المال لك والموارد للمجتمع

لست عدوة لمواقع التواصل الاجتماعي ولا لأجهزة الاتصالات الحديثة، لا من قريب ولا بعيد، بل إنني أستخدمها بكل دقة وأستفيد من إمكاناتها وسرعة نقل المعلومة، لكنني دوماً أدعو لنكون منتجين للمعلومات لنفيد الآخرين لا مستقبلين ومروجين لكل خبر كاذب وشائعة مغرضة. وقد نشرت أكثر من مقالة تعليقاً على أخبار علمية ونحوها وصلتني على تطبيقات التواصل في أجهزة اتصالاتنا.

واليوم أحمل لكم خبراً أيضاً تم تداوله ونشره على نطاق واسع لدرجة أنه وصلني مرتين، قيمته تكمن في موضوعيته ودقته وملامسته لظاهرة نعاني منها وهي التبذير والإسراف. يحكي أحدهم القصة ـ إذا صحت - فيقول: «عندما وصلت إلى هامبورغ، رتب زملائي الموجودون في هامبورغ جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم. وعندما دخلنا المطعم لاحظنا أن كثيراً من الطاولات فارغة. وكان هناك عدد قليل من السيدات كبيرات السن، وكنا جياعاً. طلب زميلنا الطعام كما طلب المزيد لأننا نشعر بالجوع .. وبما أن المطعم كان هادئاً، وصل الطعام سريعاً.
لم نقض الكثير من الوقت في تناول الطعام. عندما غادرنا المكان، كان هناك نحو ثلث الطعام متبقياً في الأطباق. لم نكد نصل إلى باب المطعم إلا وبصوت ينادينا! لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن عنا إلى مالك المطعم، ثم تحدثن إلينا وفهمنا أنهن يشعرن بالاستياء لإضاعة الكثير من الطعام. قال زميلي: «لقد دفعنا ثمن الغداء الذي طلبناه؛ فلماذا تتدخلن فيما لا يعنيكن؟». إحدى السيدات نظرت إلينا بغضب شديد، واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدهم.
بعد فترة من الوقت، وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه «ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية»، وحرر لنا مخالفه بقيمة 50 مارك! التزمنا جميعاً الصمت. أخرج زميلي 50 مارك قدمها مع الاعتذار إلى الموظف. قال الضابط بلهجة حازمة: «اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها .. المال لك لكن الموارد للمجتمع. وهناك العديد من الآخرين في العالم الذين يواجهون نقص الموارد، ليس لديك سبب لهدر الموارد». احمرت وجوهنا خجلاً، ولكنا اتفقنا معه. قام زميلي بتصوير تذكرة المخالفة وأعطى نسخة لكل واحد منا كهدية تذكارية»!
انتهت القصة والمغزى منها واضح ومعناها جلي ولا يحتاج شرحاً، كنت أفكر ماذا لو تم سن هذا القانون لدينا وهو كتابة مخالفة لكل مبذر ومستهلك لموارد المجتمع، وديننا حذر وشدد على حفظ النعمة. لن أتخيل ما الذي سيحدث، وأترك لكم رحلة الاستنتاجات والإجابة.