ما لم يتعلمه سمير جعجع من سيرة النبي يوسف

ليس هنالك ما هو أثمن الحرية، ولا يشعر أحد بقيمتها مثل السجين، ينتظر يوم إطلاق سراحه بفارغ الصبر، ويعد الأيام والساعات المتبقية من سجنه، وما أثقل السجن على نفس البريء.

سجن النبي يوسف عليه السلام بضع سنين، ومن دون جريرة اقترفها، ثم أتى أمر الإفراج، ومن أعلى سلطة في مصر، لكن النبي رفض الخروج من السجن، وكما تخبرنا بذلك الآية الكريمة التالية:



[وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّلاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ] (سورة يوسف:50)

رفض النبي يوسف عفو الملك والخروج من السجن، لأنه عفو من دون براءة، وطلب منه التحقيق في التهمة التي أدخلته السجن، فكان له ما أراد، وتأكدت للملك والناس براءة ساحته من التهمة الباطلة التي قذفته بها امرأة العزيز.

وتبين الآية التالية من نفس السورة صدور الأمر الثاني بإطلاق سراح النبي من السجن بعد البراءة، وثبوت حفظه للأمانة، وبالتالي جدارته بتولي أرفع منصب في مصر:

[وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ] (سورة يوسف:54)

بالمقابل ترشح بالأمس القريب النائب اللبناني سمير جعجع لمنصب رئاسة لبنان، وهو مدان بتهم خطيرة وسجين سابق أطلق سراحه بعفو، وعلى النقيض من النبي يوسف خرج من السجن ولم يطالب بإعادة محاكمته، وهو في سلوكه هذا مخالف تماماً لسيرة النبي العظيم يوسف عليه السلام.

سمير جعجع غير ملزم بإتباع سيرة النبي يوسف كما وردت تفاصيلها في كتاب المسلمين المقدس، لكن ذلك واجب على كل المسلمين، وكل أنبياء الله قدوة للمسلمين، وعليهم الاهتداء بسيرهم الموصوفة في كتاب الله، وبالتالي فإن كل من صوت أو سيصوت لسمير جعجع من نواب المسلمين في المجلس النيابي اللبناني مخالف لهذا المبدأ الإسلامي، وهو مبدأ إنساني وعقلاني أيضاً يتفق معه كل صاحب ضمير يؤمن بالعدل.

( للإسلام غايتان عظمتان هما الإحياء والإصلاح ووسيلة كبرى هي التعلم)