محافظ ميسان في الصحافة الأمريكية .. !!

كنت قبل أيام في مدينة لوس أنجلس، وهي واحدة من أشهر وأهم المدن الأمريكية إذ يكفي هذه المدينة فخراً أنها نظمت لوحدها أكبر دورتين أولمبيتين الأولى في عام 1932 والثانية عام 1984، ولعل أشهرماتمتاز به مدينة لوس أنجلس عن غيرها من المدن هي صناعة السينما. إذ تقع فيها مدينة هوليود الشهيرة.. التي تضم أكبرستوديوهات وشركات الإنتاج السينمائي في العالم
وبينما كنت انتظر دوري، لأتسلم ( الأوردر ) الذي طلبته من أحد مطاعم الكباب الشرقي المملوك لرجل أمريكي من أصل إيراني.. سألني صاحب المطعم عن موطني الأصلي- وهذا السؤال طبيعي جداً في أمريكا، بإعتبار أن جميع الأمريكيين دون إستثناء جاءوا من أوطان وبلدان أخرى - فقلت له : أنا من العراق ..
أبتسم الرجل ومدَّ يده على جريدة أمريكية أمامه .. دفعها نحوي.. ثم وضع أصبعه على صورة في الصفحة الأولى، لعامل ملتحٍ بلحية بيضاء، يرتدي بدلة عمل زرقاء اللون ويحمل على كتفه (طاسة بناء) .ليقول لي :- هل تعرف هذا الرجل؟
نظرت في الجريدة، وإذا بها جريدة لوس أنجلس تايمز الشهيرة.. ركزت بنظري في الصورة لعلني أعرف صاحبها، لكني لم أستطع ..
قلت له : لا أعرفه للأسف ..
قال : إنه حاكم ولاية ميسان العراقية !!
ضحكت وقلت له : ليس لدينا في العراق ولايات مثلكم، إنما لدينا محافظات.. وهذا محافظ ميسان.. ثم أكملت وقلت : أما محافظة ميسان فهي مسقط رأسي.. ناولني الرجل الجريدة وهو يقول : إقرأ فقد رشحته جريدة لوس أنجلس تايمز كأفضل شخصية حكومية محلية في الشرق الأوسط لعام 2012، في مجال العمل وتقديم الخدمات. لم أصدق ما قاله الرجل من شدة فرحي، لأني أعرف جيداً أهمية جريدة لوس أنجلس تايمز، وأعي ثقلها، وجديتها، وسعة إنتشارها، فهي تبيع أكثر من مليون ونصف نسخة يومياً، ولها كلمة مسموعة في جميع الأوساط.. وهي لاتطلق كلامها جزافاً قط .. بخاصة وإن عمرها قد تجاوز المائة وثلاثين عاماً .. حدقت في الجريدة لأتأكد من قول الرجل، وإذا بي أجد تعريفاً جميلاً بهذا المحافظ، مع بعض الكلمات التي نشرت تحت صورته وهي أشبه بالمبررات لهذا الإختيار. ومنها : بساطته، وشعبيته، وخروجه الدائم من مكتبه الى الشارع، ومشاركته عمال البناء، وكناسي الشوارع أعمالهم، إضافة الى فوز احد شوارع محافظته بجائزة أنظف شارع في العراق، ووضع حجر الأساس بيده لأول جسر معلق في الجنوب .. وغير ذلك من الأعمال غير المعتادة في حياة المسؤولين..
لم أستطع السيطرة على مشاعري وأنا أرى صورة أبن ولايتي العمارة تنشر في صدر واحدة من أكبر الصحف الأمريكية .. فأنزلقت دمعة على خدي رغماً عني. والغريب في الأمر أن هذه الجريدة لم تذكر إسم المحافظ. وهذا دليل أكيد على أنها لاتعرفه شخصياً، إنما تعرف أفعاله، وتعرف نزاهته، وأعماله، وسيرته العطرة التي إنتشرت حتى وصلت أمريكا. كما أن عدم معرفة الجريدة بإسم المحافظ دليل على أن الرجل لم يدفع للجريدة رشوة، أو يبعث واسطة مثلما يفعل المسؤولون في بلدان الشرق .. والأغرب من ذلك أني لم أنطق بكلمة واحدة حين سألني صاحب المطعم عن إسم هذاالمحافظ، لأني حقيقة - وأقسم بكل المقدسات- لا أعرف إسم محافظ ميسان حتى هذه اللحظة.. لكني فقط أعرف إنه (خوش محافظ) وهذا مايقوله الناس ..