حينما يكون الحزن مهْرباً ... مصطفى محمد غريب |
إلى خلدون
عافاك من قهرٍ أتيت به
فقل إن الحال من حالٍ إلى حالٍ
وهم يفاجئه الخيال في المتاهاتِ
أن يكون مَهْرباً
أو مخرجاً
إلا من دمٍ لدمٍ يسد طريقا بلسماً
سبقن كل ما فات من مسراتِ
..........
يصيب حزنك لو أنت عرفت بهِ
مقلاً على المواقد تبغي برعماً أملاً
لكن حزنك سهماً من النيران مُخَزّنة
ولو أنك قد عرفت مأثرةً
تقول أن اللوم يشفي مريضه الباكي
بوهم الفراق أو الصد من غلواء محبوبٍ
أو أن الصدود يوقي
قرب اللقاء بأوقاتٍ تخلفن في صياغتها
من أدواتٍ مسببات.
لوكأنك أوصلت إلى من عافك مهموماً
وهو الحزين بأوقاتٍ.. لم تكن إلا مشاويرها
أُراد بها أن يُنطق الألم الصريع بوخزاتٍ.
مشاويرٌ هزت الأعماق ثم اختفت
كأنها لم تكن يوماً
سوى ذكرى مموجة
كموج البحر يرقص مرعوباً
من نسيمٍ هادئٍ آتي
..........
أتذكرُ من قال في الوقت المحدد واعداً
وداعاً مشفوعا بالخطابات
تركوك فوق ناصيةٍ
من ذكرياتٍ
وأشعارٍ
وحسراتٍ من ليالي السهد موجعة
وقد راعك من ماضي،
قال الوداع مشفوعاً بادعاءات
وبقيت تجتر العذابات كأنها نغمٌ من النوتات
وارتقيت تقول شعراً
وفهمت بأن التلاقي سُداً
قل لنفسك انك جلاد تعذبها
قل لنفسك أنت القاتل الآتي
فغيرك عذب النفس
بأوهام
وأنغامٍ
من سنين العمر
حجته إن الحياة مثقلة
بالوهم والتأويل بالماضي
وخطاب صار معمولاً في عصرٍ من نفاياتِ
..........
طوعت نفسك أن تقوم على النوى
وأن تتابع طيف العاشقين على الأطلال
يبكون من فرط الفراق وهادم اللذاتِ
ورضيت التسكع في المظالم كي ترى
صوتاً يطالب بالرحيل من الجوى
فما رأيت إلا حبهم للذات حتى عشقوا
أصواتهم دون الوجوه، وباتوا يعشقون نفوسهم
وكنت أنت على البعد تشكوا مدامعها
عجباً وأنت النبيه الذي قد رأى تعففاً
سقم العاشقين من السراب المماطل بالمسراتِ
والعشق إن جاء على قوائم ناقصة
فهو الهزال والنفي المؤبد من هوس سنين العمر
وأطلال تغنى وتشتهر قدماً
بفن البكاء وأيام تعطلنا في سقمٍ
كأن ما يجري توقف عن المسير
لكنك محكوم بالذكر ومحموم بالتصومع المهزوم
الذي لو كان انتصاراً لبكى العالم قهراً
عافاك أن تترك بكاؤك للماضي
وتجلس بين القرائن من خزنٍ وآهات
الحزن حق ولكن طوال البكاء لا يغنى عن المسرات
17 / 1 / 2013 |