النزاع في سوريا الكل ارادها حربآ طائفية

لا يختلف احد عن ان النظام السوري هو نظام حكم علماني يفصل الدين عن الدولة و امور السياسة و لا يمت لأي دين او طائفة او مذهب بصلة و لا يدافع الا عن نفسه و مصالحه و اذا كان رئيس النظام الحاكم ينتمي بحكم الوراثة الى طائفة معينة فهذا لا يعني ان نظامه هو نظام تلك الطائفة يمثل مصالحها و يدافع عن وجودها ضد الطوائف الأخرى انما مصالح نظامه و بقائه في السلطة تأتي في مقدمة الاولويات لذلك من السذاجة القول عن مثل هذه الأنظمة انها تحامي عن شريحة معينة او طائفة او دين .

لقد ادرك الحكم السوري انه غير قادر على انهاء التمرد او الثورة التي قامت والتي بدأت بشكل سلمي بعيدة عن العنف و الدموية و استطاعت بسلميتها كسب تعاطف الرأي العام العالمي الذي وقف الى جانب الثورة مؤيدآ و مساندآ حتى كادت ان تنتصر و تطيح بذلك النظام الجائر الذي حاول جاهدآ و نجح اخيرآ في تحويل الحراك الجماهيري السلمي الى تمرد مسلح عنيف فقدت معه هذه الثورة بريقها و الكثير من مناصريها .

لقد وجد طرفا الصراع في سوريا نفسيهما في وضع صعب للغاية فلا وجود لحسم عسكري دون تدخل خارجي لدعم الطرفين فكانت الذريعة الطائفية هي الأنسب و الأكثر جاذبية في استقدام الأنصار و المؤيديين لا سيما ان المنطقة برمتها في حالة احتقان طائفي مدبر, فما كان من النظام السوري ان اعلن عن نفسه بأعتباره المدافع عن الشيعة و فرقهم المتعددة و فروعهم المتنوعة و كذلك الأمر كان من الطرف الآخر في النزاع ان ينفخ في بوق النفير الطائفي المضاد لنجدة اهل السنة و مذاهبهم فما كان الا ان تدفق الالاف من المقاتلين الذين يناصرون النظام السوري و من مختلف الجنسيات بحجة حماية المراقد و الأضرحة الشيعية و في المقابل هرع الالاف من المحاربين الذين هبوا لنصرة اولئك الذين يقاتلون النظام و بحجة الدفاع عن اهل السنة و مقداساتهم و كذلك جاءوا من مختلف اصقاع الأرض و اجناسها .

لقد انحرفت الثورة السورية او حرفت عن مسارها الرومانسي السلمي الذي كاد ان يعصف بالنظام و يجهز عليه و يقيم نظام حكم ديمقراطي عادل على انقاضه ,الا ان ذلك الأعجاب العالمي الذي حظيت به تلك الحشود الجماهيرية التي لم تكن تملك سوى حناجرها تهتف بها و قبضاتها العارية تلح بها تلاشى و انتهى قرقعة السلاح و ضجيج المعارك انها وبكل حرقة الثورة المغدورة.