أيهما أخطر على الكورد، الإنقسام وعدم توحيد الصفوف أم المتربصون بنا؟
مع أني لا أحب هذا النوع من الأسئلة الإفتراضية، ولكن عندما نريد أن نذّكر المسؤولين والسياسيين بالتهديدات والمخاطر المحتملة، أو ننوي الإجابة على الطروحات التي تبسط مشكلات الأمن الوطني والقومي، وتقلل من المخاطر المحدقة بنا، لابد من طرح مثل تلك الأسئلة والإجابة عليها.
قائمة التهديدات طويلة وأطماع الآخرين ورغباتهم في الهيمنة والتدخل في شؤوننا كبيرة، والعاقل يعلم أن الانقسام الداخلي يضيع مكتسباتنا ويسبب شرخاً في التحالف الكوردستاني في بغداد الذي إستطاع عبر مواقفه السياسية والدستورية ووفق خطط متوافقة وإستراتيجيات قومية الدفاع عن الكورد وكوردستان وتحقيق بعض المنجزات، أو في الأقل محاولة تحويلنا من مواطنين من الدرجة الثانية الى الدرجة الأولى.
الإنقسام أو عدم الثقة بين الكوردستانيين، مطلب يتمناه الكثيرون (غير الكورد) وحتى الذين يفترض أنهم حلفاؤنا وبعدما وقّعنا معهم الاتفاقيات، سعوا إلى ذلك عندما كانت العلاقات بين حكومة الإقليم والمعارضة الكوردستانية تمر بأزمة أو فترة سوء تفاهم، أو عندما كان التداخل في مفهوم الإصلاح وتطلعات الشعب إلى المشاركة السياسية وبين الأمن والفساد والإستقرار سبباً لتوسيع الإستفزازات، وصل الامر حد انهم حشدوا قوات عسكرية على مشارف كركوك.
والحديث عن الإنقسام الكوردي طفا على السطح في الآونة الآخيرة بسبب الـتأخر في تشكيل الحكومة الكوردستانية الجديدة، وقطع رواتب موظفي الإقليم، والدعاية الإنتخابية التي سبقت الإنتخابات، والإستحقاقات الدستورية والقانونية الكوردستانية في بغداد، ومراهنات ومهاترات بعض السياسيين السذج على كسب طرف كوردستاني معين، أو حتى أطراف، لتشكيل ما يسمونه حكومة الأغلبية السياسية، دون أن يعرفوا أن الخروج عن الإجماع الكوردي تجاه الثوابت القومية والوطنية هو خطأ استراتيجي، بل انتحار سياسي بطيء، ولا أحد يجرؤ على الإقدام عليه مهما كانت الظروف ولا أحد يرضى بالإنتحار والوقوع في الخطأ العمد..
والمفارقة الموجودة هي أن جل جهود التوحيد في المواقف تتوجه نحو تحصين الجبهة الداخلية دون الإلتفات الى أخطاء البعض، أو مغريات الآخرين، ولعل البعد الإنساني في أهمية المحافظة على المكتسبات يتجلى أكثر لو أعدنا صياغة أسئلتنا الإفتراضية بشكل آخر وقلنا:
ماذا لو جاءت تركيبة النظام الجديد في بغداد متشابهة للنظام الحالي؟ وتم إسناد بعض المواقع المهمة للكورد، ولكن مع وقف التنفيذ، وظل تهميشنا مستمراً في كل مؤسسات الدولة، ونظروا الينا كضيوف ثقيلي الظل وغير مرحب بنا في بغداد ؟. وإعتبرونا عالة على ثروات الجنوب النفطية، في حين كان نفط كركوك الكوردستانية مصدراً لكل ثروة العراق طوال عقود وما كنا نحصل عليه لم يكن إلا مدافع وطائرات ودبابات تقصف مدننا وقرانا، وماذا لوحاولوا وبشكل أوسع تكرارعبارة الإحتلال الكوردي للعراق؟ هل نكتفي برفع الدعاوى القضائية ضد هؤلاء بتهمة القذف والتشهير في المحاكم التي تأتمر بأوامر أصحاب النفوذ في بغداد، الذين هم الخصم والحكم...
الكل في كوردستان بانتظارإعادة المياه الى مجاريها الطبيعية، وبانتظارالحصول على الإجابات لجميع الأسئلة التي تتبادر الى الاذهان، ومعرفة موقعنا من المستجدات السياسية وموقفنا من الأزمات، واستعداداتنا لمواجهة المحن و تجنب الكوارث والتكيف مع الأحداث بعقلية كوردية، وقطع الطريق أمام كل من يحاول أن يمزق وحدتنا السياسية، ولو استدعى الأمر تقديم التنازلات من هذا الطرف الكوردستاني الى ذاك الكوردستاني أيضاً، حفاظاً على وحدتنا السياسية، لأنه تعقل وحرص وحكمة وإخلاص لدماء الشهداء.
|