يستغلون أصوات الفقراء والجهلة

من خلال النتائج والارقام التي تتسرب من هنا وهناك حول نتائج الانتخابات الاخيره لمجلس النواب العراقي الجديد التي جرت مؤخرا يشعر المتتبع للوضع العراقي ان السلطة بالعراق سوف لن تبتعد عن الذين يتعمدون اليوم محاربة العلم والثقافة ويسعون لعدم انهاء حالة التخلف والأمية في البلد. وكذلك يتعمدون زيادة البطالة وبالتالي الفقر, حيث ان الجهل والفقر بين جموع كبيرة من الشعب العراقي هما افضل طريقة لجمع اكبر عدد ممكن من الاصوات.
الفقير الذي هو بحاجة الى غطاء ليقي اطفاله من برد الشتاء يمكن ان يوفره له قبل ايام من موعد ألانتخابات من يتحكم بثروات البلاد مقابل الحصول على صوته في صندوق الاقتراع, ومنهم هؤلاء الكثيرون الذين لهم تأثير كبير على نسبة التصويت لصالح أُولي الامر الذين يُهدون البطانيات او اي شيء اخر لا تتعدى قيمته بضع دولارات والتي لا تعني شيئا بالنسبة للسراق الفائزين ولكنها بالنسبة للفقير الذي يجهل قيمة صوته الانتخابي تعني غنيمة, لذلك يجب ان يستمروا على هذه الحالة لتستمر اصوات الفقراء والجهلة مؤثره في بقاء اصحاب القرار والسراق في السلطة. الجهل يرافق الفقر ويعمل معه من اجل ايصال من يتحكم اليوم بوسائل التنمية والعلم والثقافة في البلد.
يلاحظ ايضا المتتبع للشأن العراقي خلال عقد من الزمن كم هو عدد المشاريع التنموية التي كان من الممكن ان ترفع من مستوى الدخل للفرد العراقي, وكم هي عدد المؤسسات العلمية والثقافية التي بوجودها ترفع من مستوى قدرات الفرد بتشخيص ما ينفع المجتمع, نلاحظ انه لم يتحقق من هذا وذاك ما يستحق الذكر لتطوير هذا الشعب الذي ابتلى منذ عقود بسلطات تتعمد على عدم رفع مستواه المعاشي والعلمي, علما بان بلدهم له امكانيات بشرية ومخزون من الثروات والطاقات التي تفوق كثيرا بعض البلدان والشعوب التي تفتقر لمثل هذه الامكانيات, ولكنها تتوفر لديها سلطة تهتم بالعلوم والثقافة والتنمية الاقتصادية, وشعوبهم اليوم لا يمكن ان يبعوا اصواتهم الانتخابية بثمن بخس كما يفعله البعض من الشعب العراقي اليوم من المغلوبين على امرهم, ولا يسعى من يريد ان يحصل على منصب في هذه الدول ان يعمل على استغلال الجهل والفقر, بل بالعكس يسعى من اجل تطوير المجتمع لكي يتمكن هذا المجتمع ان يطلع على برنامجه الانتخابي وبذلك تكون المنافسة على اساس من يقدم برنامجا يقتنع به الناخب وبذلك تجد ان تلك المجتمعات تنتج حكومات على مستوى عالي من القدره لتقديم الخدمات في كل الاتجاهات.
لهذا السبب الفائزون بمقدرات الدوله اليوم في العراق فازوا بأصوات الغالبية العظمى من الشعب الذي سوف يسعون اليوم لاستمراره على هذه الحاله, وذلك بعرقلة التقدم العلمي والثقافي وكذلك بعدم السعي للعمل من اجل رفع المستوى المعيش للفرد العراقي ويسعون بكل جدية من اجل نشر التخلف وثقافة الاتكال على الحكام لضمان الحياة بعد الموت وان هذه الدنيا ليست الا ممر لحياة ابدية مع حور العين وانهار الخمر ولا يمكن ان يدخلها الا من والاهم.

لقد بنيت وتأسست خلال العقد الماضي الالاف من الاماكن التي تدعو الى مثل هذه الثقافة وفي المقابل لم يسمحوا ببناء مركز ثقافي او مركز دراسات علمية, لا بل حاربوا كل من يدعو الى الثقافة والحرية ووصل الامر بأغتيال البعض منهم وتهديد البعض الاخر بالقتل والشواهد كثيرة على ذلك.