حاخام بابلي يختصر التوراة بجملة واحدة |
العدد (7) من سلسلة مقالات "برّ وتوكلات حكماء صهيون". إن من يفهم اليهودية تماماً سيفهم بأن الايمان في اليهودية يتأسس على الحبّ أولاً : أن تحبّ الله محبة كاملة ، ومحبة القريب كنفسك. والمسيحية تستند على ذات الأساس باعتبارها امتداداً لليهودية حيث ولدت منها كما هو معروف ومن البديهيات الواضحة والجلية. فمن يحبّ لغيره (لقريبه) ما يحب لنفسه سيفعل للآخرين ما يحب أن يفعله الآخرين له . قاعدة أساسية في اليهودية. في الانجيل سترد على فم يسوع المسيح هذه المقولة كخلاصة للشريعة والأنبياء، التي أصبحت قاعدة في الأدب اليهودي الرابيني وتعود لرابي هِلليل البابلي ، الذي توفي حوالي عام 7 ميلادية . اشتهرت في اسرائيل منذ أواخر القرن الأول قبل الميلاد وبدايات القرن الأول الميلادي مدرستين (تيارين) رابينية ، إحداهما كانت واقعية متحررة وهي التي رأسها الرابي البابلي هلليل ، والثانية التقليدية المحافظة برئاسة رابي شماي. كان هناك العديد من غير اليهود (الوثنيين) ممّن كانوا يرومون التحول الى اليهودية . فتروى بعض الحوادث والروايات في التراث اليهودي حول طريقة تعامل كل من المدرستين المذكورتين في هذا الصدد، وهذا سرد لواحدة من هذه الحوادث. حدث أن ذهب أحد الوثنيين في اورشليم الى رابي شماي الذي كان يتصف بقسوته ومتطلباته الكثيرة من أتباع مدرسته. طلب الوثني من شماي : " أرغب أنْ أصبح يهودياً . لكن بشرط ٍواحد، وهو أن تعلمني التوراة بينما أقفُ على رجلٍ واحدة !". حين سمع شماي شرط الوثني هذا ، غضب عليه قائلا ً :هذا الأحمق يريد تعلم كل التوراة بينما هو واقف على رجل واحدة ! انه يجهل بأن كل الحياة لا يمكنها أن تجعل المرء يفهم كل التوراة. فرفع رابي شماي عصاه بيده دافعاً الوثني بها الى الخارج وطرده من بيته. فما كان من الرجل الوثني الا الذهاب الى رابي هِلليل البابلي في اورشليم ، وكرّر على هلليل طلبه : أرغب أنْ أصبح يهودياً ، بشرط واحد وهو أن تعلمني التوراة بينما أقف على رجل واحدة . فردّ عليه هِلليل بكلّ الصبر المعتاد عليه هذا الحاخام الشهير : سأفعل لك مثلما قلت . فوقف الرجل الوثني على قدم واحدة ، وبدأ هلليل يعلمه بحكمة تختصر تعليم التوراة : "كل ما تكرهه لنفسك ، اكرهه لأخيك ، (وكلّ ما تحبّه لنفسك أحبّه لقريبك). هذه هي خلاصة التوراة". فرجع الوثني للوقوف على قدميه الاثنتين ، بينما رابي هلليل كان يطلب منه قائلاً : "والآن إذهب وتعلم من التوراة لتعرف مالذي عليك فعله ومالذي عليك عدم فعله ". وانطلاقاً من هذه الحكمة التي تعتبر قاعدة في تعلّم كل ما سيقابلك في التوراة وفي الحياة .
فسمع الوثني تماما مثلما أرشده المعلم هلليل وأصبح انسانا ً مختلفاً وطيباً إضافة الى أنه أصبح يهودياً صالحاً ، لا يفصلُ بين المحبتين : محبته لله ومحبته للانسان ـ القريب. |