جاين أوستن..هدوء العاطفة!.. د. مظهر محمد صالح |
كان وداعي لمحطة قطار" ونشستر"عاصمة انكلترا القديمة منعطفاً حاداً لم يعفني من الاجابة عن تساؤل مضيفتي السيدة جونثان التي بادرتني بابتسامة نقيّة وطلاقة وجه وسلوك حسن قلّ نظيره، قائلةً:هل تمارس الكتابة؟ فأجبتها بنعم..فردت عليّ بابتسامة صادقة وانا اتابع بريق عينيها الذي لاحق في تلك اللحظات لمعان الشمس التي مرت اشعتها هي الاخرى على الرؤوس الشقراء جميعها وهي تحثهم في الذكرى السنوية لرحيل الروائية الانكليزية جاين اوستن، في 18 تموز من العام 1817ميلادية، لكي يقلبوا التاريخ الادبي البريطاني مجدداً. يومها علمت ان الشمس لن تغرب عن "ونشستر" طالما انها لاتفتقر الى العاطفة وان السكون الذي ضمّ رفات الروائية جاين اوستن في كاتدرائية ونشستر الشهيرة مازال يزرع في النفس صوتاً واحداً مدويّاً للحرية وهي تنشد قائلة لن اُغيب! فمن غاب عن الاشياء غابت الاشياء عنه. هكذا بدأت سحابة المنزل الذي عاشت فيه جاين اوستن تلامس شوقي وانا اواصل سيري برفقة مضيفتي الى منزلها الذي غدا متحفاً للسائحين. ظلت غرفة نومها وفراشها الذي غادرته معلقة في ذاكرتي، حيث احاطت التحف الثاوية على حوامل معدنية او خشبية بسيطة غرفة نومها وهي مزينة بزخارف من الوسائد و الابسطة المستقرة عند ملتقى الاقدام. وعلى الرغم من ان الروائية الراحلة لم تتزوج في حياتها، الا ان ذلك لم يمنعها من كتابة روايات عن الزواج والنساء اللواتي يبحثن عن الزواج. إذ تنتهي جميع رواياتها بزواج من رجل مناسب بعد قصص حب شهيرة. عدت روايتها (كبرياء وتحامل) من اشهر القصص العاطفية عن إمرأة ذكية ورجل غني متعجرف معجب بنفسه وتخوض الكاتبة في هذه الرواية بنظرية المعرفة والمنزلة الاجتماعية. و تتكلم في معظم رواياتها عن الحياة اليومية والمشكلات اليومية للطبقة الوسطى وهي اول من ناقش حياة النساء في مطلع القرن التاسع عشر. وبهذا اعتلت جاين اوستن مرتبة افضل من كتب في الادب الانكليزي بعد شكسبير. وهي صاحبة الرواية الحديثة الاولى في الادب |