معذرة دولة الرئيس.. مستقبلكم السياسي مرهون بإرادة الشعب!!

في الحياة ... كما في لعبة الشطرنج النظرة البعيدة هي التي تكسب.... برنادشو

بعد التحية...
ما معمول به في كل دول العالم حين تفشل الحكومات في اداءها على اكمل وجه ترفع رايتها البيضاء ، وتصرح بفشلها امام مجالس نوابها ، ايذانا منها ان تباشر برلماناتها بالبحث عن بديل يحقق ما عجزت عنها الحكومة من تحقيقها للشعب ، ولهذا نجد ان هذا النمط من الحكومات تحظى بالتقدير من شعوبها رغم عجزها وفشلها لسبب بسيط جدا هو انها فضلت مصلحة شعوبها على اجتهادات اشخاصها ، بل فضلت ان تكون كبيرة في عيون شعوبها التي منحتها الثقة وانتخبتها وفق معايير الانتماء الوطني ، خصوصا حين تدفعها الاحساس الوطني والكبرياء والعزة بالنفس ان تعترف بعدم قدرتها على مواصلة مشوارها والتفاعل مع المستجدات بما تراها شعوبها على اساس مصلحتها الوطنية ، وبالعكس من ذلك فان الاصرار على الفشل وعدم الاعتراف فهي خطيئة كبرى التي لن تغفر لها التاريخ ، خصوصا حين ينتهي الوقت ، ولم يبقى فرصة للتصحيح سوى الرحيل ....

دولة الرئيس...

لست معنيا بما سيتمخض عن العد والفرز ، ومن سيتصدر القوائم في الانتخابات التي تدور حولها الشكوك من كل جانب ، ربما ستكون قائمتكم من اكبر القوائم التي حصدت اصوات الناخبين ، خصوصا والدلائل كلها تشير بذلك الاتجاه ، بل وتؤكدها التلميحات الدولية والاقليمية وحساباتها السياسية والاقتصادية في المنطقة ان منحكم الثقة لولاية ثالثة مسالة واردة ..!! ولكن كل ذلك لا يمنعنا من الكتابة عن مسار حكومتكم لفترة ثمان سنوات وعجزها في توفير ابسط مقومات الحياة الطبيعية للمواطن ، والازمات الكبيرة التي تشابكت كلها مع بعضها ناهيك عن اللاحقات من الازمات التي تنتظركم بعد ان تأكد للجميع ان العديد من التيارات الشيعية الكبيرة تقف بالضد من تجديد ولايتكم ، بل شهرت بطاقتها الحمراء بهذا الخصوص ، فيما اكدت المرجعية على لسان مكاتبها على ضرورة التغيير بما ينسجم مع اهتمامات الشارع وطموحاته الوطنية التي بقيت على كف (عفريت) بسبب شدة صراعاتكم مع كل الاطراف ، والاوضاع المتأزمة التي تمخضت عنها حرب مكشوفة تخوضها القوات المسلحة بكل انواع صنوفها في المناطق الغربية من البلاد ، وتتستر عن بيان نتائجها اعلامكم الرسمي والخاص بسبب التعتيم المفروض على مجرياتها الميدانية ، ونقل صورتها الحية والمراحل التي قطعها الجيش مع (داعش) هذا التنظيم المعادي والمتطرف الذي لم يهدد مسار حكومتكم فقط بل يهدد بان يعيد بالعراق الى ما بعد عصور التخلف والجهل ، وبالتالي فان فشلكم يكمن في حصر هذه الحرب الدائرة في مساحة طائفية ضيقة تجدون فيها طموحكم السياسي وما تصبون اليه من اهداف...

لذلك فحين تشتد حالة الرفض لولايتكم الثالثة فإنها ناجمة عن فشلكم في احتواء الازمات على اسس وطنية بل وضعتكم جل اهتماماتكم في خانة الصراع الطائفي ، ولا تدخرون جهدا الا ووضعتموه في هذا الاتجاه ، لضمان مكاسبكم السياسية التي وفرت لكم فرصة الظهور كنجم سياسي بلا منازع ..!! و بسببها تحولت بلادنا الى بلد استغلال فرص البحث عن الذات من قبل الطبقات الانتهازية التي تشارككم النفوذ والسلطة و تنقصها الوعي الوطني ، ولا تعرف شيئا عن معنى الانتماء الوطني ولكنها فرضت وجودها واصبحت أداة تنفيذية أضعفت من قدرتكم على مواجهة الفساد والفاسدين ، وأنتم تحملون وزر ما يفعلون باعتباركم رئيساً منتخبا وفق معايير دستورية وقانونية للانتخابات ...

دولة الرئيس ..

مشكلتكم وكل مشاكل زعماء ورؤساء منطقتنا تكمن في نقطة ضعف واحدة انهم يخافون شعوبهم ويفتقرون الى مبدأ العدالة والمساواة ولا يفهمون الديمقراطية بمعناها الصحيح ، ولهذا نجدهم يبنون تصوراتهم الخاطئة على اساس واحد هو من يدعي بحقوقه المشروعة ويطالب بها يمكن ان يتحول الى خصم لدود ليقود في اية لحظة تمردا أو انقلابا يطيح بهم وبنظامهم ولا يكونون في النهاية الا من الخاسرين ..

ولهذا دولة الرئيس نجدكم وبكل اسف بهذا السوء من التقدير تخافون الشعب وتخافون الاحتكاك به ، والسؤال عن ما يعانيه من انعدام تام للأمن والخدمات والمسائل الحياتية الاخرى ، و توظفون كل الامكانات المتاحة لكم وثروات بلدكم العراق لشراء المدافع والطائرات والصواريخ ، ومن ثم بناء مؤسسات عسكرية خاصة بكم لا علاقة لوزارة الدفاع بتمويلها وتدريبها بل وحتى تسليحها ، وهي قوات تعمل خارج ارادة المؤسسات العسكرية أي انها جناح عسكري خاص لكم وفق درجات الولاء المطلق التي لا تتردد في تنفيذ اوامركم حصرا ، ولا تجد صعوبة في فرض نفسها اينما حلت ونزلت ، بمعنى ان الشارع العراقي لا يجد ايضا صعوبة في تسميتها بقوات خاصة بكم شخصيا تحميكم من غدر (الخصوم) .. ولهذا نعتقد جازمين ان مركبتكم الديمقراطية هو سلاحكم الوحيد لمحاربة الديمقراطية وتشويه صورتها ، وهو دليل عجزكم في مواجهة خصومكم بالممارسات الديمقراطية الصحيحة التي تلزمكم ان تكونوا على مسافة واحدة بين كل الاطراف ، و المصيبة تكون اكبر حين تأخذون الاعداء الحقيقيين لكم وللعراق عموما بالأحضان وتمارسون النفاق السياسي مع وجوه كانت حتى الامس القريب (تلعن) بالشيعة ورموزها ومقاماتها عبر فضائيات مأجورة مخصصة للطعن بثوابتكم المذهبية ...

واخيرا دولة الرئيس ... اعتقد ان مستقبلكم السياسي مرهون على سيناريوهات عديدة في ظل تنامي قوة الرفض الشعبي للولاية الثالثة ، وانتم مصرون على تجديدها من خلال ما تشعرون به من قوة ونفوذ سياسي تمكنتم من خلالها شراء الذمم والاصوات ، و التي لا يمكن اعتبارها الا بخطوة البداية للمزيد من الاحتقان السياسي ، ولا تدركون حجم مخاطره على مسار العملية السياسية بشكل عام ، اذا ما تهيأت الارادة العراقية الحقيقية التي ينبغي احترامها اسوة بالزعماء الكبار ومغادرتكم لموقع المسؤولية عن طريق ممارستكم للديمقراطية بوجهها الناصع ، لتكونوا كما عرفتكم ميادين النضال ضد الاستبداد والدكتاتورية والحكم الفردي المقيت..