المادة 140 من الدستور العراقي بين الواقع والخيال

يفسر الدستور العراقي الذي صوت عليه غالبة الشعب وكما هو واضح للعيان انه في نظر بعض القوى والأحزاب السياسية العراقية سواء كان في الإقليم أو المركز حسب المزاج والمصالح الذاتية الضيقة، ويتهم في هذه الاثناء كافة الاطراف بعضها بتفسير هذا البند من الدستورعلى طريقتهم الخاصة مع انهم يفتقدون المعلومات الكافية عن الدستورالعام في البلد 

وهنا يعتبر البعض بان هذه المادة قابلة للتمدد أو التقلص ليحير من خلالها ابناء تلك المناطق المشمولة بالقرار المذكور من حقيقة الامر، ولكن بعكس ذلك هناك من يتسأل لما لا يتناقش تلك الكتل والاحزاب في ما بينها على طاولة واحدة لإثبات شرعيتها، مع العلم مضت سنوات طويلة على تنفيذ اتفاقية هذه المادة التي تنص على ان يختار الشعب مصيره عن طريق صناديق الاقتراع الحر وبالإرادة الذاتية ....

ولكن عندما يرى المرء بعض المسؤولين للأحزاب السياسية العراقية بشكل عام وهم يصرحون عبر الوسائل الإعلامية على موافقتهم ومدى رضاهم بما هو موجود في الدستور العراقي المصوت عليه غالبية ابناء الشعب، لكن هذه التصريحات التقليدية لم تكن لها أي قيمة طوال هذه الفترة ولم يتضرر في هذه المماطلة السياسية سوى ابناء تلك المناطق ابتدأ من مدينة شنكال غربا ومرورا بمدينة كركوك وخانقين شرقا . 

وهنا يدور أسئلة كثرة في الوسط الشعبي للشارع العراقي وخاصة بين افراد المجتمع الكوردي حول كيفية توفير الخدمات اللازمة وتأمين الاوضاع الامنية لمناطقهم وتخفيف معاناتهم من رداءة الظروف القاسية وهؤلاء يعتبرون انفسهم ضحايا الخلافات بين الجهات السياسية في البلد .

كما يتسألون هل هذه المادة من الدستور العراقي هو حقيقة ويمكن تطبيقه يوما ما، أم انه مجرد فقاعة وهمية وخيال اخترعها السياسيين واصبح حبر على الورق وانتهت مفعولها، أو إنها ورقة سياسية يستخدمها الأحزاب الكوردية في الإقليم والعربية في العراق اثناء      اجراء الانتخابات في الدولة وعند الطلب في جميع المناسبات ضد بعضهم، ولبرهان وجودهم السياسي واظهار حجمهم الحزبي ومن اجل زيادة نفوذهم ، ليستندوا هنا على طريقة جديدة وهي ابراز سقف العشائر والميل نحو الاتجاه التطرف الديني ، متناسين القضية الاساسية المهمة وهي زرع الوعي القومي داخل نفوس المجتمع ....

وحسب التقديرات الرسمية أن المشمولين بهذه المادة اغلبهم من أبناء القومية الكوردية وينتظرون بفارغ الصبر استرجاع مناطقهم الى أحضان إقليم كوردستان ليعيشوا اسوة بباقي ابناء الشعب الكوردي ، ولكن على اغلب الظن ان الخلافات والمشاكل الداخلية بين هذه الاطراف مبنية بالمساومة على المسائل التجارية والمادية في الإطار الحزبي الضيق على مستقبل تلك المناطق .  

والسؤال الذي يدور في ذهن كل مواطن من أبناء تلك المنطقة المشمولة بهذه المادة، هو يا ترى متى يتم تطبق هذه المادة ومن المسؤول عن عدم تطبيقه لحد الأن؟ وهل هذا التأخير تصب في مصلحة حكومة الإقليم، أم إنها تصب في مصلحة حكومة المركز....

وإن كان التقصير من قبل حكومة المركز فعلا حسب ما يتحدث به المعنيين في حكومة الإقليم، يا ترى كيف لم يتحول قضية بهذا الحجم الكبير الى المحاكم الدولية ليبت الحكم بها لصالح من له الحق فيها، لكونها تعني مجموعة كبيرة من ابناء هذا الشعب، لذا يجب على حكومة الإقليم البحث عن الحل النهائي لهذه القضية عن طريق المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة حالها حال العديد من القضايا العالقة في الكثير من دول العالم .

لا يخفي على إن ابناء هذه المناطق المشمولة بالمادة المذكورة هم الوحيدين ضحايا المواقف القومية سواء كان بأرواحهم أ و بأموالهم وإنهم لا يزال مستمرين بتقديم  التضحيات بالرغم من عدم تواصل حكومة الٌإقليم مع حكومة المركز حول مصير مناطقهم وفي هذه الاثناء فقد المواطن العادي بين الحكومتين وهذا ما جعله يفتقر أبسط الحقوق المشروعة من حيث الخدمات الضرورية ..... 

إن ابناء القومية الكوردية هم المستهدفين بشكل خاص من قبل الإرهابين وعملاءهم في هذه الاثناء وانهم اصبحوا ضحية حساباتهم القومية المشرفة، وكما هو مبين وواضح للجميع بان هذه المادة من دستور العراقي يمحوا من الوجود تدريجيا وعلى مر الزمن ويتجه نحو النسيان ان صح التعبير وحسب تصريحات مسؤولي حكومة المركزي هذه المادة اصبحت منتهية المفعول واصبح خارج نطاق التداولات السياسية منذ عام 2007 م ويعود تقصير هذا الامر الى حكومات الإقليم المتعاقبة، لانهم لايزال يؤكدون على امكانية تطبيق هذه المادة، الا انه لا يوجد بوادر تؤكد ذلك والسبب يعود الى التشتت المستمر بين الاطراف السياسية والكتل الحزبية الكوردية في الإقليم لأن جميع هذه الاحزاب يركضون وراء مصالحهم الضيقة بعيدة عن المصالح القومية للإقليم، وهذا الانانية لا تخدم القضية الكوردية بشكل عام .

واخيرا ليس لنا الا ان نقول ان جغرافية كوردستان بمفهومها العام ونضال شعبها الطويل أصبح  ضحية المصالح الحزبية الضيقة وعلى الجميع المكوث امام ارادة الشعب وعدم الافراط بحقوقه .