التي أوجعتنا ودمرت حياتنا التي مررنا بها ، الة الحرب التي أحرقت ودمرت كل شيء جميل ، هذا النقاس المحتدم بين ذاته والآخر المعذب من هذه الحروب ،ونصوصهُ ناطقة وفيها من الدلالات والإيحاءات ، وكما يقال " النص ينطق أحياناً فيسكتنا " وهو في هذه المجموعة يلفنا بدوامة سحر آسر " وهو المعروف عنه له إسهام في إثراء القصة ، وفي أقاصيصه يكشف عن مأساة شعب ، وهنا رسائله أدانة إلى الموت ، الحروب ، الفواجع ، التي ألمت بنا وبمجتمعنا ، نسج عبر ألية العزف على وحدة الموضوع ومفردات ذات موسيقى خاصة ،حزناً على ماشاهده ،والقصص تفصح عن أسى وتمزق وانتحار فردي وجمعي ، والدليل الإهداء الذي يقول فيه إلى الشهيد صلاح زنكنة ، أنا الذي فر من الموت والتحق بالحياة ، إثارة لقضايا معينة أو لنقل موضوعات عديدة يناقشها وهو يحمل " سكينته " في يده لكي يشرح أفكاره على طاولته الخاصة التي وضعها على صفحاته المضرجة بحروب دامية . الحرب سرقتنا من الأزقة ، والشوارع ، والبيوت ، والحدائق ، والمسارح ، والمقاهي ، والمدارس ، والكليات ، وحشرتنا في ساحات التدريب وأسمتنا جنوداً ص 10 يقول عنه الكاتب والناقد " صباح الانباري " الصورة عند " زنكنة " أذن مركبة من معان تعاكس الواقع وتتناقض مع الحياة ، لتصب فيها وتتنافر مع المألوف لتتوحد فيه ، أنها محاولة مستمرة ، ودائبة للاقتراب من الأشياء والمواقف والظواهر التي يرفضها القاص جملة وتفصيلا ، وهنا تدور في مخيلتنا عدة أسئلة في مجموعة " أقاصيص " ومنها هل هو في مجموعته إعلاناً عن يأس ! ومرور محروق بحرقة دائمية لزمنه الذي تشظى بفعل الموت ، والقنابل ! وهنا تعج مأساته الكبيرة بألمه الذي لا يطاق ! هذه الرسائل التي قصها علينا وأدخلنا ثانية في أتون الحروب التي نغصت علينا كل شيء ، ونحن في عز شبابنا الذي دفنته الحروب !وهنا أستعير هذه المقولة الرائعة التي تقول " ومقضي عليً بأن يكون الحزن لوناً في مواويلي " هذا النشيج الذي يسري في حروفه الجميلة ، لهو ضرب من ضروب المآسي العامة ، يصاحبه نزف داخلي ملتهب في روحه التي لا تموت ،فجاءت عناوين القصص التي وضعها في هذه المجموعة هي بمثابة أشعار للماضي وكذلك للحاضر ، منها " شهداء ، قتلى منسيون ، القنابل ، المدفعية الثقيلة وغيرها ، هذا البناء المتماسك للمضمون ،والإشتغال على الأحساس العالي الذي تربى عليه منذ صباه أو بالاحرى منذ دخوله عالم المسرح الجميل ، يقول الذين سبقونا في كتابة القصة القصيرة بإنها " لا تتعامل مع الانتصار" وهنا نؤكد ومن خلال أهم أساطين القصة القصيرة وأبرزهم مثل الشهير " جي دي موباسان " بإعتبارها هي فن الوحدة ، والعزلة ، لأنها صوت الفن المتمرد ، وهي عادة لا تستوجب تعدد الشخصيات أو الازمنة أو الاماكن ، كل هذا وجدناه في هذه المجموعة عبر ابتكار " حسُه الشعري ، وحسُه الدرامي " نجد تجربة جديدة في الفكر والتكنيك ، بقي أن نذكر أن الاديب زنكنه أصدر المجاميع القصصية التالية ومنها " كائنات صغيرة " 1996 صوب سماء الأحلام 2002 ، هذا الجندي هو أنا ، 2001 ، ثمة حلم ثمة حمى 2002 ، الصمت والصدى " مختارات " 2002 ، كائنات الأحلام " مختارات " 2002
|