لماذا دائما العدالة عمياء؟؟

رغم أننا نسن قوانين ودساتير من إله ارضي... متعدد الوجوه الغرض من تنصيبه ان يكون عادلا بين طوائف شعبه المختلف العقائد والديانات والتوجهات... لكننا نصطدم بإن العدالة الأرضية خلف كل القوانين عمياء رغم أنها تحمل ميزان العدالة وسيف القصاص بالحق. كثير هم من فسروا العدالة عمياء غير انها على العكس هي ليست عمياء ولكنها طُمست عيناها بالظلام حتى لا ترى المتحاكمين وتبتعد بحكمها عن التأثر عاطفيا هذا رأي والبعض يقول عمياء حتى لا تستطيع ان ترى الجرم الذي يقع دون التثأر على من يضام بجريرة هو ليس له يد فيها رغم ان الميزان هو اساس العدل تماما مثل العدل أساس الملك... ولكن هل دام ملك دون ظلم أو جور...وكيف يمكن ان نعيش في مجتمع خال من القانون او العدالة؟
وهناك من يقول ردا على:
لماذا رمز العدالة على شكل إمرأة وعمياء ايضا؟ ان العدالة عمياء لانها لا تلتفت الى العواطف , ولا تنظر الى التوسلات بل هى تطبق القانون فحسب وقال البعض الاخر: انها عمياء لانها لا ترى الحقيقة التى تختفى وراء الظاهر، وربما السبب يرجع في أساس هذا الرمز الذي كان يعتقد به القدماء حيث كانو يؤمنون بأن المرأة هي اساس الطبيعة ( إلهة الخصوبة ) و بأنها تمد الحياة لجميع الأشكال دون تمييز.. و عصب العينين يشير الى استخدام البصيرة للعدالة دون النظر المادي الذي يميل للتمييز و يشوش الحقائق..( أراء مختلفة لكتاب )
لكن الميزان هو رمز التوازن حيث قال عز من قائل ( ولا تخسروا الميزان ) ( وأوفوا الكيل ) ( واحكموا بالعدل والقسطاس ) ( وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل ).. يبقى ان نقول أي ميزان السماوي او الأرضي فشتان ما بين الأثنان...
إن العدالة الأرضية لابد لها ان تعمل وفق الأهواء والمصالح وإلا ما كانت معصوبة العينين... إننا ومنذ زمن بعيد ابتدأنا الحياة بالعصيان والنكران أي اننا كبشر ليس لنا ميثاق حتى مع خالقنا لإعتبارات لا نريد الخوض فيها قد تكون ليست من اختصاص البشر بيد ان هناك امور هي من صلب اختصاصه كالطاعة العمياء وهي تصب في نفس مسار العدالة العمياء... إن الطاعة العمياء لغير الخالق هي التي تقودنا الى الكثير من المهالك بسبب ضعف نفوسنا وكوننا خلق هش سريع الغضب سريع التلون سريع الاعتقاد سريع النكران ... بطيء الفهم لما بعد الحياة...كون العقل البشري برغم إيمانه المطلق والصريح وهذا بمختلف العقائد الاسلامية وغير الاسلامية التي تؤمن بالخالق الواحد أو التي لا تؤمن تعتقد بوجود الحياة الأخرى كل ضمن معتقاداته... كما أن العدل موجود حتى في بقية ما خلق الله تعالى من مخلوقات سواء كانت تحمل الروح او ايضية او جامدة او مائية فلابد هناك من عدالة وقانون حتى في النظام الكوني... فالنمل مثلا له قوانين والنحل والطير والزواحف والحوانات الداجنة وآكلة اللحوم والمياه والانهار والبحار والجبال والشجر ... كل شي يسير وفق قوانين وميزان عدل... وترى أنه إذا ما ارتكب أي شي خطأ ما، عوقب عليه بسرعة وتبعا للنظام الكوني فيزيائي او رقمي او الغريزي أذا كان من الحيوانات وبقانون أيضي او نواة إذا كان من الشجر وحتى الصخر ... فكل له قانون ودستور... والغريب اننا على الأغلب سننا قانوننا وفق قانون الغاب كون ان الحياة بدأت مع الحيوان... وتعلمنا بحسب التعايش منه بالكثير وخير دليل حين ورى الغراب سوءته وقد اخذها عنه قابيل حين قتل هابيل واستنكر على نفسه ان يكون مثل هذا الطير...
إن عدالتنا لا تسير وفق نهج سماوي أنزله الله على الكثير من النبياء للبشر، بل وفق أهواء ممنهجة لإله أرضي يريد ان يستعبد الناس والارض ليكون كما أسلفت إله خالد، وهذا ما جاء في سيرة الأنبياء حيث يرى الإنسان المخلوق انه إله يستحق ان يُعبد وكان كذلك في الزمن الغابر وما تعدد الديانات إلا لخلافات في الربوبية...
وكوننا بشر نخطيء أكثر مما نصيب جعلنا عدالتنا عمياء لأن الكثير منا يمتلك البصر لا البصيرة لذا حين نعصب العدالة فذاك يعني اننا نحكم وفق ما نسمع لا ما نرى اي نبتعد عن نصف الحق فالعين تلمس الكثير حين تشاهد وتسمع احيانا قبل الأذن ... لكن لابد ان نلغي عدالة العين لأنها سريعة التأثر كما عليها أن لا تخضع لمنظور عنصري بلون او جلد او ديانة ومعتقد... وهذا ما أجده غير واضع فالبصيرة لا يمتلكها إنسان عادي مالم يكن يحمل صفة خصه الخالق بها...إذ اننا بنو البشر نسير حسب الأهواء والعدالة ناقصة بلاشك لدينا وعندنا...
كما ان الكثير مما نعانيه بسبب ما نسن من قوانين عرجاء بل مشلولة سليبة الإرادة تعمل وفق مصلحتي اولا.. فمن يمتلك الصولجان يستطيع العبث بالميزان.. أما من تحمله فذلك يقودنا ان المرأة ما هي إلا مخلوق ضعيف يباع ويشترى حتى قبل الأسلام وفي جميع العصور الغابرة... ولعل الإسلام الديانة الوحيدة التي اعطت المرأة حقها المنقوص بالطبع وبشكل افضل من الديانات الأخرى التي نالت هي حقوقها لكن بانفتاح يعري ثوب بكارتها وهيبتها كونها تخضع للتغير والمساواة بعيدا عن معيار الحياء الديني... نتيجة التعايش بقوانين السيادة عبادة دون تمييز او ريادة... فالجميع مشترك بالرأي لكن مختلف في التعميم... عبارات يمكن ان تكون بثغور ومطاطية تخفي وراء من يسنها عبق ونَفَس ديني لا ريب... فلا يمكن الاعتقاد ان الحياة ومن عليها لا تسير وفق ما يريد من كَوَنَها وخََقَها حتى وإن ظن من أن الله مادة او مجرد قوى مشتركة من عوامل طبيعية...
ان الحياة الإنسانية لو أخذنا بعين الاعتبار القوانين الاجتماعية والبيئة والفوق طبيعة أنها تسير وفق ما يسنه الإنسان لكنا نعيش بعالم مملوء بدخان وضباب يخدر العقول... إن القوانين الوضعية التي يسنها الإنسان لنفسه هي تلك التي يريد فرض سيطرته على الانسان الضعيف الآخر الجاهل بما لديه او حسب قانون الغاب الأقوى يأكل الضعيف للديمومة... هذه هي القوانين وهذه هي الشرائع... البقاء للأقوى دون عدالة او ميزان حق... فالتعايش السلمي يلزم الرب الأرضي بالكثير من التوازن وهذا ما لا يرضاه من هم معه في جانب وخلف الميزان او من جعلوا العدالة تمسك بالميزان لسهولة السيطرة عليها مع تعصيب عيناها لدثر كل خبايا واسرار الحقيقة، فتجده لابد يلجأ للظلم والجبروت... فنظرة الى التأريخ القديم جدا والازلي والجديد ... لا توجد حضارة او دولة أقيمت على العدل ابدا... لأن العدل هو أسم الله والذي تفرد به... اما ما يقوم به الانسان فهو مجرد اعمال تقوده الى من لا ميزان عنده سوى العمل الحق... فأينا يعمل وفق قوانين الحق والعدل الإلهي ...الاجابة بسهوله لا أحد... وهنا لا اريد الخوض بقصص الانبياء او الاولياء والاوصياء .. فهم عانوا من عدل الإنسان الإله...
وحتى اعرج بالعدل على ما يدور في عالمنا العربي اقول ان العدالة عندنا ليست عمياء حسب بل هي خرساء وصماء بل لا حول لها ولاقوة... فالقوى المتسلطة جعلت من رمز العدالة مجرد واجهة شكلية فالقضاة عندنا مرتشون والقانون ممغنط ينجذب دوما الى اللاحق والى اللاعدل... ومن يحمل صفة العدالة والحكم هو رجل او مجموعة من الرجال تبرقوا بواجهات دينية وبمسميات شرعوا لها الشرعية وفق اهواء دكتاتوريات ازلية ان تكون عبئا على الانسانية لمجرد فرض السلطان والعبث بمقدرات الشعوب الخامدة الجامدة النائمة في سبات لا صحو فيه، كلنا نسير الى حتفنا لكن بطرق مختلفة... فمن جاء في بداية الخلق بجريمة لابد له ان ينتهي ويموت بجريمة ومن يحمل صفة العدل والقسط هو من يختاره حين تدق الساعة... إن العدالة ورمزها الأعمى هو ما نراه في داخل نفوسنا وحياتنا لأننا كلنا نريد حين ان نسرق لا تشاهدنا العدالة الارضية والا السماوية وحين يُقضى بأمرنا لا نريد لها ان ترانا حتى لا تتعرف علينا برغم ميزاننا الذي يكيل بمكيالين ، نحن فعلا بلا حق او عدالة لأننا نعيش في عالم من التحيون الجديد بشكل منسق متحضر ضمن سطور من نسيح الربانيون الجدد أصحاب عالم الغاب رمز العدالة العمياء هي أنمى للبقاء.