ماهي أشهر مصانع العراق ؟ |
أحد عشر عاماً بعد "نكسة الحوسمة" التي طالت كل مصانع العراق التي كانت خجولة بمحاولاتها في سد بعضاً من الأماكن في رفوف الأسواق والمحلات لتفي بإحتياجات الأسر العراقية من المواد الغذائية كالمعلبات والأجهزة الكهربائية والمستلزمات الأخرى .. وقبل أكثر من هذا الزمن لم نكن نعي ما وصل إليه العالم من تقنيات حديثة .. حيث لا فضائيات ولا إنترنت ولا إنتشار واسع بالتغطية الإعلامية لما يحث خارج الحدود الحمراء للعراق ولكل شيء تقريباً ؛ لذلك كنا نعتقد أننا الأوائل في كل شيء .. في الصناعة والتصنيع العسكري وفي تصنيع الأجهزة الكهربائية وفي الصناعات النفطية والإنشائية .. ولكن ما أن طافت جيوش الحواسم تلك المصانع وأختفى صوت المحركات وأزيز المعامل ولم يعد يسمع له صوتاً أبدا ؛ إكتشفنا بأننا متأخرون جداً عن الركب الصناعي العالمي ولدينا أسبابنا بذلك . وعلى خلفية شبهات الفساد التي تطال وزارة الصناعة والمعادن العراقية ومن الأخبار التي تتناولها الصحف حول هروب مدير مكتب وزير الصناعة والمعادن بعد إتهامه بقضايا فساد ، وحول عدم إفتتاح مصنع واحد كبير في العراق منذ عام 2003 ولغاية يومنا هذا بإستثناء "مصنع السيارات" والذي نعتقد أنه مركز تجميع للسيارات وليس مصنعاً ؛ نرى أن لا مصانع لدينا سوى مصانع تصنيع المفخخات وبجدارة كبيرة تنتشر تلك المصانع محدثة الدمار الكبير وهلاك الأنفس البريئة . فما يحدث اليوم للصناعة أمر مريب يدعو للتساؤل والإستغراب .. لماذا لا نخطو خطوتنا الأولى على طريق الصناعة ؟ ومن الذي يعرقل تلك الخطوات ؟ وما حجم التخلف الصناعي في مجال التخطيط والتنفيذ لمصانع جبارة تستوعب الكم الهائل من تَركة التصنيع العسكري من اللذين عُلقوا برقبة وزارة الصناعة المتخمة أصلاً بموظفيها ؟ .. شركات كبيرة بعدد موظفيها وفنييها ومهندسيها تستجدي رواتبها من المصارف شهرياً ولا مناص من أنها شركات خاسرة .. وشركات أخرى تعمل عمل المراكز التجارية التسويقية الثانوية.. يقوم تاجر ما بإستيراد مادة لتقوم شركة حكومية ببيعها لشركة حكومية اخرى وهلم جراً .. أعتقد أن الذي يتم إضافته إليها ليس سوى علامة تجارية تلصق عليها وما تناله تلك الشركات من كل الصفقات هو ما يسد رمق موظفيها لتأمين رواتبهم .. وأشياء أخرى ! أبحث عن المصانع التي تم إفتتاحها خلال الفترة الماضية ولا أجد ما يثلج الصدور بإستثناء بعض المصانع أو المعامل الفرعية البسيطة التي تحتفل بها الشركات لتبقى مكائن تلك المعامل مغلقة بعد الإفتتاح بلا فائدة ... أتساءل عن مصنع كبير لإنتاج معجون الطماطة مثلاً .. قد يستسهل البعض مثل هذا المشروع ولكنه ستراتيجي فلا بيت يتنازل عن حاجته لتلك المادة والجنوب مشهور بزراعتها وبكميات هائلة جداً وبدعم بسيطة نتجاوز الحاجة المحلية لمادته الأولية ونمليء مستودعات المشروع بها .. وسؤال واحد : ماهي كمية معجون الطمامة التي ترد العراق من دول الجوار ؟ تركيا ، إيران ، السعودية وغيرها من البلدان التي أصبح العراق تحديداً أكبر أسواقها وما تستنزفه تلك الإستيرادات من مبالغ يصعب تصورها .. نحن لم نعمل كثيراً في مجال نقل تكنلوجيا تصنيع المواد الغذائية ولكننا نعتقد أن لا محاذير دولية من الدخول فيها ولا قوانين تحد من إنتشارها ولا توجد دولة في العالم من الدول التي تنشيء وتبدع بتلك المعامل كألمانيا وإيطاليا تمانع أن يستورد العراق منها أو أن تدرب مهندسين وفنييين على طرق عمله ، ألا ترون أن محنتنا الكبرى تتمثل في عدم القابلية على إنشاء مصانع حديثة وبتقنات متطورة لا تتطلب منا الجهد الكبير والزمن الطويل لإنشاءها أو أن التدريب على إدارتها معقداً لا تستوعبه عقول أبناءنا .. هنا تكمن العقدة الكبرى في الصناعة العراقية إذا علمنا أن موازنة وزارة الصناعة والمعادن الإستثمارية لعام 2013 تبلغ ترليون دينار عراقي ! مع 65 مليار دينار لنفقاتها الجارية بيد أنها لا تضيف شيئاً واضحاً لإيرادات الدولة أو أنها تخفظ بإنتاجها من نفقاتها بزيادة الناتج المحلي . وبعكس ذلك فمشاريع صغيرة غير مؤثرة في الحركة الصناعية في البلد يهول لها القائمون على إنجازها ، أو تأهيل مصانع قديمة تعود مكائنها وتقنياتها الى ستينات وسبعينات القرن الماضي قد تكون هي الآفة التي تستنفذ التخصيصات التى نرى أنها كبيرة إذما أحسن إستخدامها بكفاءة بالغة وتخطيط متقن . كان من المفرح حقاً لو تم إفتتاح مصنعاً يخدم أبناء شعبنا مقابل كل مصنع للعبوات الناسفة تعثر عليه قواتنا الأمنية البطلة وتدمره لأصبحنا اليوم في وضع يجعلنا في موقع قوي إزاء ما يتسرب من عملات أجنبية مهمة جداً لحياتنا لإستيراد بعض المواد الغذائية والأجهزة من تلك التي يبرع صانعوها في إنتاجها وتعليبها بشكل جذاب . مصنع معجون الطماطة ، مثال بسيط لايحتوي على تعقيدات كبيرة ومثله مصنع الزيوت النباتية ومثله مصانع المعلبات الأخرى وخلافه من المواد الغذائية كلها، مصانع لنا القدرة على إدارتها ومناقلة كوادر وزارة الصناعة ومداورة الموارد البشرية التي غالب على عقولهم الصدأ حينما توقف عجلة الأنتاج وتوقفوا كلياً عن مواكبة التطور بسبب عقم تفكير الإدارات العليا في تلك الشركات في البحث والدخول في إضافة منتجات جديدة تزيد من القيمة المضافة الصناعية . لقد أشرت "الإستراتيجية الصناعية في العراق حتى عام 2030" التي أطلقتها وزارة الصناعة والمعادن في هذا العام معتبرة أنه عام الشروع بتنفيذها ؛ الكثير من الخلل البنيوي في التأسيس لصناعة مستدامة قادرة على زيادة القيمة المضافة الصناعية حتى عام 2030 لتصل الى 10% وفق رؤية مهمة جداً ، على الرغم من أنها استرشدت في بعض ستراتيجياتها الى الخطة الخمسية لعام 2010-2014 في تحديد الأهداف الرئيسية لها ، تمثلت نصاً في : "صناعة وطنية منافسة إقليمياً وعالمياً تعتمد التميز والإبداع ، تحقق أقتصاد متنوع وتخلق فرص عمل بإستخدام الموارد وبفعالية وكفاءة ومسؤولية" . الكثير من الخطط والستراتيجيات بإمكان منظرو الصناعة وضعها وبكل سهولة ويسر فالتخطيط وبناء الستراتيجيات على الورق لم يعد أمراً بالغ التعقيد ، ولكن كل التعقيد يكمن في كيفية تحويل ما يكتب على الورق الى صروح صناعية قادرة بكل جدية على تثبيت أسس صناعية نفخر بها كشعب عريق مشهود له بالإنتاج على مر العصور . إننا نحكم على كل ستراتيجياتنا بالفشل المبكر لأننا لم نُحكم قبضة النزاهة على كافة مفاصلها لمحاربة أهم آفات تخلفها المتمثلة بالفساد أولاً يتبعه عدم وجود من هو الأكفأ على قمة الهرم في شركاتنا الصناعية ذلك ما دفع لسيطرة مجموعة من المافيات الصناعية التي أعجزت قدراتنا عن مواجهة المد الصناعي الكبير القادم من وراء الحدود حين سعد أولئك وأغتنوا على ما تعيشة الصناعة العراقية من تخبط واضح وخلل كبير ، الكثير من الوحدات الصناعية دمرتها المحاصصة والطائفية حينما دفعت بمن هو دون أدنى مستويات الكفاءة لأعتلاء صرحها وتلك أهم عقد التصنيع في العراق حينما يخفق المدير العام في وضع رؤية محددة لشركته ينافس بإنتاجها المد الإغراقي للسلع الذي ينتاب السوق العراقية . نحن بحاجة الى أكثر من الستراتيجيات ، نحن بحاجة لنقطة شروع نحاول معها زرع الثقة بالمنتَج العراقي ونحن قادرون على ذلك بإذن الله إذا ما توفر لدينا النية الصادقة لخدمة الوطن وبخلافها ذلك فإن كل الستراتيجيات تضحى بقيمة لاتزيد عن قيمة الورق الذي كتبت عليه .. حفظ الله العراق . |