وجهت المملكة العربية السعية اليوم وعلى لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل دعوة الى الجمهورية الاسلامية للتفاوض حول العديد من الملفات الشائكة معربة عن استعدادها لاستقبال وزير الخارجية الايراني في اي وقت يشاء، في خطوة مفاجئة ستكون لها ردود افعال وتاثيرات دراماتيكية في المنطقة. فمنطقة الشرق الاوسط تمر بمرحلة حساسة اذ تعصف بها الاضطرابات والحروب الداخلية والتي تمثل السعودية احد اطرافها فيما تمثل ايران الطرف الاخر. فهناك الحرب الاهلية في سوريا والتوترات في لبنان والنشاطات الارهابية في العراق والتظاهرات في البحرين والوضع في الاراضي المحتلة والصراع في اليمن ولذا فان اي تفاهم سعودي ايراني ستكون له آثار ايجابية عي شعوب المنطقة.
وتأتي الدعوة السعودية بعد فشل كافة محاولات اسقاط النظام السوري التي قادتها السعودية سواء في المحافل الدولية او عبر دعم الجماعات المسلحة في سوريا بالمال والعتاد ، فقد ايقنت السعودية اليوم بهزيمتها في سوريا امام المحور الايراني الذي نجح في الابقاء على الرئيس السوري على سدة الحكم. وكذلك فان لايران اليد الطولى في العراق اليوم سواء عبر تحديد شكل حكومته او عبر تأثيرها على المواقف العراقية ازاء مايجري في المنطقة من احداث وتطورات. واما في لبنان فاليد الطولى فيه لحزب الله ولن تنجح السعودية في تمرير اي رئيس للجمهورية او رئيس للوزراء بلا تأييد من حزب الله. واما في البحرين المجاورة التي تحتلها القوات السعودية فلايبدو في الافق اي بوادر للحل السياسي بلا تفاهم مع الجمعيات السياسية الشيعية هناك.
ولذلك فيمكن القول ان السعودية رفعت راية الاستسلام اليوم في سوريا وتريد ان تبدأ صفحة جديدة من العلاقات مع الجمهوريةالاسلامية والعديد من دول المنطقة وفي طليعتها العراق. ومما لاشك فيه ان الطرف المنتصر اليوم هي ايران التي ستفرض شروطها على السعودية الا ان الصلح بين البلدين او بين المحورين يتطلب تقديم تنازلات من الطرفين ، ولذا فان المفاوضات بين الطرفين ستفضي الى التوصل الى اتفاق مرضي بينهما. ولعل اول بنود مثل هذا الاتفاق هو قبول السعودية بببقاء الرئيس بشار الاسد في منصبه وخاصة اذا مافاز بالانتخابات القادمة وستحاول السعودية الضغط باتجاه تشكيل حكومة شراكة وطنية تساهم فيها قوى المعارضة المعتدلة كالائتلاف السوري مع استبعاد الجماعات الارهابية.
واما على الصعيد اللبناني فان الموافقة السعودية على تولي ميشيل عون لمنصب رئيس الجمهورية مرهون بموافقة حزب الله على تولي سعد الحريري لرئاسة الحكومة. واما على الصعيد البحريني فان حل الازمة فيها سيتم عبر ازاحة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان ال خليفة واجراء تعديل في القانون الانتخابي يسمح للاغلبية الشيعية بمشاركة اوسع في الحكومة مع تعيين ولي العهد رئيسا للوزراء. واما على الصعيد العراقي فان كبش الفداء للتقارب السعودي الايراني سيكون رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي الذي لابد من الحيلولة دون بقائه في المنصب والبحث عن شخصية توافقية تحظى برضى مختلف الاطراف الداخلية ولاتشكل مصدر توتر في المنطقة، وهذا الامر سوف لن يكلف ايران كثيرا لان ايران تمسك خيوط اللعبة في العراق وبامكانها التعامل مع اي رئيس وزراء قادم وضبط ايقاعه. فوداعا يا ابا اسراء فقد اتاك الله من حيث لا تحتسب!
|