الطبقة الحاكِمة تستحق العِقاب

" .. ذهبَ رجلٌ طاعنٌ في السِن ، لزيارة صديقهِ .. فعاتَبهُ الصديق قائلاً : أين كنتَ يارجُل طيلة الفترة الماضية ، لقد قلقتُ عليك ، هل كنتَ مُسافراً ؟ . أجابَ : في الحقيقة ، كنتُ مسجوناً لمُدة شهر ! . تسائلَ صديقهُ مُستغرباً : لماذا ؟ . قال : لقد إتهمَتْني الخادمة بأنني إغتصبْتُها وإشتَكَتْ عليّ . وكما تعرُف ، فأن مثل هذه التُهمة [ مَفخَرة ] في مثل عُمرِنا ! .. فلما سألني القاضي هل أنني قمتُ بذلك الفِعل ، قلتُ له : نعم ! . قال صديقهُ : وهل صّدقكَ القاضي فعلاً ؟ .. أجابَ : .. في الحقيقة .. لقد حَكَمَ عليّ بالسجن لمُدة شهر ، بتُهمة الإدعاء والكذب !! " .
فبأي عقوبةٍ يجب ان يُعاقَب " المالكي " الذي يكذبُ طيلة سنوات ، ويعتقِدُ أنه بإدعاءه إجتراح البطولات ، سوف يخدع الناس الى ما لا نهاية ؟ . فمنذ ثمانية سنوات ، وهو يطلق الوعود ، بتحسين الأوضاع ، الأمنية والخدمية ، ويُوّقِع العهود مع مُختلَف الأطراف .. فلا الأوضاعُ تحسنتْ ولا العهود والمواثيق اُحتُرِمَتْ . فالمالكي ومعهُ الطبقة السياسية الحاكمة فعلياً ، لم يُعالِج الأسباب الحقيقية ، التي أدتْ الى إنتشار المجاميع الإرهابية المُختلِفة ، في الأنبار ونينوى وديالى وغيرها .. ولم يتعامَل بحرَفِية وشعورٍ وطني عالٍ ، مع البيئة الإجتماعية التي وّلَدتْ ، الظروف الإستثنائية في تلك المناطق .. فتسببتْ سياساته الخاطئة ، في مقتل وجرح الآلاف من الأبرياء ، وتهجير عشرات الآلاف من منازلهم .. ولا زالتْ مأساة الفلوجة تتفاقم يومياً .. ويدفع الناس من أرواحهم وأموالهم كل يوم .. تحت عنوان فضفاض وشعارٍ رفعه المالكي ، يّدعي مُحاربة الإرهاب .. بينما ، الذي يهمهُ في الواقع أكثر ، هو تثبيتْ أركان حُكمه ، وتمديد فترة سلطته ، لأربع سنوات اخرى بأي ثَمن .
الرجُل العجوز في الحكايةِ الساخرةِ أعلاه .. الذي لايستطيع أن يتحّرش بدجاجة .. وبسبب إدعاءه الكاذب وإفتخاره بِما لم يَقُم بهِ فعلاً ، عوقبَ بالحبس لمُدة شهر .. فكَم يستحق المالكي ورهطه المُنافِق ؟ . 
أينَ ما يتبجح بهِ من تسمِية " دولة القانون " ؟ أينَ هي الدولةُ أساساً ؟ حيث مّزقَ المالكي وشركاءه ، بسياستهم الرعناء ، ما تبقى من العراق بعد الإحتلال ، وجعلَ الجميع مستائين ، غير راضينَ .. من البصرةِ الى دهوك ، مروراً بالموصل والرمادي والسماوة والكوت ... الخ . أنه بطريقتهِ في إدارة الحُكم .. يدفع الآخرين دفعاً ، الى الإبتعاد عن " بغداد " والمُطالبة بالفيدراليات ، وحتى بالإنفصال والإستقلال ! . كَم يستحق المالكي وحزبه والمتحالفين معه ، من عقوبة .. لأنهم لم يعملوا شيئاً طيلة هذه السنين ، من أجل ان تكون " المواطَنة " هي المَحك وهي الجَوهَر في علاقة الإنسان بالدولة ؟ .. وبدلاً من ذلك ، فأنهم ، كّرسوا الطائفية المقيتة ، وجعلوها بديلاً للمواطنة .. الطائفية المذهبية والحزبية .. وأمعنوا في تلميع صورة العشائرية وقِيَمِها المُتخَلِفة .
القاضي في النُكتة أعلاه ، حكمَ حُكماً خفيفاً ، يتلائمُ مع فِعل " الإدعاء والكذب " الذي إرتكبهُ المُتهَم العجوز .. لكن محكمة التأريخ ستفرض أحكاما ثقيلة ، ليسَ على المالكي فقط ، بل على الطبقة السياسية المتنفذة الحاكمة ، التي أدارتْ العراق أسوأ إدارة منذ أحد عشر سنة .. بتهمة الإدعاء والكذب المتواصل .