_ غباء سياسي في غابة سياسية _
يعد المشهد السياسي العراقي في هذه الفترة مشهداً سياسياً معاقاً وعليلاً لما يحمله من مفارقات يعجز الفكر عن وصفها إذ لم يشهد العصر السياسي الحديث ومنذ بداية القرن الماضي تخبطاً وتشوهاً أعظم مما نسمع ونرى هذه الأيام فلا نظريات سياسية نحترمها ولا رجال سياسة محترمون.. فلقد غادر أهل السياسة الحقيقيون ساحتها ومعهم كل القيم والنبل والشهامة.. تاركين لنا أشباح سياسة لايفقهون!
فيا للعجب! فمنذ عشر سنوات لا نجد في العراق مُستقرّاً ولا مُقاما في دولة إنتظر شعبها التغيير نحو الأحسن بعد أن تخلص من نظام حاكم مستبد إتصف بكل قساوة وإجرام.
لقد تعاظمت الجرائم السياسية وكثر السياسيون بالشكل الذي فاق التصور وهم يتحركون بإسم الدين والقومية والمذهب وذلك في سوق عكاظهم الجديد، وإننا لنرى غابة عريضة، وغباء سياسي لم يشهده العراق من قبل ؟!
وفي الصراع الخاسر أضحت أكثر البيوت السياسية والدينية مظلمة بالذي تحمله من الجهل والطمع والتطلع الى الحكم والسلطة بلا قدرة على الفهم والحركة وياللأسف فإن أكثر الأصحاب يعجبهم الضعف والخلاف والبقاء في المربع الصغير!
إن الديمقراطية التي خططنا لها بالأمس اصبحت تختلف كثيراً عن الديمقراطية التي تحكمنا اليوم فهي ليست كتلك الديمقراطية المرسومة في عقول المفكرين.. فالشراكة والتوافق والمحاصصة هي السائدة في عصر الفتنة!
لقد ذهبت مفاهيم الوطنية أدراج الرياح ولم تعد الوطنية والقومية والدين والمذهب إلا مَرْكَباً يصل بالسياسيين إلى السلطة، وأضحى الشعار هذه الأيام (ناولني السلطة وسأفعل لك المستحيل؟!).
لقد أدرك الشعب اليوم إن مهمة التغيير لابد منها وأن من الضروري عزل العناصر اللاوطنية المتردية وإستبدالها بالأحسن، ولن تَفُتَّ المؤمرات والتجمعات بعضد الإنتصارات الديمقراطية التي حققتها الأغلبية.
إن على السياسيين الذين فشلوا في الإنتخابات أن يفسحوا المجال أمام النواب الجدد من ممثلي الشعب لتشكيل حكومة تتسم بالكفاءة والمهنية ذات صدق وإستقلالية في إتخاذ القرارات الصائبة دون تدخل ما لرؤساء الكتل والأحزاب الذين لايهمهم سوى تحقيق الطموح الشخصي وتكبيل العملية السياسية وشلها، إننا نتطلع الى حكومة أغلبية ديمقراطية منتخبة لاحكومة إنتهازيين وهو أمر ليس باليسير، فمختبر السياسة يغادره الخاسرون ويحل محلهم الفائزون.
نتمنى لبلدنا ولمواطنينا عراقاً ديمقراطياً قوياً لاتحكمه الأحزاب.. عراق ديمقراطي حر يحكمه الأكفاء والأبرار.
|