فرض التحالف الوطني الذي يضم القوى السياسية الشيعية نفسه على الساحة السياسية كأكبر قوة تحدد هوية رئيس الوزراء لكل الحكومات المنتخبة ومنذ سقوط النظام الدكتاتوري في التاسع من نيسان من العام 2003. فالتحالف الذي كان يدعى بالأئتلاف العراقي الموحد نجح في الفوز باول انتخابات برلمانية جرت في العام 2005 لأنتخاب جمعية وطنية تولت كتابة دستور العراق جديد وانبثقت عنها حكومة رأسها الدكتور أحمد الجعفري عضو التحاالف. وتكرر الأمر في الانتخابات الثانية التي فازت بها مرة أخرى قائمة الأئتلاف العراقي الموحد التي شكلت الحكومة برئاسة عضو الإئتلاف نوري المالكي وذلك في العام 2006. واما في العام 2010 فقد انشق الإئتلاف االعراقي الموحد الى إئتلافين أحدهما إئتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي الحالي والأئتلاف الوطني الذي ضم قوى المجلس الأعلى والتيار الصدري وغيرها من القوى الشيعية. ويعود سبب الإنشقاق حينها الى اشتراط المالكي على قوى التحالف حينها الموافقة على بقائه في منصبه كشرط لبقاء التحالف.
وبعد ان ظهرت نتائج الإنتخابات حينها والتي أسفرت عن خسارة المالكي وفوز إئتلاف العراقية بها عاد المالكي الى أحضان التحالف الوطني الذي دبت به الحياة مرة أخرى بفعل ضغوطات من المرجعية الدينية ومن الشارع الشيعي ومن إيران خشية فقدان الشيعة للمكتسبات التي تحقت لهم بعد السقوط. الا ان عودته الى التحالف لم تشفع له بنيل ثقة العديد من قوى التحالف التي أصرت على إستبداله إلا انها وفي نهاية المطاف وبعد مفاوضات عسيرة إستمرت لعدة شهور وافقت على بقائه في منصبه شريط إشراكه مختلف القوى السياسية في صناعة القرار وعدم تهميش أي من مكونات الأئتلاف او القوى خارجه وقد امضى المالكي إتفاقية أربيل مع القوى الأخرى والتي نصت على عدة بنود واهما إعتماد مبدأ الشراكة في إدارة البلاد و تقاسم المناصب السيادية وإجراء المصالحة الوطنية وحل مشكلة المناطق المتنازع عليه وغيرها من البنود التي تنكر لها المالكي جميعا.
فدخات البلاد في عهد الدكتاتورية المقيتة والهيمنة المطلقة للمالكي واتباعه على كافة مقدرات الدولة وتهميشه لمختلف القوى السياسية وبضمنها قوى التحالف الوطني التي رشحته للمنصب حيث ادار ظهره لها بل وشن عليها حملة تسقيطية كبيرة لم تستثن أحدا وخاصة المجلس الأعلى والتيار الصدري ورموزه. ولم يعد للتحالف الوطني أي سلطة عليه بل إنه لم يتمكن من حمله على تعيين وزير للداخلية من داخله بل استمر في إدارة الوزارة وكالة وحتى اتنهاء ولايته. وبذلك فقد إتخذ المالكي التحالف الوطني جسرا للوصول الى السلطة وإحكام قبضته عليها وتسخير مواردها المختلفة من عسكرية وإقتصادية وإعلامية وسياسية لضمان بقائه في منصبه لولاية ثالثة ولتحجيم القوى الوطنية وخاصة الشيعية منها . وقبيل خوض الأنتخابات الأخيرة صرح إئتلاف المالكي بعزمه تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدا عن التحالف الوطني وخاصة قطبيه الأساسيين المجلس الأعلى والأحرار.
واليوم وبعد ان فشل في تحقيق فوز بالأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تحقيق أحلامه في تشكيل حكومة أغلبية سياسية وفي ظل المعارضة الشديدة للقوى السياسية الأخرى لبقائه في منصبه فقد عاد المالكي مرة اخرة لذات اللعبة وذلك برجوعه لخيمة التحالف الوطني الذي مزقه شر ممزق , فهو يحاول اليوم معاودة الكرة والظفر بولاية ثالثة عبر نافذة التحالف الذي يسعى لضمان ترشيحه . فهل ستعيد قوى التحالف الوطني الكرّة مرة أخرى وتتحول الى جسر للمالكي لتحقيق مآربه في البقاء على كرسي الحكم وإحكام قبضته وقبضة عائلته على السلطة بعد ان فشل فشلا ذريعا في غدارة البلاد؟ فهل ترضى تلك القوى لنفسها أن تصبح مطيّة للمالكي للبقاء في منصبه ولاية أخرى؟ وماذا سيكون موقفها امام الشعب والتأريخ وفوق ذلك أمام الله؟
|