محما وحاجي... خفة دم سياسية مالحة

الدين النصيحة , والكلمة الطيبة صدقة , على الرغم من انتفاخة الوجنتين الفارهة , الا ان ابتسامة محما خليل استطاعت العبور بين هضباتها , وهو يدلي بنصيحته الى التحالف الوطني ( الشيعي ) حسب تعبيره , الذي يفترض بنا وبالطبقة السياسية قد غادرت هذه التوصيفات , مع تصريحات نبذ الطائفية السياسية والشوفينية التي تتشدق بها الشخصيات السياسية الكردية عندما يتعلق الأمر بأي اشكال يمس الكرد بطرف , كانت تصريحات المحما واضحة المعالم لكنها متخفية النية حيث طالب التحالف الوطني بترشيح ثلاثة اسماء ليتسنى للحلفاء الآخرين اختيار احدهم , بالتأكيد العملية وتصريحاتها ذكرتني ببطاقات اليانصيب واشهرها التوتو واللوتو , وهنا لابد ان نستحضر استفهاما لوتويا مهما , اذا كان التحالف الوطني ملزم تحت غطاء المصلحة الوطنية ان يدفع بثلاثة مرشحين لمنصب رئاسة الوزراء ؟ فلم لا تلزم الاطراف الاخرى من الشركاء انفسها بذات القاعدة , كأن يكون للكرد ثلاثة مرشحين لمنصب رئيس الجمهورية وللقوى المتحالفة في خيمة المكون ( السني ) المتوشح بالعلمانية المهلهلة كالقائمة الوطنية والعربية ومتحدون ثلاثة مرشحين لمنصب رئيس البرلمان ايضا ؟ أم ان التحالف الوطني بمقاعده الاكثر هو ابن ( البطة السوداء ) بحسب المثل الشعبي القديم , انكم يا سادتي الساسة ارتضيتموها هكذا فعليكم قبولها كما هي , طائفية سياسية وقومية متشنجة اكبر من غطاءات تصريحاتكم الوطنية , وهي مثبتة بالمواقف على كونها لا تعتلي فوق المصالح الحزبية والشخصية الضيقة , اكدتها تصريحات حاجي المعلنة , (أن لا تفاوض كردي على تشكيل الحكومة دون حسم كردية كركوك وخانقين ) والمناطق (المتقاتل) عليها , بشكل شخصي لدي الكثير من الاستفهامات على سلوكيات المالكي في ادارة الدولة وبنائيتها , لكن ذلك لا يضع السيد النجيفي في موقع المسؤولية لتقرير مصير العراق القادم وهو يصف المعارك الدائرة في المنطقة الغربية على انها حرب طائفية شيعية ضد داعش , وكأن داعش طيف مذهبي عراقي وليس شلة من الارهابيين المفخخين لابرياء العراق نساءا وشيوخا وشبابا واطفال , بالاضافة الى فشله الواضح في ادارة مجلس النواب واقحامه في مهاترات مع الحكومة مما اضعف دور المجلس الرقابي بشكل ملحوظ , كما ان علاوي لم يخرج من دائرة التقصير السياسي والكسل البرلماني بعد مغادرته قبته لتسعة سنوات , تحت قاعدة ( لو العب لو اخرب الملعب ) , اما البرنامج الوطني الذي خطه السيد البرزاني فقد تلوثت كل اوراقه عبر ميناء جيهان وشحنة النفط اللا شرعية , وهي كما سابقاتها من المواقف التي اعتادت عليها منهجية السيد البرزاني في اقتناص الازمات وصولا للمكاسب , مما يضعف فرصة استمرار التعايش الكردي العربي الى حد كبير مستقبلا , واما شركاء المالكي في تحالفه فانهم على مقربة جدا من ردود افعال قرائنه , فعلى مستوى تمسك خصوم المالكي  بمواقفهم الرافضة لولايته الثالثة يقف شركاءه وتتأسس مواقفهم المستقبليه , وحتى بعض من حلفاءه بنصف مواقف , والذين يستغويهم موقع رئاسة الحكومة والذي تخفت اصواتهم بمقدار اعداد مقاعدهم المتواضعة كالإصلاح الوطني, فقد بدت مواقفهم منتصفة المسك للعصا , عبر تلميحات مغازلة غير معلنة , حول القبول الخارجي للمرشح وكأن رئيس الحكومة العراقية القادم لابد له ان يوحد المواقف الاقليمية والدولية المتصارعة منذ قدوم آدم الى الارض , ويبقى الشد والجذب مرهونا بقوة تماسك دولة القانون وارادته الحقيقية في تولي المالكي لولاية ثالثة , ان المراقب للمشهد السياسي العراقي يستطيع وبشكل بسيط جدا ان يشخص مجموعة تناقضات تتلاقفها مصالح سياسية ضيقة ليس وجود المالكي او عدمه ما يقرر وجهة البلد فيها , وبالتالي فان هذه القوى لا تستطيع اخراج العراق من محنته ما لم تتغير مناهجها وآليات تعاطيها مع بناء الدولة على اساس المواطنة والكفاءة , ورفع مؤهلاته بخيمة وطنية حقيقية , بعيدة عن كل زخم خارجي , او هوية حزبية بدون برنامج واضح , او هوية مذهبية مزيفة , تختفي وراءها جرائم الاستحواذ على السلطة والمتاجرة بمعاناة ابناءه , بالرغم من امتلاك العراق لمقومات النجاح من الناحية الاقتصادية والجغرافية وحتى المجتمعية .