الموازنة بين الاقرار واللا أقرار

أن إعلان بعض المحافظات إفلاسها، فضلاً عن تعطل المشاريع، والكساد الاقتصادي الذي أصاب السوق التجاري والصناعي العراقي، مع المزيد من تدهور الخدمات في القطاع الصحي الذي يعاني أساساً من شحه في كوادره، والحاجة إلى المستشفيات والأجهزة الطبية، التي أضاف عليها تأخر أقرار الموازنة أعباء ثقيلة ومعطلة للحياة، حيث سببت كل هذه العوامل معاناة صعبة أصابت المواطن البسيط في حياته وقطعت رزقه، وخاصة أولئك الذين يحصلون على قوتهم اليومي من أعمال بسيطة يعتمدون على الله وعليها .

ما لا حظنا من صمت، أو سمعنا من كلام خجول، مر فيه بعض أعضاء مجالس المحافظات مرور الكرام، على ما يعانيه أبناء مدنهم من معاناة صعبة، بسبب تأخر الموازنة لا يرقى إلى حجم هذه المعضلة، التي توشك أن تدمر ما تبقى من هيبة لمؤسسات الدولة، تتطلب منا أن نقول ولغيرهم أنها استحقاق وطني خالص، ليس فيها منه من أحد يظن أنه يتفضل بها على ملايين المواطنين، أو يتصدق عليهم فيها، لأن من يستحق الصدقة من يأخذ ما لا يستحق، وهذا ينطبق على كل من تسول له نفسه التلاعب بقوت الناس فيهبط إلى الدرك الاسفل، ويبقى الفقراء في ذرى الجبال وقممها .

المفروض بالمحافظات التي أعلنت إفلاسها أن تعبأ مواطنيها ليقولوا كلمتهم الفصل، وليعبروا عن رفضهم لهذا التلاعب الذي ربطهم بأحابيل السياسة القذرة (وليست السياسة الصالحة ) التي أصبحت أمراً واقعاً في العراق تخدم فئة قليلة، ولا علاقة لها بالشعب المنكوب والمبتلى بأعضاء في مجلس النواب يلتهمون بنهم غير مسبوق أمواله ومقدراته، ولا توجد أي قناعة على شعورهم بما يتعرض له الشعب من ضغط كبير لتأخر أقرار الموازنة .

لذا يُعد تأخر إقرارها مسايرة للإرهاب، لأن ذلك يُعطل دعم القوات المسلحة وتموينها، بينما يحصل الإرهاب على ما يشاء من أموال وسلاح، تزوده به ترسانة الدول التي تحابيه وتُغذيه وتتستر عليه، وعلى الشعب وكل من يعنيه الأمر أن لا يرضخ ويصبر أكثر مما صبر على أهواء أصحاب المساومات السياسية، الذين يبحثون عن الفوائد الخاصة من خلال عدم إقرار الموازنة لدوافع شخصية .