مدرب اتلتيكو الملهم يثبت أن البطولات ليست بالملايين



رويترز: اذا كان أي شخص توقع قبل بداية موسم دوري الدرجة الأولى الاسباني لكرة القدم أن اتلتيكو مدريد قد يتفوق على منافسيه الأكثر ثراء برشلونة وريال مدريد ليحرز اللقب كان سيعتبر ساذجا.

وكان توقع تأهل فريق المدرب دييجو سيميوني - الذي أحرز لقبه العاشر في الدوري المحلي والأول منذ 1996 بفضل تعادله 1-1 في برشلونة أمس السبت - الى نهائي دوري أبطال اوروبا سيثير الضحك.

لكن هذا بالتحديد ما حققه اتلتيكو بفضل مدرب ملهم ومجموعة من اللاعبين الموهوبين الملتزمين الذين تعين عليهم اللعب لدقائق أطول والركض لكيلومترات أكثر من كل منافسيهم بسبب القائمة الصغيرة من اللاعبين.

ويعود الفضل في أغلب نجاح اتلتيكو مؤخرا الى تأثير سيميوني وهو لاعب وسط مقاتل ضمن تشكيلة اتليتيكو الفائزة بثنائية الدوري وكأس الملك في 1996 والذي تولى تدريب النادي وهو معتاد على الوجود في مراكز متواضعة في نهاية 2011.

وحول المدرب الارجنتيني اتلتيكو - الذي يبلغ دخله السنوي نحو خمس دخل برشلونة وريال - الى فريق منافس على الألقاب في اسبانيا وبين الصفوة في اوروبا.

ويتحرك سيميوني كثيرا خارج خط الملعب خلال المباريات لالقاء التعليمات وبث الحماس في قواته وحث الجماهير على التشجيع وانتقل حماسه ورغبته في النجاح بوضوح الى اللاعبين.

وجاء الاثبات على التزام جهازه الفني بالهدف في مباراة قمة جرت مؤخرا للعاصمة مدريد عندما تطلب الأمر ثمانية أشخاص لايقاف مساعده - وهو جيرمان بورجوس اللاعب السابق أيضا في اتلتيكو - الذي فقد أعصابه مع الحكم.

واستخرج سيميوني أفضل ما عند عدد من لاعبيه الذين لم يظهروا كل قدراتهم من قبل ومن بينهم الهداف دييجو كوستا ولاعب الوسط المهاجم راؤول جارسيا وصانع اللعب اردا توران.

لكن ربما كان العمل الدؤوب من الدفاع ووسط الملعب هو الذي كان له أكبر مساهمة في ثبات مستوى اتلتيكو ونجاحه في مجاراة أكبر ناديين في اسبانيا رغم جدول المباريات المرهق وما اعتبره كثيرون تشكيلة محدودة.

وتحت قيادة سيميوني تلقت شباك اتليتيكو أقل عدد من الأهداف حتى الان في دوري الدرجة الأولى الاسباني وهو 26 في 38 مباراة واستقبل ستة أهداف فقط في 12 مباراة في طريقه لنهائي دوري أبطال اوروبا في لشبونة يوم 24 مايو .

ومن الذين اكتشفوا هذا الموسم القائد جابي - وهو خريج أكاديمية اتلتيكو وعاد للنادي في 2011 بعد اربع سنوات في ريال سرقسطة - كلاعب يستخلص الكرة ويوزع اللعب في قلب وسط الملعب ويساعده ببراعة تياجو وماريو سواريز.

وقدم قلبا الدفاع دييجو جودين وميراندا اداء صلبا كما سجلا أهدافا مهمة بالرأس من الركلات الثابتة بينهم هدف التعادل لجودين أمس السبت بينما وفر الظهيران خوانفران وفيليبي لويس نطاقا هجوميا مع قيامهما بواجباتهما الدفاعية ببراعة.

وتصدى الحارس تيبو كورتوا مرة بعد أخرى لفرص بدت مستحيلة من أمام منافسي اتلتيكو وسيتم دون شك قريبا استدعاء الحارس البلجيكي الدولي المعار الى ناديه الأصلي تشيلسي ليحل محل بيتر شيك.

وفي الأمام منح اداء كوستا للمهاجم البرازيلي المولد مكانا في تشكيلة اسبانيا وسجل 27 هدفا في الدوري كما هز الشباك ثماني مرات في دوري الأبطال في أفضل مواسمه حتى الان.

كما ساهم ديفيد فيا هداف منتخب اسبانيا عبر العصور والذي يقترب من نهاية مسيرته وادريان في صناعة وتسجيل أهداف مهمة لاتلتيكو.

وربما يتذكر سيميوني ولاعبوه يوم 29 مارس  والانتصار 2-1 على اتليتيك بيلباو صاحب الأرض باعتبارها اللحظة التي بدأوا فيها في الايمان حقا بأن اللقب في متناولهم.

وكان ينظر للمباراة التي أقيمت على استاد سان ماميس الصعب ملعب بيلباو صاحب المركز الرابع على أنها أصعب مواجهة لاتلتيكو في المراحل الأخيرة من الموسم. وكجزء من الاستعدادات للمباراة المهمة في الباسك قرر سيميوني الاستعانة بمساعدة خارجية.

ووجه المدرب الارجنتيني الدعوة الى ايريني بيا - التي فقدت ساقيها خلال هجوم بالقنابل شنته مجموعة ايتا الانفصالية في 1991 عندما كان عمرها 12 عاما - للتحدث مع اللاعبين في فندق الفريق قبل ساعات من انطلاق المباراة.

وبعد سماع رسالة بيا والتوجه لاستاد بيلباو - حيث خسر برشلونة 1-صفر واكتفى ريال بالتعادل 1-1 هذا الموسم - تأخر اتلتيكو في الدقيقة السادسة لكنه رد عن طريق كوستا في الدقيقة 22.

وأحرز كوكي هدف الفوز بعد مرور عشر دقائق على بداية الشوط الثاني ليكمل عودة رائعة.

وقال سيميوني "وجهنا لها الدعوة حتى تبلغنا بقصة حياتها.. حتى نستطيع رؤية واقع الأمر."

وأضاف "أسدت لنا جميلا ضخما.. شعرنا براحة كبيرة ولدينا الان صديق إضافي في اتلتيكو."

وستجلب انجازات اتلتيكو هذا الموسم له المزيد من الأصدقاء بين عشاق كرة القدم إذ اثبت أن انفاق مئات الملايين على اللاعبين ليس فقط طريق النجاح.