في سجون الحرس القومي اثر انقلاب ٨ شباط الأسود اعتقل العالم العراقي المعروف الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد ينقل احد من رافقوه انه شاهد الدموع تنهمر من عينيه فسأله عن سبب بكائه فأجاب : ( كان في قسم الفيزياء (الذي أحاضر فيه) طالب فاشل حاولت طويلاً مساعدته كي يرفع من مستواه فلم أفلح ومع ذلك لم انقطع عن تقديم العون له. وفي يوم 14رمضان 1963 جاءت مجموعة من الحرس القومي لاعتقالي من بيتي...ميّزت من بينهم تلميذي الفاشل هذا بسهولة...طلبت منهم مهلة دقائق لأغيّر ملابسي ثم اذهب معهم وأنا واثق من اني لم اركتب ذنباً أحاسَب عليه..غيّرت ملابسي وخرجت إليهم جاهزاً وفجـأةًً صفعني هذا التلميذ الفاشل نفسه ( راشدي ) قوي افقدني توازني و كدت اسقط على الارض ونهرني قائلاً "لا تعطـّـلنه دماغ سِـز!" و لم يكتفي تلميذي الحارس القومي بهذا فقط وإنما دسّ يده في جيب سترتي و انتزع منه قلم الحبر الذي كنت اعتز به أيّما اعتزاز والذي لم يفارقني ابداً..ذلك القلم المرصّع بالياقوت الدقيق الاحمر كان هدية من العالم المشهور( آينشتاين) وكنت استعمله في التوقيع على شهادات الدكتوراه فقط..وكلما أتذكر وأستعيد تلك اللحظات أحزن كثيراً الى درجة انهمار الدموع !.) قد تسأل وانت تقرأ هذه القصة ، لماذا حصل هذا ويحصل ان أهين الكثير من العلماء والمفكرين على يد الفاشلين والإمعات بهذا الشكل !؟ والجواب بكل بساطة ان عقدة الفشل تحاصر هؤلاء وتجعلهم يرون من تلك الشخصيات التي ربما كانوا على مساس بها يوما أعداء لا يطيقون رؤيتهم او سماع أخبارهم لأنهم يذكرونهم بحجومهم الضئيلة لقد وفرت الأحزاب والتنظيمات المتنفس لكثير من الفاشلين في الصعود والتسلط والتنفيس عن مكبوتات أنفسهم ضد الشخصيات التي تتقزم أمامها شخوصهم فأمثال هذا الطالب الفاشل الذي صفع أستاذه العالم وسرق قلمه كثير !! والمشكلة ان هذه الحالة لا تزال مستمرة حتى اليوم فكثير من الفاشلين في الأحزاب والتيارات يستفيد من عبوديته ودونيته الحزبية للصعود والتسلق بدعوى الحركية والنضال ليسخر من العقول وحملة الشهادات لأنهم لا يصلون الى مستواه النضالي !!! المؤسف ان بعض العقول تنصاع لمثل هذا الخطاب خوفا او طمعا تعسا لها ! لا يمكن لعقل يحترم نفسه ان يسكت على مغالطات هؤلاء الفاشلين ويصدق مقالاتهم للناس مهما كان الثمن فأي نضال لا ينطلق من المعرفة واحترام حملة العلم ليس الا أوهاما تحركها مطامع العقول ألفارغة من أولى مهام العقل الحر مواجهة هؤلاء المفلسين أخلاقيا وفكريا ، وفضحهم امام اتباعهم الفاشلين الصغار الذين يرددون مقالاتهم كالببغاوات. |