بكل بساطة, وبلغة الأرقام, فإن الولاية الثالثة التي تعد البرنامج والمشروع والهدف لقائمة دولة القانون؛ ذهبت أدراج البرلمان المقبل..!
الخريطة التمثيلية المقبلة, جاءت وفق تناقض مشاريع, أو بالأصح صراع أرادتين؛ الأولى ماضية بإتجاه التجديد للسيد المالكي, وهي التي حصلت على (95) مقعد أو أكثر بقليل إذا ما أضيف لها مقاعد ساندة لا تتجاوز أصابع اليدين, هؤلاء معظمهم أنتخب مشروع التجديد للسيد المالكي؛ ولعل تتبع مجريات الحملة الإنتخابية يكشف هذا النهج الذي صور على إنه مشروع إدارة دولة..!
أغلب الكتل الأخرى المشتركة في الإنتخابات, سيما الكبيرة, أتفقت وتبانت وجدانياً على رفض الحديث عن الولاية الثالثة, ومعظم هذه الكتل أنسجمت فيما بينهما حتى في مرحلة السعي للحصول على أصوات الناخب؛ وجميع جمهورها لم يكن متحمساً لبرنامجها المعلن, بقدر تحمّسه لتنحية السيد المالكي والتعجيل بتشكيل حكومة يرأسها شخصية لا تعتمد الأزمة في العمل السياسي, على أملِ الخروج من تراكمات المشاكل, وتفكيك بعضها التي صارت كوارث مزمنة..!
الإرادة التي صرّحت علناً بالتغيير؛ تتخلص بمجموعة من الكتل التي بدأت تلملم أوصالها؛ أول هذه الكتل هي (المواطن, ولأحرار) المصرين على تشكيل تحالف وطني بصيغة جديدة, قد لا تضاف له أرقام أخرى فيبقى كما هو (65) مقعد.. البيت الكردي سبق الجميع وسوّر وضعه من أي أختراق محتمل, فأجمعت قواه على رفض السيد المالكي, وإن عاد فلا عودة مع العراق!.. يبدو إن الأكراد وجدوا بها الفرصة المناسبة لتحقيق واحد من هدفين, أحدمهما يمثلهم جميعاً, وهو الذهاب نحو (الكونفيدرالية), والثاني هو إختزال الصراع المستفحل بين المركز والأقليم برئاسة السيد البرزاني..القوائم الكردية (55) مقعداً, بإنتظار مرشح بديل للمالكي, يكون مرشحاً عن الإئتلاف الوطني, وتكوين حكومة إئتلافية تجمعهم مع الكتل الرافضة لمبدأ الولاية الثالثة..!
مكونا القائمة العراقية المتشظية, تمثلها الآن ثلاثةِ كتل رئيسية: (متحدون, الوطنية, العربية), العربية بقيادة صالح المطلك, ليس لها موقف ثابت, وتعد القائمة الأقرب للسيد المالكي, شرط حصوله على أرقام مريحة..غير إن المكونين الآخرين (متحدون, والوطنية) يؤكدان بمقاعدهم القريبة من (50) مقعداً, على المضي قدماً برفض المالكي أو اللجوء لخيارات لا تقل خطورة عن الخيار الكردي..
كل هذه الأرقام, هي لغة باحثة عن بديل للسيد المالكي, ولإئتلافه, ترجمتها الإنتخابات..قد يحصل تلاعب في الإرادة الشعبية التي مثلها كحد أدنى (170) مقعد برلماني, فضلاً عن القوائم الصغيرة والساعية أصلاً للتغير وفق برنامجها المعلن ككتلة التحالف المدني؛ غير إنها تعد إرادة جماهيرية وتفويض شعبي يقضي بعزل السيد المالكي عن رئاسة الوزراء..أي تفاهمات أخرى, أو حديث آخر عن مواثيق وعهود وصفقات جديدة, يعني تنصلاً واضحاً من الكتل الداعمة للتغير, وإنقلاباً على إرادة الناخب الذي فرمل عملية صناعة النسخة الجديدة من (القائد الضرورة)..!
|