أكثر من مائتي نائب سابق فشلوا في الانتخابات لماذا ؟؟

مثلما النجاح مطلوب ومرغوب، فأن الفشل قد يكون مفروضا إما بسبب ظروف قاهرة، أو سوء تقدير وانشغال بالعبث واللهو وما سواهما، لذا فأن المجتمع يستهجن الفاشل الذي تكون مسببات النجاح له مواتية، وهو ما ينطبق تماما على أعضاء مجلس النواب السابقين، الذين خرجوا بخفي حنين من المنازلة الانتخابية الاخيرة، حيث شطب الشعب أسمائهم من ذاكرته وسجلهم في القائمة السوداء وهم أكثر من ثلثي أعضاءه .

أن هذا الموقف الحاسم، يعكس رأي الشعب بهذا الكم الفاشل الأداء، الكثير الكلام والممل، والذي ادى للتنافر والقتل، والمطلوب ممن فلت من عقاب الشعب هذه المرة أن يعيد النظر بحساباته ويعتبر ممن سبقه وأن يتجاوز الشكليات، التي لا يقدم وجودها شيئاً لسجل الانسان الوطني في نظر العامة، لأن ليس بمواكب السيارات الفخمة المضلله التي تصرخ ليل نهار (عن .. عن.. عن ) تبنى هيبة الانسان وحتى إن أنبهر بها من الساذجين أحدا إلى حين، فأنه سيسترجع حتما ويسأل نفسه من أين جاء هذا، بهذا .

أعتقد أن تجربة اربع سنوات كافية جداً لصقل مواهب من يشاء في احتواء شكلاً أو نمطاً من أنماط الحياة أو البراعة في أعمال معينة، ويُعد العمل البرلماني واحداً من هذه الفقرات، خاصة وأن مناقشات القوانين في مختلف المجالات كانت مطروحة على الطاولة، ناهيك عن الجوانب الاقتصادية، والأمنية، الخدمية، والصحية، التي كانت محاور مهمة في كل السجالات التي دارت في قاعة وأروقة البرلمان، وهي تجارب كافية لتراكم الخبرة، وتجاوز ضعفها ، والأفتقار للثقافة، وعقدة الشعور بالنقص، التي تجعل البعض يحقد على كل من هو أحسن عطاءا ( العين تكره من هو أحسن منها ) .

لا أريد أن أستثني من حالفه الحظ في البقاء في البرلمان من هذه المعادلة، حتى وأن ضمنوا الاستمرار بدورة البرلمان اللاحقة، لأن الكثير من هؤلاء صمدوا إما لأسباب حزبية، أو قبلية، أو طائفية، أو عرقية، وحتى مادية ( كثرة البذخ على الانتخابات ) خاصة وان العوز قد ألم بكثير من أبناء الشعب المسحوق وأنهكهم، لذا فأن المطلوب من الثلث المتبقي من أعضاء البرلمان السابق أن يتحملوا وزر مرارة المرحلة القادمة، بتفاني وإخلاص كي يعوضوا ولو بعض الشيء عما سلف، وعليهم تجنب التأويل، والتأليب، والتهويل الذي عشناه فيما مضى ودمر الشعب والوطن .

أما المطلوب من الأعضاء الجدد، الذين سيكونون في تماس مع أعضاء يمثلون كتلاً أخرى تعبر بدرجات متفاوتة عن طموحات الناس، فأن عليهم دراسة التجربة السابقة ( إن أرادوا النجاح ) بمهنية وعمق لتقليل الخسائر، التي أصابت الوطن في كل نواحي الحياة، والذي ما زالت موازنته معطلة، بسبب الانانية، والمصلحية، والبحث عن المجد الشخصي على حساب الشعب .

الحقيقة التي لا لبس فيها هي أن تعدد الكتل والأحزاب بهذا الشكل المسرف، مضافاً اليها الطموح الفردي الشخصي النزق، قد أربك العملية السياسية العراقية وأدخلها في متاهات مظلمة لا نهاية لها، ولن تعطي حلاً لمشاكل البلاد، أن أستمر الحال على ما هو عليه، ولا أُريد أن أستشهد بالدول التي تدعي أنها ترعى الديمقراطية، ولكنني أود أن أستشهد بمصر التي تقدم للترشيح والتنافس على رئاسة الجمهورية فيها أكثر من عشرة أشخاص، واُختزلوا بين منسحب، وعدم تطابق المواصفات عليه، ليستقر التنافس على شخصيتين فقط، وهذا شيء سيجنب مصر الكثير من المصائب التي نعيشها .

أن الشعب العراقي وأنا منه نتحمل مسؤولية هذه الفوضى الطانبة، بل نحن جزءا أساسيا فيها وعلينا تجاوز الاعتبارات التي أشرت أليها آنفاً، وان نبحث عن ذاتنا في أسم خالد أسمه العراق حفاظا على مستقبله، وهناء أطفالنا، أن كنا نفكر بذلك، ولا نجعل منهم حطب القادم من الأيام .